28‏/12‏/2011

ثورتنا حُسَينيَّة


في المحرم من كل عام أسترجع ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه وعلى جده وآله أفضل صلاة وأتم تسليم .. أسترجع تلك الذكرى الأليمة التي لم أجد في التاريخ ما هو أكثر إيلاماً ولا بشاعة منها .. مسلمون – أو من يدعون الإسلام – يقتلون بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
أسترجع تلك الذكرى فيعتصر قلبي ألماً وكمداً وحزناً .. واليوم وبعد مرور قرابة العام الهجري على ثورة الخامس والعشرين من يناير ، ومع حلول شهر محرم لأول مرة بعد الثورة ، أجدني لا أستطيع أن أبعد عن عقلي فكرة المقارنة بين ظروف استشهاد سيدنا الحسين وبين واقع ثورتنا المرير.. بالطبع لست أقارن بين شخص حفيد رسول الله وبيننا ولكني أقارن حاله بحالنا ..


لمن لا يعرف.. فالإمام الحسين لم يخرج محارباً اليزيد عليه لعنة الله ، ثورة الإمام الحسين كانت ثورة سلمية .. خرج من مكة المكرمة لا ليقاتل بل ليبتعد عن بيت الله الحرام الذي يعلم مدى حرمة القتل فيه ، وليس أي قتل .. إنه قتل حفيد رسول الله في بلد الله الحرام وفي الشهر الحرام .. فيا لها من حرمة مغلظة .. حرمة الشخص والمكان والزمان ...
حين خرج سيدنا الحسين من أرض مكة لاقاه سيدنا عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ليسأله ألاّ يخرج ليُقتَل .. فأجابه سيدنا الحسين: "لأن أقتل في مكان كذا وكذا
أحب إلي من أن أُقتَل بمكة" .. كان يعلم أنه سوف يستشهد ، فالظروف التي يحياها لا تبشر إلا بالشهادة التي وعدها به جده عليه وعلى آله أفضل صلاة وأتم تسليم ، فآثر أن تنتهك حرمته خارج البلد الحرام على أن تنتهك داخله .. خرج ليكون وسط قوم آخرين كان من المفترض أن ينصروه إلا أنهم خانوه وتركوه يواجه اليزيد وزبانيته .. تماماً كحزب الكنبة الذي تركنا للمجلس العسكري الذي خان ثورتنا وبدلا من أن يحمينا تركنا نتخبط يمنة ويسرة بين بقايا نظام بائد هو جزء منه وبين مخاطر خارجية ، ولم يكتف المجلس بهذا بل قام بقتلنا وحبسنا ومحاولة تكميم أفواهنا ، وبعد كل هذا أشاع أن كل من أمسك حجارة وقذفها على أفراد الإرهاب المركزي وأن كل من استخدم سلاحاً لرد العدوان هو (بلطجي) وأنه خالف سلمية الثورة ويستحق الموت والتشهير به!!!!

ويحكم يا لكم من ضالين مضلين!! جعلتم الكثير يقتنع بترهاتكم .. تماماً كما يقول البعض ممن ينتسبون إلى الإسلام – والإسلام بريء منهم - : إن الإمام الحسين مخطىء لأنه خرج على الحاكم الذي هو اليزيد!! تبت أيديهم ولعنوا بما قالوا .. بل هو ثائر للحق وبالحق واستشهد في سبيل الحق ورسول الحق أسماه "سيد شباب أهل الجنة" .. جميعنا يعلم أن الخروج على الحاكم أمر يسبب الفتنة ، فكيف لسيد شهداء أهل الجنة أن يكون من أهل الفتنة؟!!!! اتقوا الله يا من تَلبِسُون الحق بالباطل!
وما أشبه الليلة بالبارحة! فما قيل عنه هو وأتباعه قيل عن ثوارنا الذين ما خرجوا طمعاً في سلطة ولا جاه ولا منصب وإنما خرجوا ليقولوا كلمة الحق .. ليطالبوا بتطبيق العدالة الحقيقية لا العدالة العرجاء.. خرجوا ليصححوا كفة الميزان المعوج .. كيف لنا أن نكون خارجين على الحاكم إذا كنا لم نشهر سلاحاً في وجهه سوى سلاح الكلمة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم : "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"..

لقد قتلنا وانتهكت حرماتنا وعُذِّبنا وسُجنّا وشُوِّهت سمعتنا من حاكم ادعى أنه حاكم عادل جاء بعد سلطان جائر فما وجدناه إلا أكثر جوراً وأشد غلظة .. هل خروجنا عليه دون إشهار سلاح هو خروج على الحاكم؟!!!
تباً لمنطقكم الأعوج الأعرج!!
تباً لمن استغلوا الدين ورجال الدين لظلم أصحاب الحق!
تباً لكل شيطان أخرس شهد الظلم ثم رضي عنه ليُرضِي ضميره الجبان!
تباً لكل غبي يبحث عن استقرار مع حاكم ظالم!
تباً لكل متخاذل عن نصرة الحق وأهله!

ثورتنا حسينية .. سلمية لا استسلامية .. أقول هذا لا للتأكيد على سلمية ثورتنا ولكن لشرح أمر يجهله الكثيرون .. إن سيدنا الحسين حين خرج من مكة لم يكن خارجاً للجهاد بالسيف ، لكنه حين خذله من حوله ووجد نفسه وجهاً لوجه أمام جيش البغي الذي أرسله اليزيد لم يكن أمامه خيار آخر سوى أن يشهر سيفه .. لا ليعتدي بل ليصد العدوان .. نعم لقد قاتل سيدنا الحسين بسيفه .. قاتل عملاً بالمنطق الذي يتيح للمرء الدفاع عن نفسه إذا ما اعتدي عليه .. وقبل المنطق قاتل سيدنا الحسين عملاً بقول الله تعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله" ، والإمام الحسين لم ينطبق عليه الجزء الأول من الآية كما أوضحتُ سابقاً وكما أثبت التاريخ .. إلا أنه ينطبق عليه الجزء الثاني "فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي" .. أعيدوا قراءة واستيعاب وفهم الآية "فقاتلوا" .. نعم ، لقد كـُـتِب القتال على سيدنا الحسين حين بغى عليه جيش اليزيد.

كيف لنا ألا نقتدي بسيد شهداء أهل الجنة؟! كيف لنا ألا نقتدي بحفيد نبي الحق؟! كيف لنا أن نصلي على آل بيت النبي كل يوم خمس مرات في تشهد كل صلاة ثم لا تقتدي بهم في سلمهم وفي حربهم ثم بعد ذلك ندعي أننا نطبق شرع الله؟!!
ثورتنا حسينية .. خرجنا نعلنها "سلمية سلمية" .. فكان الرد هو الموت .. القتل .. الغاز .. سرقة نور الأعين .. حبس الشجعان .. تشويه سمعة الشرفاء .. كيف لنا ألا نرد؟!! لقد استطاع شياطين الحاكم أن يقنعوا الكثير من المصريين أن من يمسك بحجارة ليرد بها على قنبلة غاز قاتلة أنه بلطجي!! تباً لكل شيطان يزين الشر لأوليائه ويوسوس في صدور الناس بالباطل!
ثورتنا سلمية .. لكن لنا الحق في أن نرد العدوان عنا..
ثورتنا سلمية .. والحجارة – التي هي سلاحنا - ليست كالرصاص والقنابل والنبال..
ثورتنا سلمية .. ولا لوم علينا إن استخدم سلاحاً– أياً كان هذا السلاح – لصد العدوان..
ثورتنا سلمية لا استسلامية ..
إننا لم نخرج بأسلحة صوبناها تجاه صدور أي من الشعب ، بل خرجنا عُزَّل من السلاح فوجدنا العدوان بكل أشكاله .. فلا تلوموا من يبحث عن أي سلاح ليصد به العدوان .. هو ليس ببلطجي ، هو ببساطة يرفض الاستسلام الذي يسوغ للكثير فكرة تلقي الرصاص الدامي بصيحات السلمية..
سيقول البعض إنني من المحرضين .. ليكن .. نعم أعترف أنني من المحرضين على الاقتداء بثورة سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه .. أحرض على عدم الاستسلام للمعتدي بالباطل على الحق .. أحرض على تطبيق قول الله تعالى " فقاتلوا التي تبغي " .. شرفٌ لي أن أكون من هذا النوع من المحرضين ..

ويا ثوار مصر .. أدعوكم بقدر حبكم لهذا البلد ورغبتكم في أن تبدأ مصر الكتابة بحروف من نور في صفحة جديدة من العدل والحرية والمساواة ونصرة الحق .. أدعوكم بقدر إيمانكم بما ثُرتم من أجله أن تجتمعوا من أجل تحقيقه .. حرية هذا الوطن مكفولة بكلمة واحدة "الوَحدة" .. فلتوحدوا صفوفكم ..
لماذا لا ندعوا جميعاً لاجتماع يوم الجمعة القادم أو التي تليها ، وليكن هذا الاجتماع في مكان عام يسع كل من أراد أن يبني هذا الوطن على العدل لا على الظلم .. وليوفر من يستطيع كل الأجهزة المرئية والصوتية التي تتيح للجميع رؤية ما سيعرض وسماع ما سيقال لنعلن فيه عن الرغبة في تشكيل مجلس لقيادة الثورة .. ولنضع أولاً معايير اختيار أفراد هذا المجلس ومعايير أخرى لاختيار قائد مجلس قيادة الثورة ، وليكن أهم تلك المعايير عدم اختيار شخص ممن رشحهم المجلس العسكري لحكومة انقاذ أو لمجلس استشاري ، وعدم اختيار أي من كبار السن للمجلس أو لقيادته .. وليس في هذا تهميش لدورهم فلهم منا كل الاحترام والتقدير ، لكن ثورتنا هذه كانت في الأصل ثورة شباب .. ومصر الحاضر لن ينهض بها إلا الشباب ، لذا وجب علينا أن يكون المجلس من صناع الحاضر ومخططي المستقبل لا من صناع الماضي .. ورغم ذلك فأنا أطالب بتعيين مجلس استشاري يتكون من كبار رجال مصر الذين ساندوا الثورة لنطرح عليهم الأمور المثيرة للحيرة لنستفيد من خبرتهم .. ولنقم بانتخابات تستمر لمدة أسبوع حتى الجمعة التي تليها على أسماء عديدة نطرحها من الشباب (ذكوراً وإناثاً) ممن شاركوا في الثورة ، وليتم انتخاب 7 منهم مثلاً ، ثم – ولمدة أسبوع أيضاً – نقوم بانتخاب رئيس لهذا المجلس من أفراد هذا المجلس ليكون القائد لهذه الثورة .. يمسك زمام الأمور بيديه ويوحد صفوف الثوار إذا ما اختلفوا ..

ليكن هذا قبل الخامس والعشرين من يناير ، وليتم الاقتراع في صناديق مخصصة لهذا ، وكما وجدنا من تطوع لحراسة الميدان ومن تطوع بإمداد الثوار بالغذاء والغطاء والدواء قسوف نجد الكثير ممن ستيطوع لحراسة صناديق الانتخاب ولتنظيم صفوف المنتخبين ، أما فرز الأصوات فهي مهمة لجنة يجب تشكيلها أولاً قبل بدء الاقتراع حتى يتحقق النظام وتتحقق النزاهة ..
حتى إذا جاء الخامس والعشرين من يناير القادم كانت ثورتنا منظمة لا مجرد ثورة نختلف أحياناً على هدفها فتتفرق صفوفنا تبعاً لهوى كل ثائر فيسهل لعدونا حينذاك التخلص منا وقمع ثورتنا مرة أخرى.. أيها الثوار الزموا الوَحدة ، فنحن إذا ما نجحنا في تنظيم صفوفنا فإننا سنثبت لحزب الكنبة وللمجلس العسكري وللعالم أجمع أننا قادرون على قيادة هذا البلد والاجتماع تحت راية واحدة في سبيل رفعة هذا البلد الذي نعشق ترابه، ولا نرغب إلا في أن نراه شامخاً عزيزاً .. فمصر هي تاج العلاء في مِفرق الشرق.

أعود وأذكر الجميع مرة أخرى .. ليس فقط المصريين وإنما كل البلاد العربية التي اعتدى فيها من يدعون أنهم حماة الوطن على أصحاب الحق .. في اليمن والبحرين وسوريا وفي كل بلد ستقوم فيها ثورة .. ثورتنا سلمية لا استسلامية .. وسنصد العدوان بأي سلاح ، ولن نكون حينئذٍ مثلهم ، فهم دعاة الباطل ونحن دعاة الحق .. هم عبيد عروشهم يتشبثون بها ، ونحن نريد أن ننتزعها منهم بالحق لنعطيها لمن يحكم بالحق ..
أكرر مرة أخرى .. إننا لن نبدأ بالعدوان ، فالمجلس وزبانيته هم من بدأوا .. لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي إذا ما واجهونا مرة أخرى بعدتهم وعتادهم .. كُتِبَ علينا القتال .. قالها الله تعالى في كتابه العزيز "كُتِبَ عليكم القتال وهو كُرْهٌ لكم" .. إنه السبيل الوحيد لانتزاع السلطة والحرية والمستقبل من بين أنياب من يريدون أن يذهبوا بأوطاننا إلى مستقبل أشد ظلمة من حاضرنا الذي أظلموه بظُلْمهم .. ما أُخِذَ بالقوةِ لا يُستَرَد إلا بالقوة..
ثورتنا حسينية .. لسنا الحسين ولكننا أتباعه ، و
زبانية المجلس العسكري من الإرهاب المركزي والشرطة العسكرية هم جيش اليزيد ، وحزب الكنبة هم من خذلوا الحسين .. من خذلوا الحق ..
سنمضي في طريقنا .. فلينضم إلينا من شاء وليتخلف عنا من شاء .. لكننا لن نتراجع .. فثورتنا حسينية .. فإما النصر وإما الشهادة ، وكما قال غاندي: "تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر".
أيها المصريون .. أيها العرب .. ثورتنا حسينية .. سلمية لا استسلامية.

الدقي
14/12/2011م
19/1/143
3هـ

هذا المقال تم نشره في موقع راديو رابية تحت باب خاص بي بعنوان "من وحي الثورة" ، وهذا هو رابط المقال في الموقع:
http://news.radiorabia.com/?p=5921

16‏/12‏/2011

مش ذنبنا



مش ذنبنا

يبقى العذاب مكتوب لنا

مش ذنبنا

نحتار ونسأل نفسنا:

الحكم دا من حقنا؟!!

ولاّ مهوش مقسوم لنا؟!!

ولاّ مجرد حكم عسكر

عِشنا بيه من صُغْرِنا؟!!

