22‏/02‏/2011

أسطورة وائل غنيم





رددت كثيراً.. وربما أخذت من الوقت أكثر مما ينبغي لكي أبدأ في كتابة هذه السطور .. فبعد يوم واحد أو يومين من تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك بدأَتْ حملة شرسة ضد وائل غنيم مدير الجروب الفيسبوكاوي (كلنا خالد سعيد) والذي يعتبر الشرارة الأولى لبدء ثورة الغضب في يوم الخامس والعشرين من شهر يناير عام 2011م . كنت أرد بمنتهى اصدق والأمانة والحيادية على كل متشكك في أمر هذا الشاب.. وأهيب بهم أن يتوقفوا عن الاهتمام بحقيقة شخص واحد والانشغال عن مصلحة وطن بأكمله.
كان أول اتهام له بالماسونية! ان ان آآآآآآآن .. وائل غنيم ماسوني!! والدليل على ذلك أنه كان في إحدى الصور يرتدي (حظاظة) ملونة .. كما أنه يرتدي قميصاً عليه رمز الأسد وهو رمز الماسونية . دعونا نتوقف قليلاً عند هذه النقطة بالمنطق والعقل.. رغم اعتراضي على ارتداء الحظاظة كفكرة أصلاً..أسائلكم: كم من شبابنا يرتدي حظاظة ملونة أو غير ملونة؟! هل كل هؤلاء ماسونيين؟ بل الأكثر من ذلك هو تصور من اتهم وائل بالماسونية أن لون الحظاظة التي كان يرتديها وائل في إحدى المرات تعبر عن درجة من درجات الماسونية!! وأرد عليهم هنا وأقول لهم: ما بالكم باللون الأسود في الماسونية؟! فأغلب الشباب الذين يرتدون حظاظة يرتدونها باللون الأسود وهو في الماسونية يرمز إلى (الشر... والموت... والسحر. ... رمز عبدة الشيطان) إذن فهذا يعني أننا نتهم كل من يرتدي الحظاظة من اللون الأسود لهو صورة ابليس على الأرض.. ولذلك أطمئنكم جميعاً إلى أن وائل بحظاظته ذات اللون الفاتح ما هو إلا ماسوني صغييير مقارنة ببقية شباب مصر .. لا تنسوا أنه تلميذ لأستاذه الماسوني الكبير الفنان محمد منير والذي يعلم الجميع أنه يرتدي اللون الأسود في قلاداته وحظاظاته.
الدليل الثاني على ماسونية وائل كان رمز الأسد المطبوع على قمصانه التي يرتديها ، والذي لا يمكن إلا أن يكون رمزاً للماسونية التي تتخذ من الأسد شعاراً لها! عجباً! فما أعرفه عن القمصان التي تحمل هذه العلامة أن الأسد المطبوع عليها هو رمز لاحدى الماركات العالمية للملابس .. وربما كان وائل من محبي هذه الماركة (يعني هوا ذوقه كده) ، أما تكرر هذه الماركة مع أبناءه فهو أمر من الاثنين.. إما لأنه وكأب يحب أن يجعل أبناءه يرتدون من ذات الماركة التي يفضلها ، وإما أن هذه الصور هي صور مركبة .. وما أسهل تركيب هذه الصور. أمر آخر أحب أن أذكركم به.. أن ماركة السيارات (البيجو) تتخذ من الأسد رمزاً لها.. هل هي أيضاً شركة ماسونية حقيرة؟ إذن فليعلم الجميع أن من يقتني سيارة من هذا النوع هو ماسوني إما بإرادته أو بتغييب إرادته...
والمفاجأة الحقيقية لهؤلاء المشككين هو أن رمز الماسونية ليس الأسد أصلاً .. وإنما هو رمز إحدى القنوات الموجودة داخل المعبد الماسوني وهذا هو سر صورة الأسدين الموجودين تحت اسم المعبد .. ورمز الماسونية هو الفرجار المفتوح وداخله حرف
G
.
الاتهام الثاني له والذي جعل الكثيرين يسلمون بصدق الاتهام الأول بناء على صدقه هو أن وائل قد ظهر لنا على شاشة التلفاز مرتين في برنامج (العاشرة مساء) مع الاعلامية/ منى الشاذلي قالت هي في اللقاء الأول أن وائل تحدث إليها من هاتفه الخلوي مساء الخميس قبل القبض عليه ، في حين أكد وائل في اللقاء الثاني أن الشك كان يملأ كيانه بأنه مقبوض عليه لا محاله بسبب صفحته التي يديرها والتي تحمل كل ما يثير الشعب ضد حكومته (الموقرة) فقام بكسر شريحة هاتفه الخلوي حفاظاً على سلامته وسلامة من يعرفه. وهنا يبرز لنا سؤال حتمي: كيف تحدث وائل الى السيدة منى بعد كسر الشريحة؟ والإجابة المباشرة استباقية الاتهام هو أن وائل كذاب ومضلل ولا شيء غير هذا.. عجباً والله! كيف لنا أن ننظر إلى الأمر برمته بزاوية واحدة؟! ألا يحتمل أنه كان يقصد الخميس بدلاً من الأربعاء؟! فرض آخر: ألا يحتمل أن السيدة منى لم تكن دقيقة في أنه تحدث إليها يوم الخميس في حين أن الحقيقة أن وائل تحدث إليها يوم الأربعاء قبل أن يكسر الشريحة؟ احتمال ثالث أقرب إلى المنطقية: وائل كمدير لتسويق شركة جوجل العالمية أليس من المحتمل أنه يمتلك أكثر من هاتف خلوي؟! وأن الشريحة التي كسرها هي شريحة الهاتف الذي كان يجري منه اتصالاته بأعضاء الصفحة التي يديرها وبمنظمي المظاهرة التي تحولت إلى ثورة يوم الخامس والعشرين من يناير؟ لماذا نظرنا إذن إلى زاوية واحدة غير منطقية وتركنا كل ما هو منطقي في هذا الأمر؟!
الدليل الثاني على كذبه هو ذلك الفيديو الذي يوضح لحظة اعتقال وائل والذي تم تصويره في وضح النهار.. في حين أن وائل قد أكد على أنه تم اعتقاله في جوف الليل! وإليكم الرابط
http://www.youtube.com/watch?v=rgLlxOqi1Hg
وهنا يتضح تناقض ما قال وما هو كائن بالفيديو.. ولكن المتمعن في هذا الرابط يلاحظ أن الشخص الذي تم اعتقاله لم يكن أبداً وائل ولا يمت له بصلة. فوائل لا يرتدي ذلك المنظار الطبي الذي كان يرتديه من تم اختطافه من وسط المتظاهرين كما أن الملامح متختلفة تماماً ، ثم السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: كيف تم معرفة وائل غنيم شخصياً وربطه بصفحة : كلنا خالد سعيد؟ إن وائل غنيم لم يكن شخصية معروفة على الإطلاق إلا لبعض الأشخاص. فكيف للذي قام برفع هذا الفيديو معرفة وائل غنيم؟!!! سنفترض جدلاً أنه من أصدقائه وأن هذا الشخص الذي عرفناه جميعاً ليس وائل الحقيقي وإنما وائل المزيف.. هل السيدة منى الشاذلي هي الأخرى عميلة وماسونية؟ لقد أكدت أكثر من مرة أنها كانت تعرف وائل جيداً من قبل الحادث كأحد خبراء الانترنت ووصفته بالعبقري فكيف لها ألا تتعرف على تزييفه؟ أم أننا سنسلم بأن وائل غنيم المزيف ما هو إلا أدهم صبري رجل المستحيل والذي يستطيع أن يغير ملامحه حتى تحاكي وائل الحقيقي؟ أين المنطق؟!
دليل آخر على كذب وائل أورده المتشككون هو أن وائل ليس بأكثر من ممثل فاشل حاول اقناع الجماهير بأنه مسكين كما حاول البكاء أمام السيدة منى الشاذلي إلا أنه لم يستطع فلجأ إلى الهروب وترك المكان.. وهنا أرد عليهم وبمنتهى الاشمئزاز من قوم يهزأون بمشاعر البشر ويسخرون منها ويشككون في مصداقيتها بأني أقسم أنني قد شاهدت دموعه وهي تتساقط على الطاولة التي كان يجلس إليها وأن كل من أمعن النظر سيتأكد مما أقول.. كما أن مشاعره كانت صادقة للدرجة التي جعلت ملايين المواطنين العرب وغير العرب يتأثرون بالمشهد ويضعونه على قنواتهم المختلفة.. أكل هذا البشر مضلل مخدوع بممثل فاشل لم يستطع البكاء كما تقولون؟!!
وآخر ما أورده هؤلاء المضللون عن كذب وائل هو أنه قال بأنه لم يتم تعذيبه طوال فترة اعتقاله وأنه كان مغمض العينين طوال 12 يوماً في حين خرج آخرون من المعتقلات وقد ذاقوا من العذاب ألواناً! فكيف له بأن يخرج دون خدش واحد في وجهه؟ كما أنه وحسبما قالوا قد ذكر فور خروجه على صفحة خالد سعيد بأنه لن يسامح الرئيس لأنه وطوال طريق اعتقاله لم يكف مختطفوه عن سبه بأقذع الشتائم وضربه وركله.. ثم مسح ما قاله بعد قليل! وأرد على هذا بأنني على يقين بأن وائل لم يختطف من أمن الدولة وإنما من المخابرات المصرية حسبما أعتقد.. فكلنا نعلم وسائل أمن الدولة في استجواب المتهمين.. أما المخابرات فتعتمد في انتزاغ الاعترافات من المتهمين على التعذيب النفسي لا الجسدي.. وهو ما حدث مع وائل.. وما يؤكد لي ظني هو أن استجوابه كان منحصراً في معرفة ما إذا كان هناك جهات خارجية أجنبية تقف وراء وائل وتدعمه .. وهو أمر – مع خبرتي القليلة – أعتقد أنه يخص المخابرات بالدرجة الأولى لأنه يتعلق بأمن مصر الخارجي لا الداخلي .. أما ما أورده على صفحته من تعذيب له ثم مسحه لا يثبت كذبه.. فربما تمت مضايقته طوال الطريق فحسب.. وربما حدث ما ذكره في المذكرة الممسوحة إلا أنه أبى أن يزيد من تشويه أمن الدولة أو رأى في ما ذكر شيئاً لا يود ذكره فقام بمسحه .. هذا إن صح ما قيل عنه.. وهناك احتمال آخر.. فإذا افترضنا وجود أكثر من مدير للصفحة فنحن نقف أما احتمال أن يكون مدير آخر سوى وائل هو من كتب هذه المذكرة بناء على ما يعرفه عما يحدث في المعتقلات عموما وليس بناء على ما حدث لوائل شخصياً ، ولهذا مسحه وائل حتى لا يظن البعض أنه ذات الشخص الذي تتحدث عنه المذكرة .. وبصحة هذا من عدمه لا يمكننا على الإطلاق أن نتهم وائل بالتهم السالفة والآتية من ماسونية أو عمالة للغرب.

