27‏/06‏/2011

من وحي البحر


(1)

ليالي الاسكندرية تختلف عن ليالي أي مدينة أخرى
فحين تقف أمام بحرها ، وتشاهد أمواجه وهي تتقافز في مرح طفوليّ محاولة الوصول إلى القمر الباسم في سماءها ، ترى صورة طفولية لصغار يمدون أيديهم أمام أبٍ يداعبهم ، ونجوماً تتلألأ من حوله أعيناً ملائكية ساهرة تحرس متحف الجمال الرباني
كروانُ يتلو تسابيحاً يرددها عبر سماء يتهادى فيها سحابٌ يدفعه نسيم رقيقٌ، يودُّ المتأمل لو يركبه كبساط ريح ليسبح به في سماء الاسكندرية الساحرة
صورة ربانية ، ما إن تتأملها وإلا وتشعر برغبة عينيك في أن تُنزِلَ أستارها بعد أن تطبع تلك الصورة في مخيلتك ، وتترك لعقلك الفرصة ليحلم .. ويحلم .. ويحلم

8/5/2011


(2)

زرقة ماء البحر في عينيك تغويني أن أسبح فيهما
وأغوص في أعماقهما
.
.
.
.
.
وأغوص
.
.
.
.
.

وأغوص
.
.
.
.
.

حتى الغرق
.
.
.

ثم أبحث عن طوق للنجاة
فلا أجد سوى ذراعيك تحيطان بي
ويغرقاني مرة أخرى في بحر أحضانك
................

أحبك أيا بحراً عشقت الغرق فيه
فطوبى لمن (يحيا) غرقاً في بحر الهوى ♥

26 / 5 / 2011م
23/ 6/1432هـ


(3)

ما أروع أن تشهد لحظة الغروب .. حين يهفو قرص الشمس لمعانقة أمواج البحر ، فيحث الخُطا

وأمواج البحر تتقافز محاولة الوصول إليه

ثم تأتي تلك اللحظة حين يصل قرص الشمس إلى مبيته فتفتح الأمواج ذراعيها لتحتضن حبيبها برفق

ويغوص قرص الشمس في أحضانها رويداً رويداً حتى يغيب عن النظر في مشهد يجسد عشق الطبيعة

يغيب قرص الشمس عن الأنظار ليشرق في أحضان البحار ، ثم يُخفِت ضوءه كي يقضي مع الأمواج ليلة حالمة تحت ضوء القمر .. ليشرق من جديد حاملاً معه أشعة أمل ودفء حب تعلمهما في أحضان البحر♥



أميمة الشاذلي
لحظة غروب الشمس على شاطىء سيدي جابر

31/5/2010م

28/6/1432ه

26‏/06‏/2011

من وحي الرافعي♥


لم أشعر بنبضات قلبي بين أضلعي مثلما شعرت بها وأنا أقرأ (نوتة موسيقية) لمعزوفة حبٍ ملائكي ، حين تقرأ عيناي تِلْكُم الكلمات أجدها تتحول إلى لمسات حانية على قلبي ، وأصابع سحرية تغلق عينيّ برفق لأستمع إلى قيثارة الحب تداعب أذنيّ فلا أكاد أشعر بروحي إلا وهي ترفرف في سماء الجمال بلا حدود.

اعتدتُ قراءةَ كلماتِه كل يوم ، فلا يكاد يمر يوم إلا وأنا أقرأ بعضاً من وحي قلمه المبدع ، كمتعبد يردد أحد الأوراد الدينية، أو كمدمن لا يهدأ له بال دون أن يتناول جرعته، فلا أكاد أقرأ بعضاً من كلماته حتى أحس بالخدر يسري في جسدي ، وبقلبي تهدأ نبضاته ، وبروحي تسكن من بعد اضطراب.

مع كل سطر تمر عليه عيناي أو يمر على قلبي أجدني أرغب في قراءته ألف مرة دون ملل ، وكأن كلماته صورة من صور الجمال الربانيّ التي تُرغمك على التأمل فيها ساعات طوال ، أو معزوفة رقيقة حالمة تدفعك إلى تكرارها والسباحة في فضاءها السرمدي.

إن كلماته لا تلمس شيئاً في قلوبنا، بل تترجم نبضات قلوبنا بكلمات حين تمر على عينيك تشعر كأنك شاهدت صورة طبيعية من إبداع الخالق لا مجرد كلمات شاعرية ، فهو يضيف إلى المعنى معانٍ ، حتى يجعل من كل شيء جميلٍ مجرد مرآة تعكس كل ما هو جميل فيمن يحب.