مش ذنبنا

لو تُهنا يوم عن بعضنا

ولاّ الأمان راح مننا

مش ذنبنا

كلمة يقولوها جُنْدنا

تفرض علينا حُكْمِنا

ونعيش بقية عُمرنا

من غير م نسأل نفسنا:

الحُكْم ده جَه برضانا؟!!

ولاّ غصبن عننا؟!!

والحُكْم دا من حقنا؟!!

ولاّ مش مقسوم لنا؟!!

مش ذنبنا

مستوحاة من أغنية الفنان الكبير والقدير علي الحجار "مش ذنبنا"

أميمة الشاذلي

مساء الجمعة

16/12/2011م
21/1/1433هـ

25‏/11‏/2011

وسقط القناع


في خضم هذه الأحداث أجدني مضطرة لأن أكتب إلى كل من يقرأ .. لمن كان له قلب يشعر به .. لمن كان له عقل يفكر به ... للكثير ممن يجلسون في بيوتهم لا يدرون ما يحدث في التحرير ويتسائلون في برود مستفز: "انتو ليه مصرّين على اسقاط مصر؟!! ثم انتو ايه اللي يوديكم لشارع محمد محمود؟!! م تخليكم في الميدان ... انتو كده بتلقوا بأيديكم إلى التهلكة.. وتستاهلوا اللي يجرالكم لانكم عاوزين تقتحموا الداخلية" ، والعجيب أن أسمع جزءاً من هذا الكلام من بعض من هم في التحرير.. هم لا يفهمون لماذا يقف الرجال (الأسود) في شارع محمد محمود!! لا ألومهم بل أحترم مجرد نزولهم للمشاركة حتى وإن لم يفهموا.. فقد عز عليهم أن يروا إخوة لهم تراق دماؤهم دون أدنى ذنب حتى وإن لم يفهموا سبباً لتواجدهم هناك .. لهذا وجدت من الواجب عليَّ أن أوضح لكل من يريد أن يفهم .. أما من لا يريد فأدعو الله أن يشغله بنفسه ويكفي مصر والمصريين شره..

ليعلم كل مصري لا يذهب إلى ميدان التحرير أن من في التحرير هم خليط عجيب من كل فئات الشعب المصري .. من أفقر فقير وحتى أغنى غنيّ .. كان أولهم أناس قرروا أن يعتصموا بمنتهى الاحترام والسلمية حتى تتحقق مطالبهم .. أتعرفون من هم؟ إنهم مصابوا ثورة يناير .. الذين كان ولا يزال المجلس العسكري هو وحكومته يدعون أنهم قد قاموا بإعطائهم حقهم كاملاً كذباً وبهتاناً .. هؤلاء هم شرارة اندلاع ثورة نوفمبر .. حين قرر مصابوا ثورة يناير الاعتصام يوم الجمعة الثامن عشر من شهر نوفمبر .. اعتصموا في منتصف الميدان بعيداً عن طريق السيارات والمارة .. حيث لا ضرر ولا ضرار ... ولكنهم فوجئوا بالغدر من كلاب المجلس العسكري حين هاجموهم ليفضوا اعتصامهم بالقوة .... كان من الممكن أن يظل الأمر على ما هو عليه دون أن يتطور إلى ثورة ثانية يحتشد الملايين من أجلها .. لكن الله تعالى أراد أن يزيد من غباء المجلس وحكومته ليميز الخبيث من الطيب .. لكي يكشف المجلس عن أنيابه .. وليرى العالم كله تواطؤ حكومة ضعيفة مع عسكر مستبد .. حكومة لم تستطع حتى أن تقدم استقالتها من أول مرة طالبها فيها الثوار بهذا بعد الاعتداءات المتكررة على الثورة والثوار من قبل العسكر وفلول النظام ..بل إننا كنا في كل مرة نرى أنباء برفض المجلس العسكري للاسقالة الوهمية والتي لو كنت مكان عصام شرف لتركت الحكومة كلها ونزلت التحرير كما وعدت الثوار على الرغم من رفض العسكر... لكن عصام شرف أثبت لنا أنه بلا شرف.. فقد خان شرف كلمته ووعده..

قامت ثورة التاسع عشر من شهر نوفمبر استكمالاً لثورة الخامس والعشرين من يانير "ليمحص الله الذين آمنوا".. لنعلم من الصادق ومن الكاذب.. من الذي يبحث عن مصلحة مصر ومستقبلها ومن الذي لا يبحث إلا عن مصلحته .. سقطت الأقنعة وأزيح الستار ليكشف لنا حقيقة كل من كان يتشدق بأنه مع الثورة وأنه من الثائرين .. فالكثير من الثوار كانوا يصرون على عكس ما كنا نقول ولم يصدقوا كلامنا إلا بعد يوم السبت الدامي.. التاسع عشر من شهر نوفمبر .. حين رأوا ردود أفعال التخبة والأحزاب والجماعات على جرائم الحرب التي يرتكبها العسكر ضد مصريين مسالمين غير مسلحين .. كنت أقول للإخوان ألا يبيعوا عقولهم لقيادتهم لأن القيادة لا تبحث إلا عن مقاعدهم في السلطة والحكومة ومجلس الشعب.. ولم يصدق (العقلاء) من الإخوان هذا إلا يوم السبت .... كنت أقول للسلفيين إن مشايخهم لم يكونوا يوما مع الثورة وأنهم لا يبحثون أيضاً إلا عن مصالحهم وأنهم يستخدمون الإسلام في هذا والإسلام بريء مما يقولون أو يفعلون .. لم يصدقني أحد منهم بل واتهموني بالليبرالية ومعاداة الدين رغم أني أزهرية أعتز بديني ولا أنتمي إلا له وأحاول تطبيق ما أراه يتفق وروح الدين ومبادئه ... لم يصدقوني إلا يوم السبت حين وجدت أحدهم يسير في ميدان التحرير وهو يضع على ظهره ورقة كتب عليها: "أنا سلفي .. لست تابعاً لأحد إلا لديني ثم حرية هذا البلد .. وأرفض بيان الدعوة السلفية المنبطح فقد كفرت بالأشخاص" .. كم احترمته رغم اختلافي مع فكره وطريقة تطبيقه للدين!! كم احترم كل شخص يرفض أن يبيع عقله لجماعة أو شيوخ أو حزب!!

سقطت الأقنعة .. وأيقنت أن المخدوعين قد أفاقوا من غيبوبتهم وانقشعت الغشاوة التي كانت على أعينهم ... فاطمأننت على مصر وأهلها .. ولكن بقي أمامي تساؤل الباقين من المصريين المتخاذلين الذين جلسوا في بيوتهم أو الفلول الذين يحاولون إظهار خوفهم على من هم في التحرير .. بقي تساؤلهم عن سبب تواجد (أسود الثوار) في شارع محمد محمود ... بمنتهى البساطة أقول لهم إن جنود الأمن المركزي والشرطة العسكرية التي ترتدي زي الأمن المركزي والزي المدني .. كل هؤلاء يتمركون في شارع محمد محمود والذي – بالمناسبة- لا علاقة له بوزارة الداخلية التي لا تقع في آخر هذا الشارع كما يتوهم البعض ... كل هؤلاء حين توافد الثوار بعد فض اعتصام مصابي ثورة يناير .. قاموا بالاعتداء عليهم من هذا الشارع وألقوا عليهم القنابل المسيلة للدموع وصوبوا ضدهم الخراطيش والخرز .. فاضطر أسود الميدان من المتظاهرين إلى الاحتشاد في شارع محمد محمود لحماية بقية المتظاهرين في الميدان .. يقومون بهذا بالتناوب حتى يمكنهم الصمود طول اليوم .. لا يملكون سلاحاً يردون به على أوغاد (إرهاب) الدولة والشرطة العسكرية سوى الحجارة .. الحجارة التي يستطيع الأمن المركزي بمنتهى السهولة أن يصدوها بدروعهم التي يمسكونها في أيديهم .. ولن تؤذيهم حتى بدون الدروع لأنهم يرتدون خوذات تقي رؤسهم .. في حين أن أغلب المتظاهرين لا يرتدون شيئا على وجوههم ولا على أعينهم ولا على رؤوسهم إلا القليل ممن استطاع أن يبتاع أقنعة الكربون التي لايمكنها حماية أنف مرتديها من أثر دخان قنابل الغاز التي تبقى عليهم وإن كانت تخفف من ضررها .. هؤلاء العزل تلقى عليهم القنابل فيستنشقون رائحتها ويختنقون فيموتون أو ينقلون إلى المستشفى الميداني.. تصوب على أعينهم وأجسادهم الخراطيش فيتلقونها بشجاعة ويسقطون جرحى أو فاقدي البصر .. وأخيراً يصوب ضدهم الرصاص الحي فتسقط أجسادهم وترتفع روحهم إلى عنان السماء شهداء الحق والحرية .. وبعد كل هذا تتسائلون لماذا هم في شارع محمد محمود؟!!!

بالأمس .. قام شيوخ محترمون من الأزهر بفصل المتظاهرين عن قوات (الإرهاب) المركزي، طالبوا قوات الإرهاب بوقف ضرب المتظاهرين مقابل أن يتوقف المتظاهرون عن رشقهم بالحجارة (التي لا أجد ضرراً في ضربها على قوات مسلحة ومدرعة) .. وبعد تنفيذ الاتفاق أذن لصلاة المغرب فوقف مشايخ الأزهر ومعهم بعض المتظاهرين للصلاة خلفهم .. وفجأة سُمِعتْ أصوات إطلاق قنابل غاز على المتظاهرين مرة أخرى .. قال البعض أن سببها سب بعض المتظاهرين لقوات الإرهاب وإلقاء الحجارة عليهم .. في حين قال آخرون أن الإرهاب المركزي هو من غدر بالثوار دون أي اعتداء عليهم من المتظاهرين.. وأنا أجد في الحالتين غدراً بالثوار .. فلا السب ولا قذف حجارة (عديمة المفعول) يكون الرد عليها بضرب القنابل والرصاص المطاطي والخرطوش ... فالحجارة بالنسبة لجنود الإرهاب المركزي ليست إلا كمخدة قطنية ألقاها شخص على آخر فرد عليه الآخر بلكمة في وجهه وعينه .... من المعتدي؟! من الإرهابي؟! من معه القوة؟! من معه السلاح؟! من بيده قتل الآخر وفقء عينه؟! من بيده قنابل غاز؟! هل هم المتظاهرون؟! أفلا تعقلون؟! أفلا تتفكرون؟!!

وهكذا عاد الاعتداء على المتظاهرين .. لن أسميه الاشتباك .. فالاشتباك يكون بين طرفين متساويي القوة ، أما ما يحدث في ميادين مصر فهو اعتداء من مسلحين بالقنابل والرصاص الحي على متظاهرين عُزَّل لا يملكون سوى حجارة لن تؤذي من يمسك في يده درعاً ويرتدي فوق رأسه خوذة واقية .. ويتواصل الاعتداء من قبل جنود الإرهاب المركزي برعاية المجلس العسكري.. يتواصل صمود أسود التحرير أمام الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز ...
لوحة يكسوها دخان القنابل وتلونها دماء الشهداء .. لوحة حية بحياة المتظاهرين بأجسادهم .. والشهداء بأرواحهم التي ترفرف فوق ميدان الحرية والكرامة .. ليس في القاهرة وحدها ولكن في كل ميادين مصر .. فهناك في الإسكندرية والسويس والإسماعيلية ودمياط والمحلة لوحات أخرى بديعة تتجسد فيها بطولات بعيدة عن أضواء الإعلام .. إنهم أسود مصر .. حراس مصر .. أبناء مصر الحقيقيون الذين لا يكترثون لحاكم ولا يبحثون عن سلطة .. وإنما يبحثون عن وطن لم يحكمه حتى الآن إلا كل مرتد لقناع يخفي به قبح وجهه ...... والآن يا مصر قد سقط القناع عن الجميع.. عن العسكر والأحزاب وكل كاذب أفاك..فلتتأملوا الوجوه القبيحة إن شئتم أن تعرفوا حقيقتها .. أو لتغضوا بصركم حتى لا تروا جبنكم .. ولتقنعوا أنفسكم أن ثوار مصر (بلطجية) و(فوضويون) لا يريدون لمصر الاستقرار.. اقنعوا أنفسكم أننا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة .. فلتقنعوا أنفسكم بما شئتم ، فأعينكم - حين تغضون الطرف عن بغي وطغيان العسكر - عمياء لا تبصر .. ولتتركونا في الميدان نهدي أعيننا لوطن عز علينا أن يفقد بصره سنين طويلة .. دعونا وشأننا لتبصر مصرُ الحرية بأعيننا .. ولتواصلوا بحثكم عن مقاعد برلمانية .. فنحن نبحث لأنفسنا عن مقاعد للحرية والكرامة والعدالة.. فإما أن نحصل عليها وإما أن نحصل على مقاعدَ صِدْقٍ عند مليك مقتدر.