الاتهام الثالث لوائل يعتمد كثيراً على حيثيات الاتهام الثاني وهو أن هناك من افترض أن وائل المقبوض عليه في الفيديو ليس هو من نعرفه وأن من نعرفه هو..... عميل لأمن الدولة.. أن أن آآآآآآن .. دعونا نفند معاً هذا الاتهام ونسلم جدلاً بحقيقته. فإذا كان من يدعي بأنه وائل غنيم هو شخص تابع لأمن الدولة فكيف به يخرج من معتقله لينضم إلى الثورة ويزيد حماس الشباب للمسير قدماً ضد أمن الدولة (التي ينتمي إليها) وضد من يحميه أمن الدولة وهو الرئيس؟ كان أولى به كمجند لأمن الدولة أن ينشر من الشائعات ما يجعل من الثورة أمراً غير مستساغ بل ومكروه للجميع بأن يقنعنا مثلاً أن أمريكا تتربص بنا وعلينا أن نوقف هذه الثورة الآن وإلا حكمنا على مصر بأن تصبح عراقاً أخرى. كان يمكن له أن يتهم (الأجندات) بأنها من يقف وراء هذه الثورة ومن حرضه على القيام بما كان يظن أنه في مصلحة البلد وحين انكشف له المستور قرر أن يصارحنا جميعاً ويدعونا الى التوقف عن تنفيذ مخططات خارجية.. كان يمكن لوائل التابع لأمن الدولة أن يفعل كل هذا إلا أنه فعل العكس تماماً.. وهنا يجب علينا -إذا ما أصررنا على انتمائه لأمن الدولة – الاعتراف بأن أمن الدولة كان يعمل لقلب نظام الحكم الذي يحميه هو.. وهو ما يكذبه المنطق والمشاهدة حيث ثبت للعالم أجمع حقارة أمن الدولة أو ما يحلو لي بأن أسميه ب(إرهابي الدولة) حين اعتدت على المتظاهرين بشتى الطرق وطوال فترة وجودها في الشارع المصري.. وإذا كنا نسلم بأن أمن الدولة لم يكن بحال من الأحوال يعمل لصالح الثوار فلابد وأن نسلم بأن وائل لا يتبعهم على الإطلاق.

