14‏/03‏/2012

رنّة موبايلي


«غيري رنة موبايلك يا بنت»
اعتدت سماع هذه الجملة من والدي كلما صادف حظي (المنيل) ورنَّ هاتفي المحمول دون أن أحول حالته النغمية (حلوة حالته النغمية دي) من الصوت العالي إلى الصوت المنخفض أو (أكتم) صوته تماماً .. ولا أدري سبباً لاعتراض والدي سوى إن “رنة” موبايلي لا تروق له كما إنه لا يحب أن يسمع صوتاً في أرجاء المنزل (مبيحبش الوش) ..
لا أدري ما الذي يجعلني أربط بين جملة والدي وبين حركة (كفاية) الشعبية لا السياسية .. ربما كان الرابط العجيب بينهما هو أن كليهما يطالبان ب(تغيير الصوت) بينما هما بالأحرى يريدان من الطرف الآخر الصمت التام .. ربما لأن الشعب أيضاً “مبيحبش الوش”

«كفاية»
«منكو لله خربتوا البلد»
«وقفتوا عجلة الانتاج»
«انتو زودتوها قوي»
«مصر بتتحرق»
«الاقتصاد بينهار»
«احنا تعبنا»
«مزهقتوش بقى؟!»
جمل مللنا من سماعها – نحن الثوار – حتى صرنا نتندر بتكرارها في مختلف المناسبات والبرامج الكوميدية.. وحين نسألهم عما يقولون يكون الرد:- « خلوا المظاهرات يوم الجمعة ومتوقفوش حال البلد» .. وبالفعل قام الكثير من الشباب بنشر فكرة أن تقتصر المظاهرات على الجمعة حتى لا يتم تعطيل الحياة … ولكن..
رضا الشعب غايةٌ لا تُدرَك
غير الشعب نغمته في شكواه من الثورة والثوار إلى:
«هوا انتو كل جمعة حتطلعولها اسم جديد؟!!»
«نفسنا ف جمعة مفهاش مظاهرات»
«يوم الجمعة ده بقى مولد»
«مولد سيدي التحرير كل جمعة»

وهنا يتسائل الثوار عما يمكن أن يرضي عامة الشعب حتى لا يتبرم من الثورة والثوار .. ولكن هيهات .. فشعبنا جوزائي بطبعه … يعشق تغيير نغمته لتواكب “غزالته” والتي يريدها أن تظل دائما “رايقة” ولا يعكر صفوَها صوتُ الثورة المزعج .. وهنا تتغير “رنة” الشعب إلى:
«كل واحد يرجع لشغله والبلد حالها حيتصلح»
«ادوا فرصة للمسئولين عشان يعرفوا ينفذوا مطالبكم»
«ارجعوا بيوتكم ولو لقيتوا مطالبكم م اتحققتش ارجعوا الميدان»
وكان لهم ما أرادوا .. توقفنا بعض الجمع عن التظاهر ولم ننزل إلى الميادين إلا وقت أن شعرنا بتأخر تحقيق المطالب .. والتلاعب بها .. واستغلال الثورة .. ورغم هذا لم نسْلَم من النقد الشعبي اللاذع والذي خلاصته أنهم لا يريدون فتح أي ملف يثير “الصداع” السياسي ، وبناء على هذا فهم يريدون منا أن نكف تماماً عن الحديث عن الثورة..

ماذا يريد الشعب؟!!!
يريد تغييراً دون بذل تضحيات؟!
“استنوا الكم شهر دول”
الشعب يريد الانتظار!!!!!
ماذا ننتظر؟؟؟
ننتظر السفاح أن يعلن توبته عن القتل؟؟
أم ننتظر السارق حتى ينتهي من سرقته دون أن نفسد عليه خطته؟؟
أم نصمت حتى يعلو صوت الباطل ويخفت صوت الحق؟!!
هل ينتظر الشعب أن يثأر السفاح من نفسه؟!
أم يثأر لنا قضاءٌ فاسدٌ قانونه التأجيل والمماطلة؟؟؟
أم يثأر لنا برلمان صفق لمجلس السفاحين الذي أشرف على انتخاباته ؟!!
ماذا يريد الشعب؟!!
يريد ثورة “سايلنت”؟!!!
أم يريد ثورة “كريب رعاش”؟؟
عفواً قصدي هزاز..
يووه ..
قصدي يعني ثورة “ڤايبريشن”؟؟
أم أنه لا يريد ثورة أصلاً؟!!!!

عفواً أيها الشعب!!
عفواً أيها القانون!!
السماء لا تمطر ذهباً ولا تغييراً..
والتغيير لا يأتي إلا بثورة..
والثورة صرخة مدوية تخترق آذان الطغاة .. ودماء تجري في الشوارع تغرق كل من يريد أن يجدف بمركبه فيها..
للثورة عيون لا تطالها يد القناصين..
ورائحة دم تزكم أنف كل من سرق نسيم الحرية من صدور الثائرين..
للثورة صوت كهزيم الرعد يصرخ “الدم الدم .. الثأر الثأر”..
وسماء تبكي الشهداء في شتاء طال أمده وحجبت ظلمته نور الحرية.
ما زالت رائحة الدم تملأ أنفاسي لتؤكد لي أن الورد لم يتفتح بعد في “جناين مصر”..
و أن الربيع لم يأتِ بعد..
وكلما ملأت رائحة الدماء رئتيّ تنتفض شراييني وتثور الدماء في قلبي الحزين فينبض بعنف في صدري..
وأصرخ بكل كياني: “يسقط يسقط حكم العسكر”
باختصار.. أنا مش حغير رنة موبايلي
والثورة مستمرة.

1 مارس 2012
8 ربيع الثاني 1433هـ
Omaymah.ashathily@gmail.com

* المقال تم نشره في موقع راديو رابية ووضعته هنا من باب جمع كل مقالاتي بالمدونة الخاصة بي .. وهذا رابط المقال المنشور:
http://news.radiorabia.com/?p=6750