أميمة الشاذلي

الخميس: 24/11/2011م

28/12/1432هـ

12‏/10‏/2011

الكاتدرائية رايح جاي



كان يوماً عظيماً من أيام مصر .. ليست حرباً انتصرنا فيها على عدو .. ولكنها مسيرة تجلت فيها أجمل معاني الحب والإخاء .. إنها مسيرة العباسية التي انطلقت في العاشر من شهر أكتوبر من أمام الكاتدرائية المرقسية للتنديد بالمجزرة التي تم ارتكابها بشأن متظاهري ماسبيرو والذين كان غالبيتهم من المسيحيين الذي جاءوا ليطالبوا بإعادة بناء الكنيسة التي تم هدمها من قبل بعض الجهلة الذين ظنوا أنفسهم يد الله في الأرض أو يد قانون لا يعرفون منه سوى اسمه.
بدأت رحلتي من أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية حوالي الساعة الثالثة .. كان بعض الشباب قد تطوعوا لتنظيم دخول المصلين وكانوا يطالبون كل من يدخل برفع يده حتى يشاهدوا الصليب لأن هذه كنيسة للصلاة وليست ساحة للتظاهر .. ولم يدخل من المسلمين سوى الصحفيين أو الصحفيات .. في الحقيقة لم أشأ دخول الكنيسة احتراماً للموقف ؛ لكي أفسح المجال لمن أتى للصلاة .. فهم أولى مني بالدخول وليس من الجيد أن أتزاحم معهم من أجل سبق صحفي أو تسجيل مع أناس يؤدون شعائرهم الدينية.
انتظرت حوالي نصف ساعة أو تزيد حتى سمعت صوت هتافات تخرج من داخل الكنيسة ، وكانت هذه هي اللحظة التي أنتظرها .. خرجت جموع غفيرة ما كنت أتخيل أن الكنيسة تستوعبها .. خرجت ومن بينهم كانت رؤوس الفتيات المحجبات بارزة تهتف معهم بصوت واحد ورحت أهتف مع الجميع: "يا نجيب حقهم.. يا نموت زيهم" .. كان هذا هو الهتاف الرئيسي الذي خرجنا به من محيط الكنيسة في طريقنا إلى المستشفى القبطي .. أخدنا نسير جنباً إلى جنب .. وبرغم الغالبية المسيحية التي أسير وسطها لم أشعر بالغربة .. كان الكل ينظر إلي نظرة محبة وإخاء وتأبى شفاههم البسمة كما يأباها حزني وغضبي ونحن في مسيرة جنائزية كهذه .. كانت جموع غفيرة تقدر بالآلاف إلا أنني لا أملك مهارة تحديد العدد .. كنا نهتف بصوت واحد وبرغم الغالبية المسيحية لم أسمع هتافاً طائفياً أو يخص المسيحين وحدهم باستثناء هتافين رددوهما قليلاً "بالروح .. بالدم .. نفديك يا صليب" و "ارفع راسك فوق انت قبطي" .. وكنت أردد الهتاف الأخير معهم حيث إنني أعتبر نفسي كبقية المصريين قبطية .. فكلمة قبطي لا تشير إلى ديانة وإنما كانت تطلق قديماً على أهل مصر جميعاً ومنها جاءت كلمة مصر بالانجليزية، أما بقية الهتافات فكانت للوحدة الوطنية ولسقوط العسكر والمشير وللمطالبة بأخذ الثأر من القتلة .. وكان من بين تلك الهتافات: "مسلم ومسيحي ايد واحده" ، "لينا اخوات مسلمين .. ع اللي بيحصل مش راضيين" و "يسقط يسقط حكم العسكر .. احنا الشعب الخط الأحمر" .
كنا نسير سيراً لا أستطيع أن أقول عنه إنه سير بطيء إلا أنه جعل المتظاهرين ينقسمون إلى نصفين تقريباً مما دفعنا إلى التوقف حتى نعط الفرصة للمتأخرين لللحاق بنا .. وفوجئت وأنا في سيري بالناشطة السياسية "نوارة نجم" وسرنا معاً .. كان يبدو عليها الإجهاد إلا أن هذا لم يمنعها من أن تنبري بهتافات رددها وراءها المتظاهرون كانت تتبلور حول فكرة تعنت العسكر وعنفهم مع بني وطنهم في الوقت الذي لا نسمع لهم صوتاً عند الحدود ولم نر لهم ردة فعل مشرفة للأخذ بالثأر ممن قتل جنودنا هناك ، كما هتفت بسقوط المشير والمجلس العسكري وطالبت بالثأر لمن قُتل يوم التاسع من أكتوبر. وكان إلى جوارنا أيضاً سيدة مسيحية نحيفة كان ترتدي الأسود ويبدو عليها التأثر كما لو كانت من أهل أحد شهداء ماسبيرو .. كانت تنتحب وتهتف بصوت مبحوح: " وحياة دمك يا شهيد .. لالبس اسود من جديد". في الحقيقة لم أكن أرتدي الأود .. فقد فضلت أن أرتدي حجاباً بألوان علم مصر وكان اللون الرئيسي فيها هو الأحمر في دلالة على الدماء التي كنا وما زلنا نبذلها في سبيل تحقيق حلمنا الثوري "عيش.. حرية .. عدالة اجتماعية".
أكملنا السير بنفس الحماسة وفي وسط الطريق كان على الجهة الأخرى من الشارع تسير السيارات بعضها كان يحيينا بمزمار سياراته .. إلا أنني فوجئت بشخص من المتظاهرين الذين أخذتهم الحماسة والغضب فوقف فوق سيارة ثم أخذ يقفز فوقها بقوة في محاولة لتحطيمها .. لم أتمكن من رؤية السيارة نظراً للزحام الشديد إلا أنني سمعت بعض المتظاهرين يقولون إنها سيارة تابعة للشرطة .. لكن الأمر لم يستمر سوى بضعة ثوانٍ حيث منعه بقية المتظاهرين مرددين الهتاف الشهير "سلمية .. سلمية" فنزل وانضم للمتظاهرين وأكملنا طريقنا باتجاه المستشفى القبطي في سلام ، رأينا فوق كوبري - لا أعرف اسمه - جموعاً من المارة تكتلت لتنظر إلينا .. بعضها كان يؤيدنا والبعض كان يشير بالنفي أي أنه لا يوافق على ما نقول ، بعضهم انضم إلينا والبقية تفرقوا بعد دقائق قليلة .. وكنا بين وقت وآخر نتوقف لنترك الفرصة للمتأخرين أو لآخرين للانضمام إلينا .. فقد كان العدد في ازدياد.
وصلنا إلى المستشفى القبطي ، وعلمت هناك أن (المسئولين) لم يعطوا تصريحاً بخروج سوى أربع جثث أو خمس رغم أن عدد الشهداء كان يزيد عن العشرين.. وذلك لأسباب تتعلق بتصوير الإعلام الذي يأبى (المسئولون) أن يُنقل من خلاله مشهد ضحايا ماسبيرو والتي تدلل على عنف ووحشية العسكر في التعامل مع المتظاهرين ، وذهبت مجموعة من الشباب للتبرع بالدم بينما توقفنا جميعاً لنردد هتافات الوحدة الوطنية .. كانت الفتيات المحجبات يسرن وهن ييرفعن المصاحف من بين صلبان رفعت جميعهاً جنباً إلى جنب حتى أن بعض المسلمات كن يتعمدن رفع الصليب في صورة واضحة لاحترام رموزنا الدينية حتى مع من يختلفون معنا في العقيدة .. فالعقيدة لا تفرق بين مصري وآخر، فجميعنا مصريون وحسب.
أخذنا نكرر نفس الهتافات السابقة مع إضافة هتافات أخرى تنعي الشهيد "مينا دانيال" والذي قتل غدراً من قبل قوات الجيش المصري أمام مبنى ماسبيرو يوم التاسع من أكتوبر ، ولم يضايقني من الهتافات سوى هتاف واحد كان يذكر اسم الرئيس الراحل أنور السادات رحمة الله عليه ذاكرين طريقة مقتله في إشارة إلى ما اعتبره (البعض) انتقاماً إلاهياً مما فعله السادات بالبابا شنودة مذكرين المسئولين بأن الرب يمهل ولا يهمل . كان هذا هوا الهتاف الوحيد الذي أزعجني كثيراً إلا أنه لم يتكرر سوى مرتين ثم لم يكرره أحد بعد ذلك ..وبعد قليل ظهر أمامنا رجل في الثلاثين من عمره ذو لحية متوسطة الطول يرتدي جلباباً بنيّ اللون مما يعطي انطباعاً بأنه أحد السلفيين .. ظهر محمولاً على الأعناق وهو يهتف: "مسلم .. ومسيحي.. ايد واحده" .. فهلل الحاضرون له في تأثر شديد ثم أمسك بصليب رفعه في يد وفي اليد الأخرى كان يرفع المصحف وهو يقول: جئت بعد أن شاهدت الجثث التي شاهدتها والتي جعلتني لا أملك إلا أن أشارك في هذه المسيرة لأننا أبناء وطن واحد ولأن ما حدث هو جريمة بشعة لا يرضاها أي دين .. ونحن جميعاً مصريون ، فصاحت سيدة بجواري: "ربنا يكتر من أمثالك". أخذ ذلك الرجل يردد معنا هتافات كان أبرزها " حط محمد جنب حنا .. مصر بلدنا حتبقى جنة" و " حط صليب ويّا هلال .. كلنا مينا دانيال".
استمرت الوقفة الاحتجاجية بكامل عددها حتى الخامسة والنصف حيث بدأت الأعداد تتناقص نظراً لانصراف البعض إلى حال سبيله بعد أن أدى دوره وشارك كأي مصري في واحدة من أروع مظاهرات ما بعد الثورة .. وقررت أنا الانصراف في السادسة إلا ربع بعد أن قرر باقي المتظاهرين إكمال مسيرتهم إلى التحرير.
كنت لا أدرك في أي شارع أنا ولا كيفية الوصول إلى مترو الأنفاق .. سألت إحدى المتظاهرات عن كيفية الوصول إلى أقرب محطة لمترو الأنفاق فدلتني على الطريق ثم أمسكت بيدي وقالت: "حوصلك بنفسي" .. كانت سيدة مسيحية في أواخر الأربعينات أو أوائل الخمسينات من العمر وكان اسمها "مريم" .. كانت تبدو على ملامحها الأصالة والطيبة المصرية .. وقرأت في عينيها رغبة في إكمال المسيرة مع المتظاهرين إلى التحرير، أخذت ألح عليها في أن تتركني وتذهب خاصة وأنني قد عرفت طريقي "واللي يسأل م يتوهش" ، إلا أنها أصرت إصراراً عجيباً على أن تصحبني بنفسها من أمام المستشفى القبطي وحتى محطة مترو غمرة .. أخذنا نسير قليلاً حتى وجدنا شباباً من المتظاهرين يقفون على ناصية الشارع مانعين دخول السيارات إلى مكان التظاهر مطالبين السائقين بأخذ طريق آخر .. فانبرت السيدة التي أسير معها مخاطبة سائقي السيارات والحافلات: "ارجعوا بدل م يكسروا عربياتكم .. أنا بقولكم اهوه" .. ابتسمْت .. فلم يقم المتظاهرين أبداً بتكسير السيارات التي عبرت إلى جوارنا أثناء التظاهر بل على العكس كنا نفسح لها المجال لتمر في أمان الله . إلا أنني أدرك أنها بفطرتها لم تشأ إخافة السائقين وإنما كانت حريصة عليهم بنفس درجة حرصها على المتظاهرين من عبور سيارة مسرعة وسطهم .. وأثناء تحدثها مع سائقي السيارات مرت بجواري فتاتان محجبتان .. سمعتا ما تقوله السيدة وعرفتا الموقف برمته إلا أنني فوجئت بهما يسألانني: "انتي ماشية معاها ليه؟ دول هوما سبب المشاكل" .. فرددت عليها قائلة: "ليه؟ هيا صهيونية وانا مش واخده بالي؟ دي مصرية زيها زيي" كنت أريد توعيتهما أكثر من هذا وبيان تضليل الإعلام المصري لهما وللكثير مثلهما إلا أن القدر لم يمهلني فقد عادت السيدة لتمسك بيدي ولم أشأ أن أخوض في أمر كهذا مع الفتاتان خاصة وأنه أمر حساس قد يؤثر على السيدة "مريم" بالسلب ..
أكملت معها المسير .. كنا نتجاذب أطراف الحديث حول تضليل الإعلام المصري وتشدد بعض الشيوخ الذين هم السبب الرئيسي في المأساة التي وصلنا إليها من وراء خطبهم المتطرفة المحرضة التي تلهب أتباعهم وتدفعهم لممارسة العنف مع الطرف الآخر دون إعمال للعقل وفي تجاهل لروح الإسلام السمحة التي تأبى العنف والظلم ، أخذت أحدثها عن بعض المواقف التي تعرضتُ لها أنا كمسلمة من بعض المتطرفين المسلمين لأوضح لها أن المشكلة ليست في مصريتهم ولا في دينهم وإنما في فكرهم المبرمج على بعض المبادىء المغلوطة والتي لا يعني الإمعان فيها سوى المواجهات العنيفة حتى مع من هم من نفس دينهم تحت دعاوى تطبيق الشريعة الإسلامية التي لم يفهموها حق الفهم ...
وصلنا أخيراً إلى محطة غمرة بعد أن قطعنا المسافة في قرابة النصف ساعة ، وعرفت وقتها أنها تسكن في الجوار. أخذت تلح علي في ود صادق أن تصحبني معها إلى منزلها لتناول طعام الغداء وأن لديها من سيوصلني حتى منزلي بسيارته .. في الحقيقة لم أشعر أبداً أنها "عزومة مراكبية" لأن الصدق كان واضحاً من صوتها ومما قرأته في عينيها .. شكرتها بحرارة إلا أنني فوجئت بإصرارها على أن توصلني حتى داخل المحطة بنفسها .. وحين وصلنا أخذت تشد على يدي وتدعو لي وفاحتضنتها وقبلتها ثم انصرف كل منا إلى طريقه بعد يوم تجسدت فيه أروع معاني الإخاء والمحبة والوحدة الوطنية رغم جهل بعض المضللَّين الذين أدعو الله أن يهديهم إلى سواء السبيل.