وتنقلنا هذه النقطة إلى الاتهام الرابع وهو أن وائل عميل للأمريكيين حيث أنه متزوج من أمريكية يقول بأنها مسلمة ، والشائعة تقول أنه زوجته كانت يهودية وأسلمت عام 2005 قبل الزواج منه. ثم وأنه كان يعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة فكيف له أن يعرف ويشعر بما يشعر به المواطن المصري المطحون؟! وأرد على هذا الاتهام بقولي أننا لا نعرف مصدر الشائعة التي تتحدث عن زوجة وائل غنيم.. مَن مِن المواطنين المصريين من يستطيع التنقيب عن هذا الأمر ونحن في ذروة الثورة؟ كيف لمصري أن يعلم بحقيقة زوجته دون أن يكون هو على علاقة بها أو أنه يحتل منصباً في الدولة يتيح له التفتيش في ملفات المواطنين بل والبحث في تاريخ زوجاتهم؟!!! إن مطلق هذه الشائعة أرادها له فجاءت عليه إلا أن هناك من المصريين من صدق هذا الكلام وذلك بسبب الكذب الذي يبدو في أحاديث وائل، والذي لم يحاول من صدق هذا الكلام أن يقيس كذبه بمقاييس أخرى بعيدة عن نظرية المؤامرة. وبالنسبة لموضوع الإمارات فإنه ومع تطور التكنولوجيا حول العالم صار من الممكن للمرء أن يعلم ما يحدث في دولة أخرى لحظة بلحظة. وإن ما كان يحدث في مصر كان ظاهراً كوضح النهار من خلال المقاطع المنتشرة على المواقع المختلفة، ويكفي بالمرء ما حدث للشهيد خالد سعيد من تعذيب وحشي أعطى للعالم أجمع انطباعاً عن أجهزة القمع في مصر. إن بإمكان أي مواطن مصري يعيش خارج بلده أن يعلم بمنتهى السهولة ما يحدث فيها وبالتفصيل.. ثم إن وائل ليس بمنعزل عن بلده فهو لم يولد بالإمارات.. بل عاش وتربى هنا في مصر وإن كان قد سافر إلى الإمارات لاحقاً للعمل فحسب، ولكن هذا لا ينفي أنه عاش أغلب سنوات عمره هنا في بلده وعاش آلام المواطن المصري وآماله.

الاتهام الخامس والذي ورد عبر صفحات الانترنت على لسان العقيد عمر عفيفي.. وبغض النظر عن كون العقيد قد صرح بذلك من عدمه فإن الاتهام يقول على لسانه أن وائل غنيم هو صناعة الاستخبارات الأمريكية والموساد والمخابرات المصرية!!! يا سبحان الله! ولأول مرة في التاريخ أجد ثلاثة أجهزة أمنية مختلفة – لم تجتمع معاً أبداً- تجتمع لتجنيد مواطن واحد .. ومن أجل ماذا؟ من أجل اسقاط الحكومة. ولنا هنا وقفات لا وقفة واحدة. أولها: منذ متى وهذه الثلاث أجهزة قد اجتمعت معاً من أجل صناعة شخص مثل وائل لاسقاط حكومة؟ إن هذا لأمر مثير للضحك حقاً فهو يذكرني بروايات رجل المستحيل لكاتبها العبقري د/نبيل فاروق حين اجتمعت مخابرات العالم أجمع من أجل القضاء على السنيورا التي كانت تسعى للسيطرة على العالم ، وهناك مرة أخرى اجتمعت فيه أقوى مخابرات العالم باستثناء مصر من أجل القضاء على أدهم صبري! هل وائل بهذه الأهمية حتى يتم اجتماع مخابرات ثلاث دول من أجل تجنيده؟! أما كان أولى بالمخابرات المصرية أ، تدرب فريقاً من البوليس السري على القيام بهذا وهو أمر سهل للغاية بدلاً من إدخال عناصر أجنبية؟ ثم ما مصلحة الكيان الصهيوني في تجنيد وائل غنيم؟ أهو إسقاط مبارك والذي تعده اسرائيل الحليف الأول لها في الوطن العربي وأفريقيا؟ وما الذي ستجنيه أمريكا من إسقاط النظام الحاكم؟ أليس من مصلحتها أن تظل مصر هادئة مستسلمة للمعونات وملتزمة بالاتفاقيات الدولية وبرئيس سمح لها بالعبور من قناة السويس إلى العراق لاحتلالها بدلاً من رئيس جديد يقلب كيانها وربما يقوم بعكس ما كانت ترغب به؟ إن مبارك لهو الرئيس المناسب لكل من اسرائيل وأمريكا لأنه من يحميهما من أي تمرد في الوطن العربي من شأنه زعزعة أمن اسرائيل. كما أن أجهزة الأمن المصرية كانت في أوج تألقها في عصر مبارك حيث كان المواطن المصري يخشى أجهزة القمع من الشرطة وأمن الدولة خشيته من الموت.