أميمة الشاذلي
12 أكتوبر 2011م
15 من شهر ذي القعدة 1432هـ

06‏/10‏/2011

روح أكتوبر





في هذا اليوم من كل عام أكون في قمة التفاؤل والأمل والإشراق .. ربما لأن هذا هو اليوم المشرق الوحيد في ظلمة الليل السياسي الذي كنا نحياه .. ولكن للأسف لا أدري لماذا لا أشعر بالشيء ذاته هذا العام رغم أنه من المفترض أن يكون أول عيد للنصر بعد ثورة يناير ودون أن نحتفل في ظل وجود قائد الضربة الجوية الذي استطاب لنفسه أن يسرق مكان ومكانة من هو أعظم منه.. إنني حقاً أستغرب شعوري هذا لكن هذا الشعور لم ينبع من فراغ ، بل أعتقد أنه شعور ينبعث من منطلق الواقع السياسي المرير (المائع) الذي نحياه في ظل حكم العسكر للبلاد ، ربما لأن هذه هي المرة الأولى من نوعها التي نرى فيها الوجه المظلم من قمر الحياة العسكرية التي كنا نراها آخر ما تبقى من الأصالة المصرية .. لقد أخطأنا حين حصرنا الشجاعة المصرية في جنود المعارك الحربية .. تماماً كما أخطأنا حين حصرنا الأمل في استقرار البلاد في حكم العسكر لها .. وعلينا أن نواجه أخطاءنا بشجاعة لأننا إن لم نواجهها فسنفعل مثلما فعل الجيل السابق حين رأى أخطاءه وأخطاء حكامه ففضل أن يدفن وجهه في الرمال فابتلعته الرمال.
في ذكرى أكتوبر من كل عام أتذكر أسماء كل من ساهم في هذا النصر وعلى رأسهم أبي الروحي محمد أنور السادات والفريق سعد الدين الشاذلي رحمة الله عليهما .. وهذا هو العام الأول الذي أشعر فيه بأن الناس بدأت تعرف قيمة الفريق سعد الدين الشاذلي رحمة الله عليه . ذلك الرجل الذي لم يمهله القدر ليشهد أول فرحة بنصر أكتوبر دون وجود من محى اسمه وصورته من الإعلام .. ربما لم يمهله القدير حتى لا يشعر بما أشعر به أنا .. بأن المجلس العسكري الذي كان في يوم من الأيام قائد معركة النصر هو ذاته من يقود معركة الأسر للثوار الأحرار.
وهنا لابد وأن أطرح سؤالاً على أعضاء المجلس العسكري: أين كنتم حين شوه مبارك صورة أحد رجالكم الذي يتباهى به العالم أجمع؟ أين كنتم حين سحب منه مبارك كل النياشين والأوسمة وأصدر قراراً بإيداعه السجن؟! أين كنتم يا رجال القوات المسلحة؟! أليس هو منكم؟!
نعم هو من القوات المسلحة لكنه ليس منكم .. فمنكم من تحمونه الآن .. منكم من قام بتعيينكم فحفظتم له الجميل وهيأتم له كل ظروف الرفاهية حتى في سجنه – هذا لو صح أن نسميه سجناً- بعد أن هيأ هو على مدار ثلاثين عام لخراب مصر والذهاب بها إلى حيث لا يعلم إلا الله .. سعد الدين ليس منكم يا من لم تصونوا اسمه ولا وقفتم إلى جواره .. سعد الدين ليس منكم حين تركتم إعلام حاكمكم الأعلى يزيف الحقيقة والصور ليضع مكانها من تحمونه الآن .. سعد الدين ليس منكم .. وإذا كنتم تريدون الآن أن تتظاهروا بتكريمه فقد كرمه الله قبلكم ورفع روحه إلى عليين حيث لا نفاق ولا منافقين.
إن ما يحمل لي بعض العزاء هو محبة الناس لسيادة الفريق رغم ما فعله مبارك من طمس لحقيقته وتشويه لصورته وإهدار لكرامته .. إلا أن الحق يعلو ولا يعلى عليه ودولة الباطل ساعة ولكن دولة الحق إلى قيام الساعة .. وإذا كان مبارك قد محى صورته واسمه من الإعلام فإن التاريخ قد خط اسمه بحروف من نور لن تمحوه ظلمة الظالمين ولا ثلة المنتفعين..
لم أشأ أن يكون مقالي بهذه الكآبة في ذكرى يوم عظيم كيوم أكتوبر ، ولكني اعتدت أن أكتب ما أشعر به . إنني ولأول مرة منذ أن وعيت على هذه الدنيا أشعر أن احتفالات أكتوبر هذا العام جاءت وبالاً على مصر والمصريين .. فلأول مرة تتعطل "عجلة العمل" في البلاد بسبب الاستعراضات الجوية العسكرية !! لم أسمع عن أمر كهذا من قبل .. أعلم أن الاستعراضات تقام سنوياً ولكن لم يسبق أن تسببت في شل حركة الطيران المدني ولا في أن تكون موضوع حديث الناس في الشارع المصري .. وهنا أطرح تساؤلاً كأي مواطن مصري: لماذا تستعرض القوات المسلحة طيرانها في سماء المدن المأهولة بالسكان؟ إذا كان الغرض هو مشاركة المصريين لهم هذا الاحتفال فأود أن أبلغهم آسفة أن أياً من المصريين لم يستمتع ولم يشارك الطيران الحربي في احتفالاته .. فلم إذن تتوقف بسببه "عجلة" العمل؟! أليس هذا ما كنتم تروجون ضده فيما يتعلق بالثورة والثوار؟! ألم تكن تهمتنا حين تمسكنا بحقوقنا هو أننا نعطل "عجلة الانتاج" ؟!! فلماذا لا يرى المجلس العسكري "الموقر" أن في استعراضاتهم الجوية تعطيلاً لعجلة العمل وعرقلة لسير الحياة في مصر بشكل عام؟! ربما ينبري البعض ليقول لي أن هدف هذه الاستعراضات هو إرهاب العدو المتربص بمصر والذي ربما يكون الآن أكثر تربصاً في ظل "الانفلات" الأمني الحالي.. أقول له إذا كان هذا حقاً هو الهدف فلماذا لا تقام هذه الاستعراضات في تلك الأرض التي شهدت المعركة الحقيقية وسالت على رمالها دماء شهداء مصر؟ لماذا لا تقام هذه الاستعراضات في سيناء وهي أقرب مكان للعدو المقصود إرهابه؟! أم أن المجلس العسكري قصد من استعراضاته إرهاب الثوار أعداء "الاستقرار"؟! أم أنه قصد إرهاب الشعب حتى لا يتجرأ بالخروج على الحاكم العسكري ويؤدي له فروض الطاعة والولاء؟!! ما هو القصد من وراء تلك الاستعراضات التي تسببت في تعطيل إقلاع طائرة مدنية إلى إحدى الدول العربية ست ساعات كاملة؟! أجيبوني فلربما اختلط علي الأمر أو أسأت الفهم بشكل أو بآخر.. ولكن لماذا أنتظر الرد من أناسٍ لم يسمعوا سوى صدى صوتهم وصوت من يسبح بحمدهم؟!
إن احتفالنا هذا العام بالقوات المسلحة لن يزيد على ما كان في السنوات الماضية .. فليس للقوات المسلحة الفضل في ثورة يناير حتى ندين له بشيء أكثر مما مضى .. ولقد أعلنها المشير بنفسه أنه لم تأته الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين فممن حمانا المشير ومجلسه (الموقر) حتى نوسع نطاق احتفالاتنا هذا العام؟!! لماذا كل هذه الضجة من أجل الاحتفال بذكرى نصر مضى لم يسبق أن احتفلنا به بمثل بهذه الطريقة؟! ولماذا كل هذه الدعايا الإعلامية للاحتفال بذكرى نصر ماضٍ يكلفنا الكثير من الأموال التي من المفترض أن يتم توجيهها لما هو أولى خاصة وأن أبواقكم تنشر هنا وهناك أن مصر على وشك مواجهة كارثة اقتصادية سببها اعتصامات الثوار (المخربين) .. وكيف يطيب لكم الاحتفال بأكتوبر ودماء الشهداء لم تجف بعد في قلوبنا؟!! كيف يطيب لكم ذلك وأهالي الشهداء لم يقتصوا بعد ممن دهسوا زهرة شباب أبناءهم بأقدامهم الغارقة في وحل الفساد والظلم والاستبداد؟!! كيف طاوعتكم قلوبكم يا قساة القلوب؟!!

من جهة أخرى فإن الحاكم حين يحتفل بذكرى نصر بلاده يبتعد عن أي مواجهة عنيفة بينه وبين شعبه إكباراً وإعظاماً وتقديراً لذكرى النصر الذي يحتفل به ، فلماذا قام المجلس العسكري (الموقر) باستخدام كل أنواع القوة والعنف في تفريق المتظاهرين من أمام ماسبيرو وفي فض اعتصام التحرير في شهر أكتوبر؟! أليس التظاهر أمراً مشروعاً؟ أليس الاعتصام حق يكفله القانون ؟! هل صار التحرير ملكاً لقوات حفظ (النجيلة)؟!! أليس هذا هو الميدان الذي قلتم عنه من قبل: عودوا إليه متى شئتم ومتى شعرتم أن صوتكم لا يصل إلى الحاكم وأن مطالبكم لا تتحقق؟!! إننا لم نفعل إلا ما أردتم من قبل ولكننا اكتشفنا أنكم كنتم تقولون هذا لامتصاص قوة الثورة ثم أخذتم في تنفيذ مخطط جهنمي لإضعاف الثورة حتى إجهاضها .. ولكنكم أخطأتم حين ظننتم أننا يمكننا أن نقبل بإجهاض ثورتنا .. لا والله فلن نهدأ ولن نكلّ أو نملّ حتى تحكم الثورةُ البلادَ أو نهلك دونها.
وحين أتحدث عن قمع الثورة لابد وأن أذكر قمع الإعلام الحر المحترم .. لماذا قمتم بمنع افتتاح قنوات جديدة وقمتم بغلق قناة كل ذنبها أنها قدمت الواقع المصري من وجهة نظرها دون فبركة للأحداث أو للصور بزعم أنها لا تحمل التراخيص اللازمة لبقائها! بل وقمتم بتهديد كل القنوات التي تعارض حكم العسكر بشكل أو بآخر ، وبفرض رقيب عسكري على الصحافة ..في الوقت الذي تركتم فيه سفهاء الإعلام يرتعون ويروّجون للشائعات ويخوّنون المواطنين كيفما شاءوا؟! أين روح الثورة منكم؟! بل أين روح أكتوبر يا من تتفاخرون بانتصاركم ؟!! أليس النصر يعني الحرية؟ لماذا تحتفلون بذكرى حرية أرض ووطن في الوقت الذي تحتفلون فيه بقمع حرية المواطن؟!!
لا أدري كيف بدأت مقالي ولا بماذا يتعين علي أن أختم!! فقد قلت كل ما يعتمل في صدري.. ولكني اعتدت دائماً أن أبث التفاؤل في قلبي قبل أن أبثه في قلوب الآخرين .. لن أيأس .. سأظل أذكر أكتوبر كأمجد حرب عسكرية قامت بها قواتنا المسلحة .. لكنني لن أتقهقر في الوقت ذاته عن حربي من أجل وطن حر بلا قيود تعرقل مسيرة التقدم والنجاح والارتقاء بمصر لمستقبل أفضل .. سأجعل من كل أغنية وطنية أستمع إليها اليوم حافزاً يدفعني إلى الأمام .. سأجعل من كل مشهد لدماء شهيد سالت على أرض سيناء المباركة وقوداً لمعركة الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية ..سأستلهم من روح أكتوبر كل معاني التفاني والجسارة التضحية والإخلاص والفداء فإما أن أشارك في تحقيق الحلم المصري وإما أن ألحق بركاب شهداء الوطن.

أميمة الشاذلي
فجر السادس من أكتوبر 2011م
الثامن من شهر ذي القعدة 1432هـ


26‏/09‏/2011

شهادة المشير .. شاهد مشفش حاجة


س١ : حصل اجتماع يوم 22 يناير، هل ورد إلي رئيس الجمهورية السابق ما دار في هذا الاجتماع وما أسفر عنه وما كان مردوده ؟
ج1 : الاجتماع كان برئاسة رئيس الوزراء واعتقد أننه بلغ

س2 : بداية من أحداث 25 يناير وحتي 11 فبراير هل تم اجتماع بينك وبين الرئيس السابق حسني مبارك ؟
ج2 : ليست اجتماعات مباشرة ولكن يوم 28 يناير لما أخذنا الأمر من السيد رئيس الجمهورية كان هناك اتصالات بيني وبين السيد الرئيس

س3: ما الذي أبداه رئيس الجمهورية في هذه اللقاءءات ؟
ج3: اللقاءات بيننا كانت تتم لمعرفة موقف القوات المسلحة خاصة يوم 28 وعندما كلفت القوات المسلحة للنزول للبلد ومساعدة الشرطة لتنفيذ مهامها كان هناك تخطيط مسبق للقوات المسلحة وهذا التخطيط يهدف لنزول القوات المسلحة مع الشرطة وهذه الخطة تتدرب عليها القوات المسلحة بتنزل لما الشرطة بتكون محتاجة المساعدة وعدم قدرتها علي تنفيذ مهامها وأعطي الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة أعطي الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة اللي هي نزول القوات المسلحة لتأمين المنشآت الحيوية وهذا ما حدث

س4 : هل وجه رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك أوامر إلي وزير الداخلية حبيب العادلي باستعمال قوات الشرطة القوة ضد المتظاهرين؟ استعمال قوات الشرطة القوة ضد المتزاهرين بما فيها استخدام الاسلحة الخرطوش والنارية من 25 يناير حتي 28 يناير ؟
ج4 : ليس لدي معلومات عن هذا واعتقد ان هذا لم يحدث

س5 : هل ترك رئيس الجمهورية السابق للمتهمين المذكورين من أساليب لمواجهة الموقف ؟
ج5 : ليس لدي معلومات

س6: هل ورد أو وصل إلي علم سيادتك معلومات أو تقارير عن كيفية معاملة رجال الشرطة ؟
ج6 : هذا ما يخص الشرطة وتدريبها ولكني أعلم ان فض المظاهرات بدون استخدام النيران

س7 : هل رصدت الجهات المعنية بالقوات المسلحة وجود قناصة استعانت بها قوات الشرطة في الأحداث التي جرت؟
ج7 : ليس لدي معلومات

س8 : تبين من التحقيقات إصابة ووفاة العديد من المتظاهرين بطلقات خرطوش أحدثت إصابات ووفيات..هل وصل ذلك الأمر لعلم سيادتك وبم تفسر ؟
ج8: إنا معنديش معلومات بكده.. الاحتمالات كتير لكن مفيش معلومة عندي

س9 : هل تعد قوات الشرطة بمفردها هي المسئولة دون غيرها عن إحداث إصابات ووفيات بعض المتظاهرين ؟
ج9 : إنا معرفش ايه اللي حصل

س10 : هل تستطيع سيادتك تحديد هل كانت هناك عناصر أخري تدخلت ؟
ج10 : هيا معلومات غير مؤكدة بس اعتقد ان هناك عناصر تدخلت

س11 : وما هي تلك العناصر ؟
ج11 : ممكن تكون عناصر خارجة عن القانون

س12 : هل ورد لمعلومات سيادتك ان هناك عناصر اجنبية قد تدخلت ؟
ج12 : ليس لدي معلومات مؤكدة ولكن ده احتمال موجود

س13 : وعلي وجه العموم هل يتدخل الرئيس وفقا لسلطته في ان يحافظ علي أمن وسلامة الوطن في إصدار أوامر أو تكليفات في كيفية التعامل ؟
ج13 : رئيس الجمهورية ممكن يكون أصدر أوامر - طبعا من حقه ولكن كل شئ له تقييده المسبق وكل واحد عارف مهامه

س14 : ولمن يصدر رئيس الجمهورية علي وجه العموم هذه الأوامر ؟
ج 14 : التكليفات معروف مين ينفذها ولكن من الممكن ان رئيس الجمهورية يعطي تكليفات مفيش شك

س15 : وهل يجب قطعا علي من تلقي أمر تنفيذه مهما كانت العواقب ؟
ج15 : طبعا يتم النقاش والمنفذ يتناقش مع رئيس الجمهورية وإذا كانت الأوامر مصيرية لازم يناقشه

س16: هل يعد رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك مسئول مسئولية مباشرة أو منفردة مع من نفذ أمر التعامل مع ألمتظاهرين الصادر منه شخصيا
ج16 : إذا كان أصدر هذا الأمر وهو التعامل باستخدام النيران أنا اعتقد ان المسئولية تكون مشتركة وأنا معرفش ان كان أعطي هذا الأمر أم لا

س17: وهل تعلم ان رئيس الجمهورية السابق كان علي علم من مصادره بقتل المتظاهرين ؟
ج17: يسأل في ذلك مساعديه الذين ابلغوه هل هو علي علم أم لا

س18: وهل تعلم سيادتكم ان رئيس الجمهورية السابق قد تدخل بأي صورة كانت لوقف نزيف المصابين ؟
ج18 : اعتقد انه تدخل وأعطي قرار بالتحقيق فيما حدث وعملية القتل وطلب تقرير وهذه معلومات

س19: هل تستطيع علي سبيل القطع والجزم واليقين تحديد مدي مسئولية رئيس الجمهورية السابق عن التداعيات التي أدت إلي إصابة وقتل المتظاهرين ؟
ج19 : هذه مسئولية جهات التحقيق

س20: هل يحق وفقا لخبرة سيادتكم ان يتخذ وزير الداخلية وعلي وجه العموم ما يراه هو منفردا من اجراءات ووسائل وخطط لمواجهة التظاهرات دون العرض علي رئيس الجمهورية؟
ج20: اتخاذ الاجراءات تكون مخططة ومعروف لدي الكل في وزارة الداخلية ولكن في جميع الحالات يعطيه خبر بما يخص المظاهرات ولكن التظاهر وفضه ولكن التظاهر وفضه هي خطة وتدريب موجود في وزارة الداخلية

س21 : وهل اتخذ حبيب العادلي قرار مواجهة التظاهر بما نجم عنه من إصابات ووفيات بمفرده بمساعدة المتهمين الاخرين في الدعوى المنظورة وذلك من منظور ما وصل لعلم سيادتك ؟
ج 21 : معنديش علم بذلك

س22 : علي فرض إذا ما وصلك تداعيات التظاهرات يوم 28 يناير إلي استخدام قوات الشرطة آليات مثل اطلاق مقذوفات نارية أو استخدام السيارت لدهس سيارات لدهس المتظاهرين..هل كان أمر استعمالها يصدر من حبيب العادلى يصدر من حبيب العادلى ومساعديه بمفردهم ؟
ج 22 : ما أقدرش أحدد اللي حصل أيه ولكن ممكن هو اللى اتخذها وأنا ما أعرفش واللى اتخذها مسئول عنها

س23: هل يصدق القول تحديداً وبما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن رئيس الجمهورية السابق لا يعلم شيئاً أو معلومات أيا كانت عن تعامل الشرطة بمختلف قواتها أو أنه لم يوجه إلى الأول سمة أوامر أو تعليمات بشأن التعامل والغرض أنه هو الموكل إليه شئون مصر والحفاظ على أمنها ؟
ج23 : أنا ما أعرفش اللى حصل أيه لكن أعتقد إن وزير الداخلية بيبلغ وممكن ما يكونش مش عارف بس أنا ما أعرفش

س24 : هل هناك اصابات أو وفيات لضباط الجيش ؟
ج 24 : نعم هناك شهداء

س25 : هل تعاون وزير الداخلية مع القوات المسلحة لتأمين المظاهرات ؟
ج 25 : لأ

س26 : هل أبلغت بفقد ذخائر خاصة بالقوات المسلحة؟
ج26: مفيش حاجة ضاعت لكن هناك بعض الخسائر في المعدات واتصلحت ومفيش مشكلة

س27: هل أبلغت بدخول عناصر من حماس أو حزب الله عبر الأنفاق أو غيرها لإحداث إضرابات ؟
ج27: هذا الموضوع لم يحدث أثناء المظاهرات واحنا بنقاوم الموضوع ده واللي بنكتشفه بندمره وإذا كان فيه حد محول لمحكمة فهذا ليس أثناء المظاهرات

س28: هل تم القبض على عناصر أجنبية في ميدان التحرير وتم إحالتهم للنيابة العسكرية ؟
ج28: لا ..لم يتم القاء القبض على أى أحد

س29: فى الاجتماع الذي تم يوم 20 يناير هل تم اتخاذ قرار بقطع الاتصالات؟
ج29 : لم يحدث

س30: بعض اللواءات قالوا طلب منا فض المظاهرات بالقوة..هل طلب من القوات المسلحة التدخل لذلك ؟
ج30: أنا قلت فى كلية الشرطة في تخريج الدفعة إن أنا بأقول للتاريخ إن أي أحد من القوات المسلحة لن يستخدم النيران ضد الشعب

كل اللي بيحب مصر بجد .. كل اللي خايف على ثورتنا اللي بتتسرق يوم ورا يوم .. كل اللي مؤمن بالحرية .. أرجوكم انشروا الشهادة دي .. دي شهادة للتاريخ .. كلنا عارفين ان المحاكمة دي هزلية وانها مش حتجيبلنا حقنا.. بالعكس دي حتضيع حقنا وباسم القانون برضه .. والله طالما القانون بقى ضد مبدأ القانون "تحقيق العدالة" فلابد لنا من وقفة .. لازم كلنا نبقى ايد واحدة ضد التمثيلية السخيفة اللي بتحصل ف بلدنا باسم القانون .. وعلى فكرة طالما بيكلمونا عن عجلة الانتاج اللي احنا يا حرام وقفناها يا ريت تحاكموا المشير اللي بسبب شهادته خسرت البورصة 5 مليون جنيه .. عادي يعني م الملايين كتير .. واحنا حنلاقي اغلى من محاكمة مبارك نضيع فيها الملايين عشان ف الآخر نبرأه؟!!!؟
قبل م تخاف على نفسك خاف على بلدك .. خاف على مستقبل عيالك اللي حيعيشوا ف بلد قانونها بيحمي المجرمين .. خاف على وطن بيتسرق من زمان وانت سكت من زمان .. آن الأوان تقف وتقول لا .. كفاااااااااية .. مصر حتفضل غالية عليا .. ولو عاوزين يحبسونا يحبسونا.. اللي نشر الشهادة دي كتير وكل م نكتر كل م حنصعب عليهم مهمة القبض علينا

وحتى لو حبسونا.. مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر؟!!!!؟

أميمة الشاذلي
26/9/2011

10‏/09‏/2011

رداً على مقال د/ معتز عبد الفتاح


سوف أرد على النقاط اللي اختلفت فيها مع د/معتز عبد الفتاح بشأن مقاله الأخير والذي كان بعنوان: "دروس يوم 9 سبتمبر"

النقطة الثانية ونصها ما يلي:

المظاهرات السلمية المنظمة تحتاج كيانات منظمة قادرة على أن تحكم سلوك المنضوين تحتها. ومن يدعو للمظاهرات ولا يعرف كيف يتحكم فيها فعليه مسؤولية أخلاقية إن لم تكن عليه مسؤولية سياسية كذلك. ولا يكفيك أن تقول "لقد تركت الميدان الساعة 7، وما ليش دعوة بعد كدة." ومن المسؤول في النهاية عن من مات، وعن من أصيب في الاشتباكات من أبنائنا؟ حرام علينا ما نفعله بأنفسنا؟ هل نحن قررنا الدخول في حالة انتحار جماعي؟

رداً عليها: ما تدعو إليه هو أمر أشبه بالمستحيل .. فالمتظاهرون لن يتمكنوا من الاستمرار في التظاهر من الصباح وحتى المساء رغبة في السيطرة على المتهورين منهم.. فمن الطبيعي أنهم لن يصمدوا ساعات طوال بل سيعودون إلى بيوتهم ليأتي غيرهم.. كما أن الثوار أنفسهم متنوعي الفئات ..ففيهم من يسير في المسيرة مع هتافات مشروعة خالية من أي سب ، وفيهم من يحتوي هتافه على سب ، ومنهم من يحتوي هتافه على السباب والشتائم (القبيحة) .. فيهم من يفقد أعصابه فيقوم بإلقاء الحجارة على الجهة الأخرى سواء كانت من الأمن المركزي أو الشرطة العسكرية ، وفيهم من يقوم بإلقاء قنابل المولوتوف وجميعهم يحبون مصر ولكن كل بطريقته الخاصة التي قد نتفق أو نختلف معها ولكن الخلاصة أنه من الصعب السيطرة على شتى فئات الثوار ،وحل هذه النقطة ربما يكمن في وجود قوة تقود المظاهرات يلتزم فيها من يسير وراءها بالتقيد بقانونهم..أعني على سبيل المثال ما يحدث في مسيرات الاسكندرية حين تأتي سيارة نصف نقل محملة ببعض الشباب الذي له توجهات معينة وسلوك معتدل وتكون محملة بمكبرات الصوت ويقوم هؤلاء الشباب بقيادة المتظاهرين والتقيد بهتافات معينة وعلى هؤلاء الشباب التناوب فيما بينهم حتى يتمكنوا من الاستمرار حتى نهاية المظاهرات .. وهذا الإجراء لن يمنع التجاوزات إلا أنه سيقللها .. ولكننا لم يمكننا السيطرة على خروج سيارة نصف نقل أخرى عليها شباب قد يدفعه حماسه إلى أفعال وهتافات غير مسئولة .. ولذلك قلت في البداية أن السيطرة شبه مستحيلة

النقطة الرابعة ونصلها ما يلي:الحلقة المفرغة للوم الآخرين تقول: بعض الشباب يهاجمون مقار الداخلية والمنشآت العامة والخاصة، يخرج علينا من يقول ليسوا "بلطجية" وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)، الشرطة تضبط النفس أحيانا مثل ما حدث نهار الجمعة فتُنتَقد لأنها ضعيفة لم تقمع "البطلجية،" وحين تهاجم من تعتبرهم "البلطجية" مساء الجمعة يخرج عليك من يقول ليس من حقها أن تهاجمهم لأنهم ليسوا "بلطجية" وإنما هم ثوار من طبقة اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم.) تتدخل الشرطة العسكرية لتقبض على من يهاجمون المنشآت العامة والخاصة لأنهم "بلطجية" وتحولهم إلى المحاكمات العسكرية، فيخرج علينا من يقول إنهم ليسوا "بلطجية" وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)... وتستمر الحدوتة وتزداد اتساعا

وردي على هذه النقطة ما يلي: من هاجموا السفارة ليسوا (بلطجية) بالفعل وإنما هم ثوار غاضبون قام البعض بإثارتهم فأخذهم الحماس وقاموا(برد فعل) متهورلكنه لا يعد بلطجة فهم لم يقتلوا أحداً أو يسرقوا شيئاً.. كل جرمهم أنهم اقتحموا مبنى ليس عليه رجل أمن واحد ليحميها.. نعم إن الاقتحام أمر خاطىء وخطأ قانوني إلا أنه لا يستوجب المحاكمة العسكرية ولا الاتهام بالبلطجة .. وهنا أسأل د/ معتز: أين حراسة المبنى ولماذا لم تسأل الأمن والجيش عن السبب الذي حدى بهم إلى ترك المبنى دون حراسة أمنية ولم يتدخلوا وهم يشهدون كل ما حدث حتى وصول الشباب إلى الطابق الذي به السفارة الاسرائيلية؟ وهذا بناء على شهادة الشهود بالإضافة إلى تقرير جرائد اسرائيلية.. أليس هذا أمر مريب؟ أمر آخر هو ما يخص حرق مبنى مديرية أمن الجيزة .. أليس من الغريب أن يترك الثوار حدث السفارة التاريخي الذي لم يسبق له مثيل ليتوجهوا الى مبنى (غير مجاور للسفارة) ليحرقوه؟! ثم إن ذاك المينى هو مبنى الأدلة الجنائية .. من من مصلحته حرق الادلة الجنائية التي تدين الداخلية؟ ثم ما سبب مصادرة شريط التصوير الخاص بكاميرا مراسل قناةالاون تي في والذي كان يصور الاحداث أمام مبنى الداخلية؟! ولماذا اعتدوا عليه ضرباً بعصيّهم؟ لو أنهم برآء مما يحدث ولو أن الثوار حقاً هم من قاموا بإحراق المبنى فلم لم يتركوا المصور الصحفي يمارس مهنته لتبرئة ساحة الأمن المركزي؟!؟ أليس هو بالأمر المريب؟!؟

النقطة التاسعة ونصها ما يلي: عض كتب القانون كانت تقول عن الشعب المصري إنه "شعب سبّاب" لتبرير لماذا لا تواجه المحاكم المصرية عقوبات "السب والقذف" بالشكل اللائق. يؤسفني أن أقول أن هذه هي البداية، ولا بد أن نعرف أن السباب والهمجية والفوضى والعشوائية والفهلوية وتضليل الآخرين والتدخين في الأماكن المغلقة ورفع صوت الكلاكسات والأغاني وتخطي الآخرين في الطوابير لا بد أن تكون لها عقوبات اجتماعية مغلظة ومعها عقوبات تشريعية صارمة وإلا سيطرد أسوأ من فينا أفضلَ من فينا

ردي على هذه النقطة هو أنه حتى وإن تم سن قانون يعاقب على السب والتطاول فإنه لن يطبق بشكل صحيح لان منفذي القانون أنفسهم يمارسون الشيء نفسه من سب وتطاول حتى في حديثهم العادي وليس فقط عند التعامل مع من يختلف منهم فكيف يحاسب أحدهم أحد الثوار أو غير الثوار وفاقد الشيء لا يعطيه؟!! إن علاج هذا الأمر يكون من خلال معالجة الأمر مجتمعياً وأخلاقياً وهو لن يحدث في الوقت الحالي بل على المدى الطويل

وأخيراً النقطة العاشرة ونصها ما يلي:من قالوا "لا" لرئيس منتخب سريعا، وانسحاب سريع للجيش من الحياة السياسية، وبشرونا بفترة انتقالية أطول وجدل حول الدستور أولا، وضغطوا أو أعطوا للمجلس العسكري الفرصة كي يعدل في صياغة التعديلات الدستورية بما يؤجل انتخاب رئيس الجمهورية، أتفهم موقفهم، إنما ما لا أتفهمه هو استمرار بعضهم في ازدراء موقف الأغلبية التي قالت "نعم" بدعوى أن المجلس العسكري والإسلاميين خدعوهم، مع أن المسار الذي اختارته الأغلبية كان قطعا الأسلم والأسرع في إخراج العسكر من اللعبة السياسية

وأنا أختلف معه في أن "نعم" هي الطريق الاسرع للخلاص من حكم العسكر لان الاستفتاء كان على تعديل دستوري لدستور قديم .. وبعد ظهور النتيجة انبرى المجلس ليصرح بأن الدستور القديم قد سقط وأن الاستفتاء كان على مواد دستور جديد .. ولنا هنا وقفة.. فلو كان قد سقط حقاً فلماذا أسموه "تعديل"؟؟ الطبيعي والمنطقي ان يسمونه: "استفتاء على بعض مواد اعلان دستوري" .. ثم إن المادة رقم 56 في الاعلان الدستوري تعطي للمجلس نفس سلطات الرئيس السابق والتي جعلت منه شبه إله!! وهذه المادة لم يتم استفتاءنا عليها .. وبعد كل هذا ويقولون: ارادة شعب ونتيجة الاستفتاء!!! إن هذه المادة تقوض - إن لم تلغي أحياناً - ارادة الشعب ، ونتيجة الاستفتاء كانت على دستور قديم ولي على اعلان دستوري جديد .. وهذا ليس مسمى آخر سوى "التلاعب". ثم إن الغالبية قالت "نعم" فهل تخلصنا حقاً من حكم العسكر؟!!؟