الاتهام السادس وهو أن وائل ليس المدير الحقيقي لصفحة كلنا خالد سعيد وأن صاحبها الحقيقي لا يزال رهن الاعتقال ولا يعلم عنه شيئاً.. وهنا نعود إلى مصدر هذه الشائعة فنجدها صادرة على لسان احدى فتيات ائتلاف الثورة بالاسكندرية لم نعرف لها اسماً! لو كانت صادقة فيما تقول لظهرت باسمها بمنتهى الشجاعة التي سمحت لها بكشف معلومة خطيرة كهذه. وأضيف لهذه الشائعة خبر من ويكليكس بأن المخابرات الأمريكية خططت لمثل ما حدث في مصر وأنها كانت على علم بقيامه .. وأود هنا أن ألفت الانتباه إلى أم هام.. إن كل من يكتب أي خبر ثم ينسبه إلى شخص أو هيئة ما موثوق فيها فإن القراء لا يبحثون عن مدى صحة ما نسب إليهم من عدمه .. فأنا على يقين أنني لو ذكرت مثلاً خبر أن مصر في عصر السادات كانت تنتوي امتلاك سلاح نووي وأن هذا سبب اغتياله ثم نسبت هذا الخبر إلى وثائق ويكليكس فأنا على يقين من أن هذه المعلومة ستنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.. إذن فنحن أمام شائعة لا نعرف مصدرها ولا نستطيع تصديقها من تكذيبها إلا من خلال الأدلة الأخرى التي ذكرتها لكم سابقاً إلا أن هناك أمران استوقفاني حقاً في هذه النقطة (مع ثقتي الكاملة في مصداقية وائل غنيم) الأمر الأول هو مكالمة مسجلة منتشرة على موقع اليوتيوب بها من يقول بأنه المخرج الشهير عمرو سلامة ويؤكد على أن وائل غنيم ليس مدير الصفحة .. وهنا توقفت كثيراً وورد في ذهني احتمالين.. إما أن صاحب هذا الصوت ليس عمرو سلامة وإنما مجرد شبيه له يعمل على إثارة الشك والبلبلة بين صفوف المواطنين وإما أن وائل غنيم يعمل مع أشخاص آخرين لكنه لا يريد لفت الانتباه إليهم كي لا يعرضهم للأذى .. وهو ما حدث بالفعل في مكالمة من أحد شباب ائتلاف الثورة للاعلامية منى الشاذلي ذكر فيها أن وائل غنيم هو المدير الفني للصفحة وأن صاحب الفكرة والمدير السياسي هو عبد الرحمن منصور وهو مجند بالجيش منذ السابع عشر من يناير أي قبل اندلاع الثورة.. وهذا ما أكد لي على ما كان يدور بذهني.. فبالفعل كان وائل حريصاً على عدم الزج باسم زميله حتى لا يتعرض لمسائلة عسكرية بأي شكل من الأشكال ، وهو ما أعتبره نبلاً من وائل لأنه سيتحمل منذ الكشف عن شريكه سيتحمل اتهامات بالنرجسية وحب الظهور على حساب الآخرين وهو ما لم يكن يقصده إطلاقاً.
هناك أمر يتعلق بالأمر السادس وهو ذكر البعض أن من أنشأ هذه الصفحة هي أخت خالد سعيد وأنها كانت تحتمي وراء وائل حتى لا ينكشف أمرها.. وهو أمر أثار دهشتي ممكن أورد هذا الخبر كدليل إدانة ضد وائل غنيم.. فبالرغم من أنني لم أشاهد هذه الحلقة إلا أنني سأسلم جدلاً بصدق ما قالته أخت الشهيد.. إذن فهذا اعتراف صريح من أخت الشهيد بأنها على معرفة وصلة بوائل غنيم وأنه هو المتحكم في الصفحة بشكل أو بآخر وهو ما ينفي ما قاله نفس المصدر المشكك من أن وائل ليس مدير الصفحة ! ثم والمنطق يقول: ما المانع من أن يكون للصفحة أكثر من مدير؟! وهو أمر منطقي لكي يحل كل منهم محل الآخر إذا ما حدثت أي ظروف (خصوصاً ما يخص أمن الدولة) حتى لا يتوقف نشاط الصفحة إذا ما تم اعتقال أحدهم كي لا يتوقف النداء من أجل كرامة المصري وحريته التي تنادي بها هذه الصفحة وننادي بها جميعاً... ولن أندهش كثيراً إذا علمت بأن هناك أكثر من مديرين للصفحة وأن جميعهم استتر وراء وائل غنيم لأسباب أمنية.

الاتهام الأخير والذي أثار دهشتي من غباء من أطلق هذا الاتهام.. وهو أن وائل غنيم كان محكوماً عليه في قضية سابقة من أكثر من 15 عاماً بتهمة الانضمام إلى عبدة الشياطين! وإليكم نص الاتهام حسبما تناقله الناس على الفيس بوك:
(الإسم: وائل حسن مصطفى على غنيم.. أحد المتهمين فى القضية رقم 8175 لسنة 1995 وذلك لقيامة بأعمال غير مشروعة من الدجل وماهو مخالف للشريعة الإسلامية .خرج بكفالة قدرها 6,000جنية مصرى .القضية كانت فى محكمة جنايات القاهرة وتم أستئناف الحكم أمام محكمة دار القضاء العالى بالعريضة رقم 8832 لسنة 1996)
كان هذا هو نص الاتهام المذكور..وهناك أمران بسيطان أرد بهما على هذه التهمة.. أولهما أن وائل وحسبما ورد في المواقع من مواليد سنة 1980م وذلك كما ورد في هذا الرابط أدناه
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%84_%D8%BA%D9%86%D9%8A%D9%85
وإذا سلمنا بصحة الاتهام فإننا سنسلم بأن وائل يوم أن قبض عليه بهذه التهمة كان له من العمر 15 عاماً!! يا للعجب! عابد للشياطين منذ صغره؟ يا له من وغد حقيقي .. وبالطبع من أورد هذه المعلومة ربطها بالتهمة الأولى: الماسونية.. وللمعلومة أيها القراء الأعزاء فإن لعبدة الشياطين عالمهم وقوانينهم وما يهمنا هنا من قوانينهم هو أنهم لا يسمحون لشخص بالانضمام إليهم إذا كان دون الثامنة عشرة من العمر بل وأحياناً دون الحادية والعشرين وهذا ما ورد في هذا الرابط
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9#.D8.B4.D8.B1.D9.88.D8.B7_.D8.A7.D9.84.D8.B9.D8.B6.D9.88.D9.8A.D8.A9
الأمر الثاني والأهم في ردي على هذه النقطة هو أن المتهم اسمه: وائل حسن مصطفى على غنيم ، ووائل الذي نعرفه اسمه حسبما ذكرته السيدة منى الشاذلي وكما ورد في المواقع وائل سعيد عباس غنيم! إذن فالتشابه بينهما في الاسم الأول والأخير فحسب.
سؤال هام للغاية.. من باستطاعته الوصول إلى ملفات قديمة في قضايا قديمة من المواطنين؟ من بامكانه فعل ذلك؟ ومن ذلك الذي ينبش وراء وائل غنيم؟ وما مصلحته من نشر أمر كهذا سوى تشويه صورته بعدما وجد أن هناك من العقلاء من رفضوا اتهامه بالماسونية فلجأ إلى السلاح الأقوى وهو الأدلة القضائية؟ ولماذا صدرت كل هذه الاتهامات في أسبوع واحد ضد شخص واحد في وقت حرج كلنا نبحث فيه عن الاستقرار وإعادة بناء هذا الوطن المسلوب؟ ثم إنني أنعي ذكاء من قام بنشر هذه التهمة حيث أن غباءه جعله يظهر اسم المتهم كاملاً.. وهذا ما أبرز على الفور كذبه.. فلو كان من الذكاء بمكان لأخفى اسمه بالكامل وأخفى سنة القضية وترك الاتهام مفتوحاً ليثير بلبلة أكثر في الشارع المصري..ولو كان من الكياسة بمكان لأدرك أن اتهامه لوائل بالعمالة سواء للموساد أو لأمن الدولة يتنافى مع هذه المعلومة لأن كليهما لو حاول تجنيد وائل فسيسعى لمحو كل الملفات والقضايا المقيدة ضده حتى لا يفتضح أمره فيما بعد.. فهذه أجهزة مخابرات كبرى وليست أجهزة بلاي ستيشن.. إلا أن الله أراد أن يفضح كذبه ويبرىء ساحة وائل غنيم ذلك المواطن المصري الوطني الذي عشق بلده لدرجة أنه أبى الرد على هذه الاتهامات إلا مرة أو مرتين وبكلمات محدودة واضعاً مصلحة الوطن نصب عينيه وفوق كل شائعة واتهام متبنياً المقولة الشهيرة (الكلاب تعوي.. والقافلة تسير)
ربما أطلت عليكم كثيراً لكنه ليس أطول من الوقت الذي شغل بال الكثير منا في البحث وراء حقيقة وائل غنيم وهو شخص لا يمكن القول عنه إلا أنه ترس في آلة ضخمة اسمها الثورة.. وتلك الآلة تعمل من أجل المضي بمصر قدماً نحو الأفضل.. نحو المكان الذي يناسب أم الدنيا.. لم أكن أتصور أن أكتب في شخص واحد مقال مطول .. لم أكن أتصور أبداً ولكنني أحب أن أؤكد على أنني ما فعلت ذلك دفاعاً عن شخص وائل وإنما دفاعاً عن رمز من رموز الثورة ومواطناً مخلصاً من أبناء هذا الوطن كان حلمه الأبدي هو أن يرى مصر في المكان الذي تستحقه.
وهنا أقول لكل من تقمص دور (المفتش كرومبو) : ما مصلحتكم من وراء نشر هذه الشائعات وشائعات أخرى تخص الثورة؟ لماذا لا تدخرون وقتكم وجهدكم من أجل إعادة إعمار مصر التي نعرف جميعاً أنها قد سرقها من كنا نظنهم حُماتها؟ لماذا تركتم البحث وراء الجناة الحقيقيين على هذا البلد؟ لماذا – بقدراتكم الخارقة في كشف المؤامرات والحقائق – لماذا لم تحاولوا البحث وراء ثروات مبارك وعائلته وجميع أعوانه أمثال أحمد عز وحبيب العادلي وجرانة؟ لماذا وجهتم طاقتكم نحو من كان أحد أسباب نجاح بدء تطهير البلاد من الفساد وتركتم كل رموز هذا الفساد؟ ولمصلحة من تعملون؟ أقول هذا لكل من أطلق الشائعات ضد وائل غنيم أو ضد أي أمر يخص الثورة.. وأقول لكم إنه أنتم من يعملون لافساد هذا الوطن وأنتم من تملكون الأجندات وأنتم من يزعجكم أن ترو مصر تتطهر من الفساد وتنهض من الرقاد .. أنتم من يجب أن يطلق عليكم العملاء والخونة لا أبناء هذه الثورة...
وأقول لكل مصري وعربي ساعد في نشر هذه الشائعات.. كفوا عن الانسياق وراء شائعات ليس من وراءها إلا تثبيط الهمم وإضعاف العزائم وإهدار الوقت بما لا يعود على مصر ولا على أهلها بالخير .. إن مصر في حاجة لطاقاتكم التي تخرجونها في التفكير والنشر لمثل هذه الشائعات .. إن مصر بصدد عصر جديد مليء بالأمل ويحتاج إلى الكثير من العمل.. فادخروا جهدكم من أجلها .. فمصر تستحق أن تكون تاجاً للعلاء في مفرق الشرق.

أميمة الشاذلي
الواحدة ظهر يوم الثلاثاء: 22 من فبراير عام 2011م
الموافق: 19 من شهر ربيع الأول عام 1432ه

04‏/02‏/2011

لا تراجع ولا استسلام .. مع أم ضد؟!!!؟


ترددت طويلاً وأخذت من الوقت الكثير قبل أن أقرر كتابة هذا المقال

لقد هممت بأن أنضم مع الجمع الذي يرفض جمعة الرحيل .. وأن أدعو للتهدئة وضبط النفس..

ثم وكلما شاهدت أو سمعت شيئاً مما حدث في ميدان التحرير من شهود عيان أشعر أن موقفي سيجانبه الصواب.. وبأن كلامي سيكون بلا طائل ..لأنني شخصياً لم أكن لأقتنع بما كنت سأقوله.

فماذا كنت سأقول لأم أحد الشهداء الذين راحوا ضحية سيارة أمن ظهرت فجأة في شارع يمتلىء بالمتظاهرين في جوف الليل فدهست أكثر من عشرين مواطناً وأكملت طريقها؟!!!

ماذا كنت سأقول لشاب رأى صديقه يختنق جراء الغازات المسيلة للدموع والدم كما حكى لي شهود عيان؟!!

أو ماذا كنت سأقول لأهل من راح ضحية رصاص حي أو مطاطي؟!! أو لمن اُعتُقل أخوه أو أبوه أو صديقه وما من سبيل حتى الآن لمعرفة مصيره؟!!

وماذا أقول أنا لهؤلاء الرُكَّع السُجَّد الذين أبت سيارات إرهاب الدولة إلا أن تغرقهم بمضخات ماء في قلب الشتاء؟!!