أنا هنا قمت بالرد على بعض النقاط وليس كل النقاط التي ذكرها د/معتز عبد الفتاح في مقاله الأخير .. أما ما تبقى من المواد فأكاد أتفق معه عليها تقريباً ، وعموماً ومن وجهة نظري فأنا أرى أن تحليل د/معتز هو تحليل شخص (قدير) لكنه لا ينزل إلى أرض الواقع في الشارع المصري .. فهو يتحدث بناء على ما ينقل في القنوات الإخبارية والصحف وليس على ما يحدث بالفعل في الشارع المصري .. ورغم هذا فأنا أحترم آراءه وإن كنت أختلف معها ، كما أرى من وجهة نظري (الشخصية) أيضاً أن تحليله لن يغير من واقع الثورة شيئاً .. ولا يقولنَّ أحد إنني أشكك في وطنيته .. أنا أنقل وجهة نظري الخاصة وحسب ، مع كامل الاحترام للآراء الأخرى

* ملحوظة: هذا رابط المقال الكامل لد/معتز عبد الفتاح والذي قمت بالرد على بعض نقاطه
https://www.facebook.com/notes/%D9%83%D9%84%D9%86%D8%A7-%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF/%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B2-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%8A%D9%88%D9%85-9-%D8%B3%D8%A8%D8%AA%D9%85%D8%A8%D8%B1/288358947844599

أميمة الشاذلي
10/9/2011م
12/10/1432هـ

08‏/09‏/2011

يخرب بيت السلمية




يا له من شعور رائع حين يضربك وغدٌ على خدك الأيمن فتدير له خدك الأيسر فيضربك عليه ، فتعطيه (قفاك) وأنت تهتف: (سلمية) فيضربك ويقتادك إلى المخفر بتهمة اساءة الأدب ثم تخرج منه بعد دفع مبلغ مالي كبير وهو يقول لك مهدداً: إياك أن تعيد الكرّة!
.
.
.
هذه هي الحقيقة المُرة !!!!
كنا وما زلنا نتفاخر بأن ثورتنا كانت الثورة السلمية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الثورات .. خرجنا لننفض عنا غبار السلبية .. خرجنا لنهتف للحرية .. خرجنا نطالب بالعدالة الاجتماعية .. ضربونا .. اعتقلونا.. قتلونا .. سلبوا أبصارنا لا بصيرتنا .. ومع هذا أخذنا نهتف : سلمية!!!
تنحى الطاغية .. وتولى أمرنا من خدعنا بشعار الحماية .. وكأن من ضحى بدمائه من أجل تحرير بلاده غير قادر على حماية نفسه وبلده!! لم نكن ننتظر منهم إلا أن يبقوا في أماكنهم للتصدي لأي اعتداء محتمل على الحدود .. لم يطلب منهم الثوار أن يتولوا قيادة البلاد ولكنهم فعلوها ، ونحن قبلنا الأمر كرد للجميل لمن حمى الثورة! وهنا دعوني أسألكم: هل إذا رفض الحارس الشخصي لوزير ما إيذاءه - وهو الواجب عليه حمايته - هل يكافئه الوزير بأن يجعله متحكماً في شئونه؟!! هذا على فرض أن القوات المسلحة قامت بحمايتنا .. إن ما قامت القوات المسلحة هو رفض إطلاق النار على المتظاهرين ، لكنها لم تقم بحماية الثوار حين قتل منهم ألف! لم تقم بحماية الثوار يوم الخامس والعشرين من يناير ولا يوم الثامن والعشرين .. لم تترك ثكناتها وتتوجه لحماية ميدان التحرير.. وحين نزلت إلى الميدان كان بأمر رئاسي وعسكري أي أنه كان بموافقة الرئيس الذي خلعناه لا مكرمة منهم ولا رغبة في حمايتنا .. وفي اليوم الذي عُرفت الأحداث فيه بموقعة الجمل لم يقم أحد منهم بحمايتنا ولا منع الخيول والجمال والبغال من دخول الميدان .. فأيّ حماية تلك يدّعونها؟! أي حماية تلك التي أذلونا بها واتخذوها ذريعة للتحكم في مصائرنا؟!!
أنا لست من ناكري الجميل ولا جاحدي الفضل .. فأنا أعترف أن القوات المسلحة لعبت دوراً في تنحية الرئيس وليس في نجاح الثورة .. فنجاح الثورة لا يكمن في تنحية الرئيس وحسب وإنما في محاكمته هو والعصابة فرداً فرداً وفي التخلص من كل رموز الفساد والاستبداد .. هذه هي أهداف ثورتنا فماذا فعل المجلس العسكري لتحقيق هذه الأهداف؟!! أنا أعتز كثيراً بقواتنا المسلحة ولا أنكر بسالتها وشجاعتها في حماية البلاد على مر التاريخ، لكني أرفض أن يكون لها اليد العليا في ثورتنا .. أرفض التسبيح بحمدها وادعاء ما هو ليس بالواقع .. أعتز بالقوات المسلحة كل الاعتزاز حين تقوم بدورها في حماية الوطن لا في فرض الحماية على المواطن ..
أكرر مرة أخرى ليس بيني وبين القوات المسلحة عداء شخصي ، ولا ثأر مبيّت بل على العكس تماماً فأنا أعتز بالقوات المسلحة الذي قام بعض أفرادها بصد عدوان بلطجية النظام إلا أنهم فعلوا هذا بدافع شخصي لا بأمر من المجلس العسكري.. أعتز كثيراً بقواتنا المسلحة ولكني أرفض التمادي في التغاضي عن (استعباط) المجلس العسكري يوماً بعد يوم .. أرفض التمادي في تقبل (استعباط) المجلس العسكري الذي خيرنا في استفتاء على تعديل لدستور قديم ثم ادعى أنها بعض مواد من إعلان دستوري جديد لم يتم أخذ موافقتنا على بقية مواده .. أرفض تقبّل (استعباط) المجلس العسكري حين يصرح أحد أعضائه بأن الغالبية التي قالت "نعم" في الاستفتاء على التعديل الدستوري قالت نعم موافقة منها على حكم المجلس العسكري للبلاد! أرفض تقبّل (استعباط) المجلس العسكري حين يصدر إعلاناً دستورياً يحوي مادة تعطيه صلاحيات الرئيس التي ثرنا عليه في الدستور القديم، إنها المادة رقم 56 والتي تعطي المجلس نفس الصلاحيات التي جعلت من الرئيس السابق طاغية أشبه بالإله! أرفض تقبّل (استعباط) المجلس العسكري حين يقوم بتعيين شخص قّبِلَ الثوار أن يكون رئيساً لوزرائهم ثم لا يعطيه إلا صلاحيات جندي ينفذ أوامر قادته . أرفض (استعباط) المجلس العسكري الذي يتعمد الخروج ببيانات (مخدرة) كلما قرر الثوار الخروج إلى الميدان .. أرفض تقبّل (استعباط) المجلس العسكري في قمعه لكل من عارضه سياسياً تحت دعوى إهانة رموز عسكرية لم ينتقدها أحد إلا في الشأن السياسي .. أرفض (استعباط) المجلس العسكري الذي استغل انشغال الناس باليوم الأول في شهر رمضان لفضّ اعتصام كان من الممكن أن يقوم بتنظيمه حتى لا يكون سبباً في شلّ الشارع المصري إلا أنه وبدلاً من هذا استخدام العنف مع المعتصمين وقام بمطاردتهم حتى في بيوت الله!! أرفض (استعباط) المجلس العسكري حين احتل ميدان التحرير وحرمنا منه بالقوة بعد أن كان أعضاءه يدعون بأن الميدان هو ملك للشعب يذهبون إليه إذا ما رأوا أن مطالبهم لا تتحقق!! أرفض (استعباط) المجلس العسكري الذي يسلط زبانيته لتعذيب معارضيه ثم يدعي أنْ لا شأن له بما حدث .. أرفض (استعباط) المجلس العسكري الذي اعترف أحد أعضائه بأنه مصدر الشائعات في الميدان ثم لا يعاقبه أحد في الوقت الذي يتم فيه استدعاء ثائرة – لا تتقلد منصباً رسمياً- كل ذنبها أنها حذرت من عاقبة عدم تحقيق العدالة والأخذ بثأر الشهداء في أسرع وقت ..أرفض (استعباط) المجلس العسكري الذي يأخذ منا أموالنا عقوبة لنا على حرية تعبير عن الرأي قامت ثورتنا من أجلها ، في الوقت الذي يترك فيه أموال سارقي هذه البلاد حرة طليقة .. أرفض (استعباط) المجلس العسكري الذي لا يزال يدعي حمايته للثورة ثم يحتضن أحد رموز أعداء الثورة بكل حنان!!!!!!!
كما أرفض التمادي في (الاستعباط) الذي مارسه الشعب حين صمت على كل هذه التجاوزات التي شاهدها من الشرطة العسكرية والقوات المسلحة بأمر من المجلس العسكري (الموقر) ولكنه أغمض عينيه حتى لا يصدق أنه لا يمكنه إعطاء الثقة لأي جهة إلا نفسه ؛ لأن الأمر ثقييل على عاتقه وهو لا شاب لم يجرب منصباً ولم يدخل في دهاليز السياسة من قبل.
وبعد كل هذا وما زلنا نهتف: سلمية !!!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نقف أمام أسلحة (الإرهاب) المركزي بصدور عارية يصوبون أسلحتهم نحوها فنتهف: سلمية!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نقف عاجزين عن تحديد المسئول عن فرم المستندات الخطيرة في مباني أمن الدولة!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نقبل مرغمين عودة رجال الشرطة - ممن عُرف عنهم الوحشية والفساد - إلى مواقعهم !
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا لا نستطيع القبض على مبارك وآله وعصابته وزبانيته من أول يوم بعد تنحيته!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نستمع إلى إعلامنا الرسمي وهو ينعتنا في إحدى برامجه ب(من يسمون أنفسهم بالثوار) ويرفضون نعت الرئيس السابق ب(المخلوع) رغم تأكيد المجلس العسكري أنه هو من أجبر الرئيس على التنحي!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا غير قادرين على الأخذ بثأر شهداء الثورة رغم مرور سبعة أشهر على تنحية الرئيس السابق!
تباً لتلك السلمية التي جعلت المحكمة تصدر قراراً بعدم إزالة اسم من قامت الثورة ضده من على المنشآت الرسمية!
تباً لتلك السلمية التي جعلت أنصار (المخلوع) يمسحون اسم الشهداء من المترو ويستبدونها باسم طاغيتهم!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نتقبل إهانات الشرطة العسكرية دون رد اعتبار لكرامتنا التي ضاعت تحت وطأة العصيّ الكهربائية!
تباً لتلك السلمية التي تسببت في اعتقال الثوار تحت دعاوي البلطجة في الوقت الذي يتركون فيه أنصار المخلوع يتحرشون بأهالي الشهداء وبالثوار دون ردع ولا صد!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نقف عاجزين ونحن نقارن في ألم وحسرة بين رد فعل المجلس العسكري على الاعتداء الصهيوني على جنود الحدود وبين رد فعل تركيا!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نقف عاجزين ونحن نشهد بناء جدار عازل أمام سفارة الكيان الصهيوني ولا نقوم بشيء سوى الرسم عليه!
تباً لتلك السلمية التي جعلت الثوار يستجدون مطالبهم ممن لا يزالون ينعتون أنفسهم بحماة الثورة!
تباً لتلك السلمية التي سلبتنا ميداننا وحرية تعبيرنا!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا لا نعلم إن كان مبارك وآله وعصابته سوف يكون مصيرهم الموت عقاباً لهم على خيانتهم العظمى وفسادهم وإفسادهم في الأرض أم سيأخذون حكماً بالبراءة من كل الجرائم التي أثبتها الواقع ولم يستطع القضاء أن يثبتها بعد لعدم كفاية الأدلة!
تباً لتلك السلمية التي سمحت للمسئولين بخلط الصالح بالطالح تحت مسمى البلطجة!
تباً لتلك السلمية التي جعلتنا نرى الشرطة والمجلس يتغزل كل منهما بالآخر، ثم يتغزل فيهما معاً أعداء الثورة!
تباً لتلك السلمية التي سلبتنا ثورتنا وجعلتها تبدو كما لو كانت مجرد حركة إصلاح!
تباً لتلك السلمية التي كنا نحسبها نعمة فانقلبت علينا لعنة ونقمة!
لقد سُرقت مصر من الشعب بالقوة لا بالسلمية .. وما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وهنا يلحّ علي سؤال: لماذا تتقيد الثورة بالقانون - البطيء العاجز- للحكم على أعدائها في حين أنه لا وجود للثورة في مواد القانون الموقر؟!! ما بُني على ثورة فهو ثورة ، ولا دخل للقانون في تنفيذ أحكام ثورة لم تستأذن القانون قبل أن تندلع نيرانها (السلمية)! إن الثورة تعني التغيير الشامل لأوضاع البلاد بما في ذلك تغيير مواد القانون إذا كان من شأنه تعطيل مسار الثورة ... هذه هي الثورة الحقيقية.