وغيرهم وغيرهم... ماذا سأقول لهم؟

كيف لي أن أقنعهم بالانتظار حتى يُعرف الجاني ويقتص منه كل ذي مظلمة؟!!

لا تطالبنَّ أحداً منهم حين يتأخر القصاص أن يشارك ويطالب برحيل النظام بأكمله ومحاكمته .. لا تلومنَّ أسداً جريحاً حين ينقض على كل من يشتبه به أو من يتحمل المسئولية .. لا تلمونَّه..

وضعت نفسي مكان هؤلاء الشرفاء الأبرياء ثم تخيلت ردة فعلي وأنا أستمع إلى خطاب الرئيس الذي جاء بعد أربعة أيام ولا يقول فيه أي شيء عاطفي يجعلنا نشعر أن هناك من يشعر بنا ... وأقصى ما توصلت إليه سياسته آنذاك هو إقالة الحكومة !! هل هذا هو ما مات الشهداء من أجله؟!! إن إقالة الحكومة أمر يمكن أن يحدث في أي وقت يفضح فيها الإعلام أخطاءها .. ولكن أن يخرج ولمدة ثلاثة أيام شعب مصر من كل أنحاء الجمهورية وبناء على ما قالته السي ان ان بأن الجمعة وحدها كانوا يقدرون ب750 ألف .. أي ثلاثة أرباع المليون ..استشهد منهم من استشهد.. وجرح منهم من جرح.. واعتقل منهم من اعتقل.. وكل هذا من أجل إسقاط حكومة؟!!!

هل أصابت برودة الشتاء سياستنا حتى تتأخر كل هذا ثم.......... تقيل الحكومة؟!!

وقتها قلت في سخرية وألم: تمخض الجبل فولد فأراً .. إنني أشعر أنه سيبدأ معنا لعبة (الشطرنج) وسيبدل أماكن بعض الوزراء كما فعل سابقاً .. وصدق حدسي .. فقد فوجئت بوزارة جديدة قديمة.. لم تخلُ من الكثير من الوجوه التي سئمنا رؤيتها.. كما لو أن لعنة الفراعنة قد حلت بنا وحكمت علينا أن نظل أبد الدهر نشاهدهم ينهبون أموالنا ويتلاعبون بمقدراتنا .

بالله عليكم يا عقلاء مصر والعالم العربي كله.. هل هذا التغيير الوزاري يتناسب مع مشهد المصلين في ساحة التحرير والماء مسلط عليهم والقنابل المسيلة للدموع من وراءهم؟!!!

إن أقل قرار كان يمكن أن يتخذه الرئيس منذ اليوم الثاني بعد أن علم بمحصلة ما حدث في اليوم الأول هو إقالة وزير الداخلية ومحاكمته على الفور والتحقيق بشأن كل خطأ ارتكبه .. ولكنه وبعد يوم الجمعة وبعد منتصف الليل أتى ليبشرنا بحكومة جديدة مع تبديل بعض قطع الشطرنج فيها!! أي سياسة هذه؟!!! أي مسئول هذا؟!! إنه حتى لم يجرم وزير الداخلية ولم يتخذ ضده كل الإجراءات اللازمة من منعه من السفر وتقديمه لمحاكمة فورية...... لا.. مجرد إقالة عادية.. وكأنه مثلاً ارتكب خطأ إدارياً أو كان سبباً في مشكلة عادية!!

أين العدالة؟! وكيف تطلب من ضحايا هذه الكارثة الإنسانية ألا ينادوا لحشد مليوني ؟!!

وجاء الحشد المليوني يوم الثلاثاء حيث بلغ عدد المتظاهرين في أنحاء الجمهورية حسب الإحصاءات ما بين 8 مليون إلى 11 مليون مواطن قالوا وبأعلى صوت: لا للظلم ولا للاستبداد..

فماذا كان الرد؟!!

أعتقد أن يومها يعد أهدأ يوم منذ بدء الثورة.. فمع غياب الأمن المركزي وتواجد الجيش المصري غابت عنا كل مشاهد القمع والتسلط والأعمال الدنيئة التي شاهدناها في جمعة الغضب .. وختم اليوم بخطاب مبشر للرئيس تغيرت فيه لهجته تماماً ونطق فيه بما كنا ننتظره طويلاً طويلاً ..

استبشرت خيراً بما قال.. وتعجبت ممن قالوا: لا تراجع ولا استسلام رغم كل ما قاله الرئيس!

لم أفهم وقتها أو لم أستوعب وقتها السبب.. فربما فرحتي بالخطاب طغت على تفكيري.. فصرت لا أفكر إلا في عهد جديد مليء بالأمل .. ومصر جديدة مليئة بالحضارة ومبشرة بالمستقبل المشرق.. والجيل الجديد ..

وقتها قلت إنه لمن الضروري أن نكف عن مطالبتنا بالرحيل الفوري عن السلطة على لا تنقلب الأمور إلى فوضى ..خصوصاً بعدما أكد رئيس الوزراء الجديد الفريق أحمد شفيق أن المتظاهرون مهما طال بقاؤهم في ساحة التحرير فإن أمنهم وسلامتهم (على رقبته)..

وكنت على يقين أن خطاب الرئيس هذا سيقسم الناس بين مؤيد ومعارض.. وستقل شعبية التظاهرات سواء من الواقفين في الميدان أو ممن كانوا يؤازرونهم بأرواحهم في منازلهم .. وهذا ما حدث بالفعل .. ولكنني ظللت على رأيي هذا حتى ظهيرة اليوم التالي .. يوم الأربعاء . حين شاهدت ما شاهدت من اشتباكات غير معهودة لا تتناسب مع أخلاقيات المتظاهرين الذين كانوا ينظفون الميدان منذ ثلاثة أيام فحسب!! إذن فلابد من حلقة مفقودة في هذا المشهد.. ماذا حدث؟!!

إنها موقعة الجمل... واعذروني على سخريتي.. فقد اعتدت أن أخبىء مرارتي خلف سخرية تلقائية ربما تخفف جزءاً بسيطاً من ذلك الألم الذي أحياه ليل نهار ..

جمل وخيول تقتحم ميدان التحرير.. لا أدري لماذا ذكرني هذا المشهد بمشهد شارون عليه لعائن الله وهو يقتحم حرم المسجد الأقصى بخيله ...