لست أحرض على استخدام العنف ولكن القوة .. وهناك فارق كبير بين القوة والعنف .. أنا لا أدعو لسفك دماء من يعارضنا ولا لتخوينه ولكن لاستخدام القوة بكافة أشكالها الممكنة والمتاحة لكي نفرض ثورتنا على الشعب كما فرضت ثورة يوليو مبادئها على الشعب بحلوها ومرّها.. وأؤكد هنا مرة أخرى على أن القوة لا تعني العنف ، ولكني ضد السلمية التي تعني الانهزامية والضعف .. ضد السلمية التي تجعلنا نستجدي حقوقنا وحين يتم الاستجابة إلى أحدها نضطر إلى الاعتراف بجميل من تكرم وتعطف وقبل تنفيذ مطلبنا .. القوة هنا ليست بأن ننتزع السلطة من المجلس بسفك دماء أو ضرب بل إن القوة التي أعنيها هنا هي قوة المطالبة بالحق.. قوة المطالبة بتسليم السلطة دون خوف من الفوضى وعدم الاستقرار .. قوة الاعتصام دون خوف من عنف يمارس علينا .. قوة التظاهر دون الخوف من تفرقة المتظاهرين بالعنف تحت مسمى البلطجة .. وأؤكد هنا على أن القوة في المطالبة بالحق لا تعني السب والشتم فهذا من شأنه إضعاف قوة المطالبة بالحق، بل إن صاحب الحق قد يفقد حقه إذا ما طالب به بإساءة أدبه وكما قال الإمام مالك رحمه الله: (اذا رايت الرجل وهو يدافع عن الحق يسب ويشتم ويغضب فاعلم انه معلول النية لأن الحق لا يحتاج إلى ذلك فقد قال الحق سبحانه وتعالى: "وجادلهم بالتي هي أحسن").
ليس في الثورات أنصاف حلول فإما أن تكون معها أو ضدها.. فإذا كنت معها فلتساهم قدر استطاعتك في إنجاحها وإن كنت ضدها فلا تقف في صفها .. لك حرية التعبير دون إساءة أدب ولكن ليس لك أن تقف في وجهها طالما أنها لا تنادي إلا بما نادت به الفطرة الإنسانية والشرائع السماوية .. حياة اجتماعية كريمة .. سياسة عادلة .. وحرية مكفولة للجميع بما لا يتنافى مع الدين أو الصالح العام.
علينا أن نكمل ثورتنا .. فمن حقنا أن نحكم أنفسنا بأنفسنا .. من حقنا أن يحكمنا ثائر منا ..
ما زلت أحلم بأن نتسلم السلطة من المجلس العسكري بالقوة لا بالعنف مع الابقاء عليه كحارس حدود الوطن ، وأن يقتصر دوره السياسي على الاستشارة فيما يتعلق بأمن البلاد الخارجي .
إن بلاداً قامت بها ثورة لا يمكن أن تحقق مطالبها إن لم تحكم البلاد بنفسها.. وكما يقول المثل العربي: "ما حكّ جلدك مثلُ ظفرك .. فتولَّ أنت جميع أمرك".
لابد وأن نكمل مسيرة الثورة حتى لا تضيع دماء ألف شهيد هدراً..
لابد وأن نكمل ثورتنا حتى لا يندم من فقد بصره في سبيلها على تضحيته التي راحت هباء..
لابد وأن نكمل ثورتنا حتى لا نعود إلى ما كنا عليه تحت مسميات أخرى .
لابد وأن نكمل ثورتنا حتى لا تتحول إلى حركة إصلاحية فقد فيها المصلحون دماءهم ولم يحققوا مطالبهم.
لابد وأن نكمل ثورتنا إذا كنا مؤمنين بحق مصر في غد أفضل..
موعدنا يوم الجمعة التاسع من سبتمبر .. ذكرى وقوف البطل أحمد عرابي في وجه الخديوي .. في وجه الظلم والاستبداد والاستعباد..
لنوحد صفنا ولنكن جميعاً "يداً واحدة" ضد الظلم والاستبداد ..
ضد تكميم الأفواه..
ضد قمع الحريات..
ضد الفساد الذي لم نجتث جذوره بعد..
إذا كنت ترى أن أي مسئول قد مارس ظلمه بشكل أو آخر ضد أبناء هذا الشعب فلتقلها دون خوف ..
اهتف دون خجل ..
كن عُرابيّ الميدان ولا تخشَ في الحق لومة لائم ولا اعتقال ظالم ..
اهتف للحق .. للحرية .. للعدالة الاجتماعية ..
اهتف للسلام .. للسلام لا للاستسلام ..
كن عرابيّ الميدان واهتف: " لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو لا نُورَّث ولا نُستعبَد بعد اليوم"

أميمة الشاذلي
فجر الخميس: 8 سبتمبر 2011م/ 10 شوال 1432هـ

* ملحوظة: أسميت هذه المقالة بعنوان "كن عرابيَّ الميدان" إلا أنني عدلت عن هذا المسمى واخترت عنواناً يحوي أحد ألفاظ ثورتنا وهو لفظ :" سلمية " ووضعته في قالب لغوي يتناسب مع لغة الشارع لا مع الفصحى رغبة في جذب انتباه القراء حتى لا يظن القارىء أنها مقالة أدبية تناقش السياسة بلغة يصعب على القارىء العادي استساغتها.

04‏/09‏/2011

لحظة شروق


ها هي النجوم تختفي رويداً رويداً ، ولم يتبق منها سوى كوكب الزهرة اللامع في وسط السماء ..
شفق وردي اللون يبدو أمامي في الأفق البعيد جهة المشرق .. ودعاء كروان يشق سكون الفضاء يجوب السماء شرقاً وغرباً ، وكأني به يوقظ الطيور كي تشهد لحظة ميلاد يوم جديد.
بدأت بعض السحب البيضاء تتخلل زرقة السماء التي تتدرج من لونها خفيف الزرقة إلى البياض ثم إلى لون هو بين الأبيض والأصفر ثم إلى رمادي داكن أخذ لونه يضيء شيئاً فشيئاً وكأن الشمس تخشى أن تزعج الطبيعة بضوئها المفاجىء ، وكلما زاد ضوء السماء خفت ضوء كوكب الزهرة وكأنه يتنحى بضوئه اللامع ليترك الساحة لسيد نجوم الأرض
طيور الصباح تشق صفحة السماء .. زقزقة عصافير .. أذان ديوك .. وهديل حمام.. وأنا و(يانّي) الذي اعتدت سماعه في لحظات التأمل ما زلنا في انتظار لحظة الشروق..
.
.
.
.
.
ها هي ذي الشمس تظهر في الأفق البعيد نائمة على فراش رمادي اللون تزيحه عنها شيئاً فشيئاً إلى أن يظهر قرصها كاملاً ،فتلقي بضوئها البرتقالي الهادىء على أطراف السحب المتكاثرة فوقه.. وتحلق الطيور نحوها لتستمد منها التفاؤل والأمل في يوم سعيد ، ثم تنتشر الطيور هنا وهناك لتعلن نبأ افتتاح يوم جديد ..
عصفور يزقزق عازفاً أروع الألحان الربانية .. وهديل حمام يتلو أذكار الصباح داعياً الكون كله لعبادة خالق الجمال مردداً: "اعبدوا ربكم" .. وأشجار تتمايل راقصة مع النسيم العليل وكأني بها تلقي تحية الصباح على ذاك النهر الذي لا يزال نائماً تحت ظل الشجر ...
ومع سطوع شمس الصباح أضاءت زرقة السماء .. وأنارت السحاب بعد أن كان يبدو لي منذ لحظات قليلة عابساً كئيباً ، ذاك السحاب تارة يخفي وراءه الشمس وتارة تذيبه هي .. تماماً مثلما تذيب من قلوبنا اليأس والكآبة، لتشرق أرواحنا بالأمل كما أشرقت الأرض بنور ربها..

الحامول - المنوفية
السبت: 5 شوال 1432هـ
الموافق 4 سبتمبر 2011م

01‏/09‏/2011

عيد مبارك .. بلا مبارك


مع نسيم صباح يوم العيد أخذت ألملم آمالي المبعثرة هنا وهناك .. كنت في طريقي مع العائلة إلى قريتنا نردد تكبيرات العيد وأنا في الوقت ذاته أستمع إلى إحدى المقطوعات الموسيقية ل(يانّي) بعنوان (Tribute)! لا تسألوني كيف ، فلا أحد يستطيع أن يصف ما كنت أشعر به وقتها إلاي ..
كنت أشعر بأن أعظم موسيقيي العالم يعزفون من حولي أروع الألحان .. وصوت تكبيرات العيد في المساجد تصل إلى عنان السماء .. وأسراب الطيور تحلق من فوقنا نحو شروق شمس جديدة تبعث الأمل في القلوب وتضيء الأرواح بنور الله الذي أشرقت له الظلمات..
ارتسمت على شفتيّ ابتسام كان قد خُيّل إلى أنني نسيتها منذ زمن بعيد ، وكأن الله أراد أن يُدخل الفرحة في قلبي بعد أن ملأه الحزنُ وقتاً طويلاً.. بالأمس فقط ومع إذاعة بيان رؤية الهلال كنت أبكي أنا وقلبي المحزون على فراق رمضان .. وما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حالِ .. سويعات قليلة وانقلب حالي من حزن وبكاء إلى فرح وابتسام ، كفرحة عصفور فُكَّ أسره ..
عصفور يتلو أذكار الصباح .. وكروان يردد: الملك لك لك لك يا صاحب الملك .. وأنا بين هذا وذاك استيقظ بداخلي عشقي للطبيعة والحياة .. أخذت أتأمل السماء فرأيت هناك فيروز تغني في ثوبها الأبيض ومن حولها ترقص حوريات الجنة في جذل ، وطيور تحلق هنا وطيور ترفرف هناك .. ورأيت نفسي وسط هذا الجو الشاعري الحالم أدور وأدور وأدور، وودت لو أنني أمتلك جناحين كي أشارك في احتفال الطبيعة بالعيد في سماء الحرية.. إحساس لا مثيل له بعث لي برسالة قرأتها بين أوتار قلبي نوتةً موسيقية من الرضا الرباني .
الآن فقط أستطيع أن أقول بسعادة: عيد مبارك .. بلا مبارك.

صباح الأربعاء : ثاني أيام عيد الفطر المبارك عام 1432هـ
الموافق 31 أغسطس 2011م

29‏/08‏/2011

أدعية أيام الأسبوع


هذه أدعية أيام الأسبوع وردت عن الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه وعلى جده وآله أفضل صلاة وأتم تسليم ♥ أدعوكم لقراءتها بتمعن وخشوع وأنا على يقين أنكم ستشعرون بأنكم تقرأون أدعية ربانية لا ينعم الله بها إلا على وليّ من أوليائه .. لأنكم لن تجدوا مثيلها في الجمال والجلال والبلاغة إلا ما ورد عن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ...
اللهم أسألك بحبك لنبيك كما بلغت أنا هذه الأمانة أن تبلغني منازل الصديقين والشهداء وأن تخرجني من رمضان هذا العام وقد رحمتني وغفرت لي وأعتقتني من كل عذاب ، وأن ترزقني صحبة حبيبك وحبيبي الرحمة والنور والجمال والجلال عليه أفضل صلاة وأتم تسليم

دعاء يوم السـبت

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله كلمة المُعْتَصِمِين، ومقالةِ المُتَحَرِّزِين، وأعوذُ بالله تعالى من جَوْرِ الجائرين، وكيد الحاسدين، وبُغي الظالمين، وأحمدُه فوق حمد الحامدين. اللهم أنت الواحد بلا شريك، والملك بلا تمليك، لا تُضاد في حكمك، ولا تُنازع في ملكك. أسألك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك، وأن توزعني من شكر نعماك ما تبلغه غاية رضاك، وأن تعينني على طاعتك ولزوم عبادتك، واستحقاق مثوبتك بلطف عنايتك، وترحمني وتصدني عن معاصيك ما أحييتني، وتوفقني لما ينفعني ما أبقيتني، وأن تشرح بكتابك صدري، وتَحُطَّ بتلاوته وزري، وتمنحني السلامة في ديني ونفسي، ولا تُوحٍشَ بي أهل أُنسي، وتُتمَّ إحسانك فيما بقي من عُمري كما أحسنت فيما مضى منه، برحمتك يا أرحم الراحمين.

دعاء يوم الأحــــد

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الذي لا أرجو إلا فضله، ولا أخشى إلا عدله، ولا أعتمد إلا قوله، ولا أتمسك إلا بحبله. بك أستجير يا ذا العفو والرضوان، من الظلم والعدوان، ومن غِير الزمان، وتواتر الأحزان، وطوارق الحَدَثان، ومن انقضاء المدة قبل التأهب والعُدة، وإياك أسترشد لما فيه الصلاح والإصلاح، وبك أستعين فيما يقترن به النجاح والإنجاح، وإياك أرغب في لباس العافية وتمامها، وشمول السلامة ودوامها، وأعوذ بك يا رب من همزات الشياطين، وأحترز بسلطانك من جَوْرِ السلاطين، فتقبَّل ما كان من صلاتي وصومي، واجعل غدي وما بعده أفضل من ساعتي ويومي، وأَعزَّني في عشيرتي وقومي، واحفظني في يقظتي ونومي، فأنت الله خيرٌ حافظاً وأنت أرحم الراحمين.
اللهم إني أبرأُ إليك في يومي هذا وفي ما بعده من الآحاد، من الشرك والإلحاد، وأُخلص لك دعائي تعرضاً للإجابة، وأُقيمُ على طاعتك رجاءً للإثابة، فصلِّ على محمد خير خلقك الداعي إلى حقك، وأَعزَّني بعزك الذي لا يُضام، واحفظني بعينك التي لا تنام، واختم بالانقطاع إليك أمري، وبالمغفرة عمري، إنك أنت الغفور الرحيم، برحمتك يا أرحم الراحمين.

دعاء يوم الاثـنـين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لم يُشهد أحداً حين فَطَرَ السماوات والأرض، ولا اتخذ معيناً حين برأَ النسمات، ولم يُشَارَك في الإلهية، ولم يُظَاهر في الوَحدانية، كلَّت الألسُن عن غاية صِفته، وانحسرت العقول عن كُنه معرفته، وتواضعت الجبابرة لهيبته، وعنت الوجوه لخشيته، وانقاد كل عظيم لعظمته. فلك الحمد متواتراً متسقاً ومتوالياً مستوسقاً وصلواته على رسوله أبداً، وسلامه دائماً سرمداً.
اللهم اجعل أول يومي هذا صلاحاً، وأوسَطه فلاحاً، وآخرَه نجاحاً، وأعوذ بك من يومٍ أوله فزع، وأوسطُه جزع، وآخرُه وجَع. اللهم إني أستغفرك لكل نذر نذرته، وكل وعد وعدته، وكل عهد عاهدته ثم لم أفِ لك به، وأسألك في مظالم عبادك عندي، فأيما عبد من عبيدك، أو أمةٌ من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه، في نفسه أو في عرضه أو في ماله، أو في أهله وولده، أو غيبة اْغتبته بها، أو تحامل عليه بميل أو هوى، أو أنفةٍ أو حميةٍ أو رياءٍ أو عصبيةٍ، غائباً كان أو شاهداً، وحيَّاً كان أو ميِّتاً، فقصرت يدي وضاق وُسعي عن ردها إليه والتَّحلل منه، فأسألك يا من يملك الحاجات، وهي مُستجيبة لمشيئته، ومُسرعة إلى إرادته، أن تصلِّي على محمد وآل محمد، وأن تُرضيهُ عني بما شئت، وتَهَب لي من عندك رحمةً، إنه لا تنقصك المغفرة ولا تضرك الموهبة، يا أرحم الراحمين.
اللهم أولني في كل يوم اثنين نعمتين منك ثنتين، سعادةً في أوله بطاعتك، ونعمةً في آخره بمغفرتك، يا من هو الإله ولا يغفر الذنوب سواهُ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

دعاء يوم الثلاثاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً، وأعوذ به من شر نفسي إن النفس لأمارة بالسوءِ إلا ما رحم ربي. وأعوذ به من شر الشيطان الذي يزيدني ذنباً إلى ذنبي، وأحترز به من كل جبار فاجر وسلطان جائر وعدوٍ قاهر، اللهم اجعلني من جندك فإن جندك هم الغالبون، واجعلني من حزبك فإن حزبك هم المفلحون، واجعلني من أوليائك فإن أولياءك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
اللهم أصلح لي ديني فإنه عصمة أمري، وأصلح لي آخرتي فإنها دار مقري، وإليها من مجاورة اللِّئَام مفري، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والوفاة راحة لي من كل شر . اللهم صل على محمد خاتم النبيين، وتمام عدة المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، وهب لي في الثلاثاء ثلاثاً: لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا غماً إلا أذهبته، ولا عدواً إلا دفعته، بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، أستدفع كل مكروه أوله سخطه، وأستجلب كل محبوب أوله رضاه، فاختم لي منك بالغفران يا وليَّ الإحسان، برحمتك يا أرحم الراحمين .