يا الله! سأصدق حتماً من قال بأن هؤلاء لم يخرجوا بأوامر من الرئيس.. بالتأكيد فالرئيس لن يجهض خطاب الأمس الذي ألقاه .. وسأصدق بأن هؤلاء ليسوا من مؤيديه حيث أن مؤيدوه تظاهروا أمام جامع العالم مصطفى محمود رحمة الله عليه ... وعلى الرغم من أن بعض هؤلاء قد اتجه إلى ميدان التحرير إلا أنهم لم يكن لديهم جمل ولا ناقة .. ماذا حدث إذن؟!! ورد في الأنباء أن من قام بتسليط هؤلاء هو أحد أعضاء مجلس الشعب بنزلة السمان .. لا أستطيع أن أصدق أو أكذب هذا النبأ.. فلربما يكون هذا الشخص مغضوب عليه من عضو آخر في مجلس الشعب وأراد أن يلصق هذه الجريمة به.. أو ربما لم يكن هو المسئول الوحيد عما حدث.. ربما كان ذلك من تدبير أحمد عز أو حبيب العادلي انتقاماً من الرئيس حيث أخرجهم من الفردوس الزائف الذي كانوا يرتعون فيه .. أو لكي يشوهوا صورة الرئيس بعد خطابه حتى يفقد مصداقيته المفقودة بالفعل بسبب عامل الزمن .. فثلاثون عاماً من الوعود غير المرئية كافية لأن لا يثق أحد بتحقق وعد جديد من أي مسئول سواء كان الرئيس أو غيره ..

أياً كان الأمر.. فلا ينكر أحد منا أن هذه الجريمة وما أعقبها من قذف المتظاهرين بالمولوتوف من مجهول أدى إلى تفاقم الأمر وسعي بعض المتظاهرين لفعل المثل بما أوتوا من أدوات بسيطة ليردوا على المعتدي الغامض الذي لا نعلم حتى الآن من هو ومن وراءه..

طوال هذا اليوم ولا يخرج مسئول واحد ليعتذر عما حدث أو ليفسر لنا الأمر.. كل ما جاء في نشرة الأنباء هو أن وزير الداخلية الجديد ينفي أن يكون من فعل هذا له علاقة بجهاز الداخلية.. ولنا هنا وقفة .. سأصدق حقاً ما قاله الوزير.. فليس من المنطقي أن يشوه صورته في أول أيامه خاصة بعد كل ما حدث من نظيره السابق ... وبغض النظر عن المتسبب فهناك تساؤل يجول بخاطري حتى اللحظة : أين دور الداخلية في ميدان التحرير؟!! لماذا لم نرها تفصل بين القوات؟!! ولا يمكن لأحد أن يلوم الجيش على قلة حيلته فهو مدرب على التعامل مع العدو بأسلحة نارية يأبى الجيش أن يستخدمها ضد أبناء شعبه مهما كانت حدة الخلاف بين المتظاهرين .. أين الأمن؟!!! وإذا سلمنا جدلاً بأن التحرير كان من المقصود أن يتم إخلاؤه من الأمن حتى لا يحدث بينه وبين الشعب لما له من ذكريات مريرة في هذا الشأن.. إذا سلمنا جدلاً بهذا – رغم أن هذا ليس وارداً في منطق وسياسة الأمن فالمنطق يقتضي وجود عناصر للأمن ولو في ملابس مدنية تحسباُ لأي اشتباكات قد تحدث بين المتظاهرين – يبقى السؤال العالق في ذهني حتى الآن: أين شرطة المرور التي أعلنت الداخلية أنها قد عادت مرة أخرى إلى الحياة في شوارع القاهرة؟!! ألا يوجد أي رجل مرور واحد شاهد جملاً وخيولاً تسير في شوارع القاهرة من نزلة السمان بالهرم وحتى ميدان التحرير؟!!! إنها - لمن لا يعرف شوارع القاهرة – لمسافة طويلة تلك التي تفصل بين الساحتين .... أعلم أنه ليس باستطاعة أي شخص حتى لو كان عنترة بن شداد أن يوقف قافلة من جمل وخيول تسير بسرعة في شوارع القاهرة.. ولكن لماذا لم نسمع عن أي بلاغ تم تقديمه إلى الداخلية أو القوات المسلحة حتى يمكنهم التحسب لأمر كهذا وإيقاف شلال الدم الذي أريق بعده؟!!! لغز محير لم أفهمه حتى الآن.. ولا يوجد مسئول واحد يفسر لنا ما حدث..

هل هذا ما وعد به معالي رئيس الوزراء أحمد شفيق بأن أمن المتظاهرين (على رقبتي) ؟!! كيف لنا أن نصدق أي وعد بعد هذا؟!! لست أشكك في ذمة رئيس الوزراء الجديد فهو على ما يبدو كان جاداً وصادقاً فيما يقول.. لكن كيف لنا أن نضمن عدم وجود من يحاول نقض كل وعد من وعود الحكومة الجديدة؟!! ما الضمان إذن؟!!! لا جواب!!!! ثم وبعد ثمانية أيام من جريمة واضحة المعالم يصدر أمر بمنع بعض المجرمين وعلى رأسهم وزير الداخلية من السفر؟!!! بعد أكثر من أسبوع؟!!! ما هذا التهاون بشأن الأرواح المصرية؟!!! هل نحن مجرد خراف تموت ولا يبال بها راعيها؟!!؟ ونحن على يقين أن حبيب العادلي قد هرب خلال الأسبوع الماضي بعد (خراب مالطة) هو وعز.. فمن سيحاسبهم؟!! ربما يحدث لهم كما حدث للمتسبب في غرق العبارة الذي لم نره يلقى جزاءه حتى الآن وضاعت دماء الشهداء هدراً

والآن وبعد كل هذه المعطيات.. ماذا يجب أن أقول؟؟!!! وماذا يجب أن يكون موقفي؟!!؟

هناك من لا يزالون يطالبون بالتهدئة لإنقاذ مصر .. وهناك من ينادي بإيقاف الفتنة . ولي عند هذه الكلمة وقفة.. فقد أعجبني ما قاله المخرج خالد دياب في هذا الشأن .. قال بأن الفتنة هي أن ترى فئتين لا تستطيع تمييز المصيب من المخطىء فيهما .. ولا يمكنك أن تعرف مع أي فئة يكون الحق.. عندها عليك اجتناب الفتنة .. ولتفعل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (أغلق عليك بابك.. وليسعك بيتك .. ولتبك على خطيئتك)

أما ونحن نعلم جيداً مع من الصواب فهنا لن نكون من محدثي الفتنة .. بل إنني أقول لكل صامت وقتها: (الساكت عن الحق شيطان أخرس)

أن نرى مواطناً بسيطاً أعزلَ يقف ضده من يدعي أنه مواطناً مصرياً يمسك بالحجارة والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وقنابل المولوتوف بل والرصاص الحي كل هذا وما زلنا نسميها فتنة؟!!!

إن خير رد على هذا هو قول الله عز وجل: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى "فقاتلوا" التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)

إذن فمن العدل أن نقاتل هؤلاء الظلمة حتى التوبة والتوقف عما يفعلوه بنا .. فما بالك بمجرد الدفاع عن النفس والوقوف أمامهم بلا سلاح يذكر؟!!

المشكلة هنا هو أنه من المفترض أن من يقوم بهذه المهمة هو الحاكم وأعوانه.. يخرجون على الفئة الباغية حتى تثوب إلى رشدها .. ولكن الواقع هو أن العكس ما يحدث .. ولن أخوض في التفاصيل أكثر من هذا..

في النهاية ومع احترامي لكل من نادى بالتوقف .. ومع تفهمي واحترامي لكل من نادى بعدم التراجع وإكمال المسيرة .. أجد نفسي أقف على الحياد.. فلا أنا من مؤيدي جمعة الرحيل.. ولا من الفئة التي استكفت بما حققناه من نجاح (شفهي) . إنني ومع كامل احترامي لكليهما أرى أنه من الحكمة أن نؤيد من يتظاهر اليوم.. لا من أجل الرحيل ولكن من أجل الثأر لدماء الشهداء.. من أجل محاسبة كل متسبب ومقصر .. ومن أجل إسقاط كل ظالم.. فالعصابة لم تكن مجرد أحمد عز ولا حبيب العادلي.. إنها قائمة طوييييلة ممن عاثوا في مصر فساداً وضيعوا الدين والدنيا .. وإذا ما توقفنا الآن فسيبقى كل مفسد في مكانه.. بل وسيحاول تخفيف العقوبة عن كل ظالم حتى لا يفضحه هو ويكشف سره ...

بل وما أدرانا ألا نعود إلى منازلنا فنجد من يتربص بنا إما من الداخلية كي لا تتكرر ثورة أخرى وإما ممن كانوا كبش فداء هذه الثورة انتقاماً لأنفسهم؟!! ما أدرانا ألا يحدث هذا في غياب أمن خانه الكثير من رجاله؟!! من سيحمينا وقتها؟!

هناك من يقول: إذا حدث هذا فسنخرج جميعاً إلى ميدان التحرير مرة أخرى .. ما أدراكم أن صاحب المصلحة وقتها لن يمكنه إيقافكم بوسيلة أو بأخرى .. نعم نحن نمتلك سلاح القوة .. ولكنه سلاح وحيد لا نملك تجديده.. سلاح عرفه خصمنا فلا نستبعد أن يتخذ إحتياطاته في المرة القادمة تحسباً لأي ثورة ضد أي إجراء تعسفي غير مقبول ..

ما أدرانا؟!! وما الضمان؟!! لا أعلم حقاً إجابة لسؤالي هذا .. ربما لو قامت الداخلية بالافراج عن المعتقلين السياسيين جميعاً عدا الجواسيس بالإضافة إلى صرف تعويضات لضحايا هذه المعركة .. أقول ربما يكون هذا عربون عهد جديد بين الشعب والشرطة .. ولكن ربما لا يروق هذا للبعض.. فحياة الانسان لا تقدر بثمن ولا يعوضها أي شيء .. ولكنني أقول هذا بناء على معطيات سياسية تنذر بالخطر إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.. ولهذا حديث آخر أرد فيه على كل من تخوف على مصر من تخلات خارجية أو كل من قرأ مقالاً يحكي هذا.. أقول لهم وبكل بساطة.. إن هذه المنشورات قبل أن تصلكم لابد وأنها قد وصلت للمخابرات العامة المصرية التي هي بشهادة العالم من أفضل خمس مخابرات على وجه الأرض .. فلا يمنعنا خوفنا على وطننا وعشقنا للأرض والسلام من أن نطالب بحقنا .. ولن يضيعَ حقٌّ وراؤه مُطالب .. وأقول أخيراً .. إنه ابتلاء من الله عز وجل .. وتطهير لأنفسنا .. لك الله يا مصر.. ولنا الله يا شعب مصر.. ويا كل شعب عربي مضطهد على أرضه .. "ليس لها من دون الله كاشفة" .

عم إن في استجابة الرئيس لمطلب الغرب بالتنحي الفوري إهانة .. ولكن.. هو الآن أمام خيارين لا ثالث لهما .. إما الكرامة المصرية وإما الدماء المصرية ..معادلة صعبة ..ولكن لا مفر من الاختيار

اللهم اختر لمصر وللمصريين ما فيه الخير لهم في دينهم ودنياهم

اللهم أسألك أن تحفظ مصر وأهلها من كل مكروه.. وكل من أراد مصر بسوء فاجعل تدبيره تدميره يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار... اللهم واحفظ شبابنا الذين يدافعون عن دينك وعما أردته من عدل في أرضك.. وعلى أرض الأنبياء.. اللهم ثبتهم بكلمة لا اله الا الله محمد رسول الله.. واجعل دماءهم وقوداً يَصْلَى به كل من أفسد في هذا البلد أو أراد ذلك في نار جهنم.. اللهم وغير ما بنا إلى ما تحب وترضى.. واكتب لمصر وأهلها غداً ما فيه الخير .. اللهم يا حق يا عدل .. يا مجيب دعوة المظلوم .. اكفنا شر كل ظالم وانتقم منه يا منتقم يا جبار.. اللهم واحقن دماء المصريين فنحن لا يرضينا ولا يرضيك ذلك يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام .. بجاه حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم. وبحق هذا اليوم العظيم.. يوم الجمعة ... وصلى اللهم على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.



أميمة الشاذلي

صبيحة يوم الجمعة .. غرة ربيع الأول عام 1432هـ

الموافق 4 فبراير 2011