دعاء يوم الأربعاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً. لك الحمد أن بعثتني من مرقدي ولو شئت جعلته سرمداً، حمداً دائماً لا ينقطع أبداً ولا يُحصي له الخلائق عدداً، اللهم لك الحمد أن خَلقت فسويت، وقدَّرت وقضيت، وأمَتَّ وأحييت، وأمرَضت وشفيت، وعافيت وأبليت، وعلى العرش استويت، وعلى المُلك احتويت. أدعوك دعاء من ضعفت وسيلته، وانقطعت حيلته، واقترب أجله، وتدانى في الدنيا أمله، واشتدت إلى رحمتك فاقته، وعَظُمت لتفريطه حسرته، وكَثُرت زلَّتُه وعثرته، وخلصت لوجهك الكريم توبته، فصلِّ على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وارزقني شفاعة محمد صلى الله عليه وآله، ولا تحرمني صُحبته، إنك أنت أرحم الراحمين.
اللهم اقضِ لي في الأربعاء أربعاً: اجعل قوتي في طاعتك، ونشاطي في عبادتك، ورغبتي في ثوابك، وزهدي فيما يوجب لي أليم عقابك، إنك لطيف لما تشاء، برحمتك يا أرحم الراحمين.

دعاء يوم الخميس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أذهبَ الليل مظلماً بقدرته، وجاءَ بالنهار مبصراً برحمته، وكساني ضياءه وأتاني نعمته. اللهم فكما أبقيتني له فأبقني لأمثاله، وصل على النبي محمد وآله، ولا تفجعني فيه وفي غيره من الليالي والأيام، بارتكاب المحارم واكتساب المآثم، وارزقني خيره وخير ما فيه وخير ما بعده، واصرف عني شره وشر ما فيه وشر ما بعده، اللهم إني بذمة الإسلام أتوسل إليك، وبِحُرمة القرآن أعتمد عليك، وبمحمدٍ المصطفى صلى الله عليه وآله أستشفع لديك، فاعرف اللهم ذمتي التي رجوت بها قضاء حاجتي، يا أرحم الراحمين.
اللهم اقضِ لي في الخميس خمساً لا يتسع لها إلا كرمك ولا يُطيقها إلا نِعَمُك: سلامةً أقوى بها على طاعتك، وعبادةً أستحق بها جزيل مثوبتك، وسعةً في الحال من الرزق الحلال، وأن تؤمِنني في مواقف الخوف بأمنك، وتجعلني من طوارق الهموم والغموم في حصنك، وصل على محمد وآل محمد، واجعل توسلي به شافعاً يوم القيامة نافعاً، إنك أنت أرحم الراحمين

دعاء يوم الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الأولِ قبل الإنشاء والإحياء، والآخرِ بعد فناء الأشياء، العليمِ الذي لا ينسى من ذَكره، ولا ينقصُ من شَكَرَه، ولا يُخيِّبُ من دَعاه، ولا يقطع رجاء من رجاه. اللهم إني أُشهِدُك وكفى بك شهيداً، وأُشهد جميع ملائكتك وسكانِ سماواتك وحملة عرشك، ومن بعثت من أنبيائك ورسلك وأنشأت من أصناف خلقك، أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك ولا عديل، ولا خُلْفَ لقولك ولا تبديل، وأن محمداً صلى الله عليه وآله عبدُك ورسٌولُك، أدى ما حمَّلته إلى العباد، وجاهد في الله عز وجلّ حق الجهاد، وأنه بشر بما هو حق من الثواب، وأنذر بما هو صدق من العقاب.
اللهم ثَبِّتْنِي على دينك ما أحييتني، ولا تُزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهَبْ لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، صلِّ على محمد وآل محمد، واجعلني من أتباعه وشيعته، واحشرني في زمرته، ووفقني لآداء فرض الجمعات وما أوجبتَ علي فيها من الطاعات، وقَسَمت لأهلها من العطاء في يوم الجزاء، إنك أنت العزيز الحكيم، برحمتك يا أرحم الراحمين.

16‏/07‏/2011

الرداء الأحمر وحكومة (الضغط)


في لحظة تأمل وجدت نفسي لا شعورياً أربط ما بين حب أغلب المصريين لفريق الأهلي وحبهم لوضع الخطوط الحمراء ، ابتسمت في سخرية وأنا أقول لنفسي: إن فريق الزمالك والذي يحظى كذلك بجماهيرية عريضة هو أيضاً يرتدي ملابس بها خطان حمراوان ، فهل لهذا أيضاً علاقة بالخطوط الحمراء؟
إنني لأتعجب حقاً من وضع الخطوط الحمراء في حياتنا بلا داعي ، بالأمس كنا نعتقد أن من وضعها هو النظام السابق حتى يتسنى له العبث في مصر كيفما يشاء ، ولكن الآن وبعد ثورة التحرير ألم نستطع بعد التخلص من هذه اللعنة؟!! نعم! إنها لعنة تصيب كل من لا يريد التحرر من خيوط العبودية التي نسجها عنكبوت عصر الاستبداد، ومن خطوط النقد ذات الرداء الأحمر. لماذا استبدلنا خطاً أحمرَ مباركياً بمثيله الطنطاويّ؟! لا لن أتهم الفلول في هذا الأمر ، ولكنني ربما أتهم (الفول) الذي أسكرَ عقولنا حتى ما عدنا نفرق بين النقد لقرارات مدنية يصدرها المجلس العسكري وبين قرارات يصدرها تخص الشأن العسكري الداخلي الذي لا نفقه فيه شيئاً أكثر من بعض المعلومات التي تعلمناها من تاريخ الحروب!! لماذا يصر عدد لا بأس به من المصريين على الخلط بين الأمرين؟!! وهنا نجد المصري (الهُمَام) ينبري بمنتهى الثقة ليقول: "ماهو لو المجلس العسكري سقط هو الجبهة الوحيدة اللي بتحافظ على أمن وسلامة مصر ، ولو سقط يبقى مصر كلها وقعت"!!!! وأخرى تقول: "لما تلاقي بيت عواميده كلها وقعت ومفضلش غير عامود واحد ، حتوقعيه هوا كمان؟! العامود ده هو الجيش"!!!!!!!!!
لا أدري لماذا نصر على ترديد ما لا نفهمه ، أولاً ما الصلة بين الجيش والمجلس العسكري؟ الصلة هي بلا شك القرارات العسكرية التي تصدر من المجلس فينفذها الجيش ، لكن إذا كان هذا المجلس يصدر قرارات مدنية تخص المصريين أجمعين لماذا نظل نربط الجيش برحيل المجلس العسكري؟ هل إذا غادر المجلس العسكري وسلم سلطاته إلى جهة مصرية أخرى، هل حينها سيكف الجيش المصري عن حماية مصر فتكون مصر عرضة لكل من يتربص بها من الخارج؟! إن أي جهة ستتسلم السلطة من بعد المجلس العسكري ليس لها دخل بالشئون العسكرية وبقرارات المجلس العسكري التي تخص الجيش المصري، فلمَ هذا الخلط غير المفهوم بين الحياة العسكرية والمدنية؟! ولماذا نصر على تدوال فكرة أن الجيش والمشير "خط أحمر"!! هوا احنا حنسرَّح الجيش يا اخوننا لما المجلس العسكري يمشي؟!! عجبت لك يا زمن
كلامي هذا لا يعني أنني أقبل إهانة المجلس العسكري أو المشير أو المؤسسة العسكرية ، فأنا أؤمن بحرية التعبير عن الرأي شريطة التزام الأدب ، ولا يعني كلامي أيضاً أني أرغب في رحيل عشوائي للمجلس العسكري ، فهذا يذكرني بقرار الانسحاب العشوائي من أرض سيناء المباركة في يونيو 1967 ، ولكن هذه المرة فيما يخص الحياة المدنية . إنني أطالب الثوار – الذين أعتبر نفسي منهم – أن نضع بديلاً يتوافق والقانون والدستور والطبيعة السياسية المصرية ، فلا معنى للمظاهرات والاعتصامات إذا لم تكن قائمة على مطالب عادلة لها حيثيات واضحة يمكن تطبيقها على الواقع السياسي ، فعلينا أن نضع عدة حلول ونرى مدى صلاحيتها للتطبيق على الواقع السياسي المصري ، عندها فقط يمكن ألا نجد سبباً يستدعي بقاء المجلس العسكري في السلطة إذا ما كان هذا هو مطلب جماهير الثوار، وإلا فعلينا الاستمرار بالضغط على المجلس حتى ينفذ كل مطالبنا وننتظر حتى موعد الانتخابات.
بمناسبة ذكري (للضغط) على المجلس ، فإنني أعترف بأن هذا المجلس قد استطاع أن يرفع (ضغطي) المنخفض بطبيعته وذلك بسبب سياسته الباردة التي لا تختلف عن سياسة النظام السابق في شيء . هذا المجلس وحكومته (الرشيدة) صارا لا ينتبهان إلى أن هناك ثورة قامت إلا كلما قررت جماهير الثوار النزول إلى الميادين (للضغط) على كل مسئول لتنفيذ مطالب نادينا بها منذ خمسة أشهر! هل هذه هي السياسة الحكيمة؟! وهل هذا هو ما تعهد به د/عصام شرف أمام الثوار في ميدان التحرير؟! وهنا أجدني أتقمص شخصية د/أحمد خالد توفيق في سلسلته "ما وراء الطبيعة" لأبحث عن "سر حكومة شرف" ، وليكن هذا هو العدد الأول في سلسلة "ما وراء الحكومة"!!!
تُرى ما سر بقاء د/عصام شرف في السلطة بعد أن تعهد بتقديم استقالته إذا لم يستطع تنفيذ مطالب الثورة العادلة؟! وقبل أن نبحث عن إجابة لهذا السؤال علينا أن نسأل سؤالاً أكثر أهمية: لماذا لم يستطع د/عصام تنفيذ هذه المطالب؟ هل لأن اختياراته لوزرائه لم تكن موفقة؟! أم كان مجبراً عليها؟ أم أن مطالب الثورة تتعارض وسياسة المجلس العسكري الذي قام بتعيين رئيس الوزراء؟! بالطبع لن أستطيع تصديق الإجابة الأولى لأن د/عصام حتى وإن لم يكن موفقاً في اختيار بعض وزرائه فإن لديه صلاحية تغييرهم بمن شاء ، أما الإجابتين الثانية والثالثة فهما الاحتمالان الوحيدان المنطقيان ، إذ لا يمكنني تصديق خيانة د/عصام للثورة لأنه كان أحد الثوار قبل تنحي الرئيس السابق مبارك ، وبالتالي فلن يغير موقفه بعد أن زالت أكبر العقبات. وهنا أجدني أطرح سؤالين آخرين لا إجابة لهما: لماذا يرى المجلس العسكري في تنفيذ مطالب الثورة ما يتعارض مع سياسته (الرشيدة)؟ ولماذا لم يتقدم معالي رئيس الوزراء باستقالته تنفيذاً لعهد قطعه على نفسه أمام جماهير التحرير؟!
ولا يمكنني أن أمنع نفسي من طرح أسئلة أخرى تؤرقني: ما سر تلك الأنباء التي ترددت عن رغبة معالي رئيس الوزراء في تغيير بعض وزرائه ورفض المجلس العسكري لذلك؟ هل يعاني د/عصام من (ضغط) ما يجبره على عدم تقديم استقالته؟ إذا لم يكن الأمر كذلك لماذا لا يصارحنا إذن بسبب المماطلة في تنفيذ مطالب الثورة؟ ربما يكون سبباً سياسياً منطقياً ، فلماذا لا يصارحنا به؟! ولماذا بدلاً من هذا خرج علينا بخطابات تذكرنا لهجتها بخطابات الرئيس السابق التي كانت تتسبب في رفع (ضغط) الشعب المصري بأكمله؟(طبعاً مع مراعاة تعبيرات د/عصام والتي تنم عن إرهاق وضغط وعدم رضا). لماذا لا يوجد جدول زمني لتنفيذ كل مطلب؟ لماذا تصر حكومة شرف على رفع (ضغط) المصريين؟ ولماذا يصر المجلس العسكري على إجبار الثوار بانتهاج سياسة (الضغط) حتى يتم الانتباه لما يريدون؟! إنه يذكرني بالطالب النائم الذي يستيقظ كلما طرق الأستاذ بقبضته على سطح مكتبه، فيستيقظ ليقول: "أنا صاحي والله" ثم يعود ليغمض عينيه، ولا يفهمنّ أحد من تشبيهي هذا إلى إشارتي بأن الثوار هم الأساتذة وأن المجلس هو الطالب النائم ، وإنما تشبيهي هو للحالة فقط لا للأطراف ، فنحن نعلم جيداً أن المجلس العسكري لا يغمض له جفن ، ولكن السؤال هنا هو: على راحة من يسهر إن لم يكن على راحة مصر؟! وهل مطالب الثورة تتعارض ومصلحة مصر العامة؟ أظن أنكم أنكرتم هذا وأعلنتم بأنفسكم أن مطالب الثورة مشروعة؟ إذن ما سر المماطلة في تنفيذها كما لو أنها مطالب مستحيلة؟! أليس من حق مصر أن يحكمها خيرة رجالها في شتى المجالات؟ أليس من حقنا أن نرى كل ظالم وقد نال جزاءه العادل والذي بسرعة تنفيذه سيشفي غليل كل مكلوم ومظلومو سيمنع حدوث أي فوضى محتملة؟ أما آن للغيم أن ينجلي وللقيد أن ينكسر وللوثاق أن ينفك من حول معصمي مصر المكبّلين؟!!! ألن نحيا حتى نرى حكومة لا تعمل (بالضغط) ولا تولد (الضغط)؟ ومتى نتخلص من كل الخطوط الحمراء ليتبقى لنا خط أحمر واحد هو "مصلحة مصر"؟

أميمة الشاذلي
16/7/2011م
15/8/1432هـ