لا أدري كيف له أن يكون بهذا الصفاء! فله روح تعكس الإيمان الخالص ، وقلبٌ منه نَبَع الحب ، وعقلٌ منه تسترسل الأفكار ، أفراحه ألحان يطرب لها الوجدان ، أحزانه دموع تتساقط من القلب قبل أن تسيل من المدامع ، شاعريته نبضات حب تسمو بالروح إلى عليين ، حيث اللا زمان واللا مكان ، حيث الجمال والرقة والعذوبة ، حيث اليقين والإيمان والسلام ، حيث البسمة والسعادة والأمل.

بساط من الريح هي كلماته ، تحملك معها إلى ما فوق السحاب ، وتهيم بروحك في الجنان ، حيث الملائكة والحور العين وأنهار الجمال اللا معهود الذي تراه بعينيه من خلال كلماته النورانية.

في كل كتاب أقرأه أتخيَّر فقرة أقتبسها وأنشرها كجملة تعكس شيئاً ما بداخلي ، أما الرافعي فأتحيَّر في أمره ، فمع كل جملة يعزفها أجد لها صدى في قلبي وكأنما هو ترجمة لكل المعاني ، أو بستان تتناثر فيه الزهور من كل لون ورائحة فلا تمل التنزه فيه أبدا ولا تعرف أي الزهور أزكى ، فكل زهرة فيه تمثل لوناً من ألوان الطيف ، كذلك هي جمل الرافعي كل جملة فيها معنى من الجمال.

حين تقرأ كلماته تشعر بمعانٍ فوق المعاني ، فهو يزيد الجمال جمالاً ، واللحنَ رقةً ، والورد أوراقاً وحسناً، والأجنحة حريةً، والعطر شذىً ، فهو يجدد الاحساس بالجمال: فترى الصورة كل مرة بانبهارِ أول مرة، وتطرب للحن كل مرة طربك الأوليُّ له ، وتحلق بأجنحة من الخيال مع كل طائرٍ يرفرف في الفضاء ، لكأنما كلماته ياسَمينات يفوح عطرها كلما مررت ببستان أوراقه فتنتشي لها روحك، أو أن الياسمينات هي التي استمدت عبَقها من كلماته ، فالعطر ما هو إلا خلاصة زهرة ، وما الزهرة إلا حرفاً من حروف كلماته.

قديماً كنت أستلهم المعاني من الطبيعة واللحن ، ولكن ومُذْ عرفته صارت الطبيعة والألحان كلها مجرد انعكاس صورة لكلماته ، ف(البيانو) ما هو إلا بعضٌ من شاعريَّتِه ، و(الكمان) ما هو إلا بعضٌ من أشجانه ، و(الناي) آهةٌ من تأوهاته ، و(القانون) معنى من معانيه التي يعزفها قلمه على أوتار القلوب.

فلكأن الله قد خلق قلمه قبل أن يخلق ألوان الطبيعة ، فبدونه ستتأمل الطبيعة بعين وبه ستراها بعين أخرى ، فإذا كان الله قد أنزلَ علينا كتبَه المقدسة لنعرفه من خلالها ، فقد بعث لنا الرافعي لنعرف الجمال من خلال كلماته ، وإذا كان الأنبياء هم رُسُل الأديان ، فالرافعي هو رسول المعاني.

اصطفاه الحب كي يكون رسوله ، فأهداه القلمَ كي يخط (وحيه)
ولأنه التزم الصدق والأمانة في تدوين (وحي القلم) سُمي بالصادق ..
سَمى بالمشاعر فسَمتْ به المشاعر فَعَلا قدراً حتى جسد أروع المعاني وارتفع بها فوق معانيها فصار الرافعي..
فكان اسماً يعكس سمو المسمى به: مصطفى♥صادق♥ الرافعي ♥♥♥♥

أميمة الشاذلي
26 / 6 / 2011م
24 / 7 / 1432هـ

09‏/06‏/2011

ذكرى استشهاد خالد سعيد/ وقفة الاسكندرية


انا من الناس اللي شاركت ف يوم خالد سعيد ف اسكندرية.. وده تلخيص للي حصل اليوم ده بالتفصيل
اول حاجة وقفنا من الساعة 5 لغاية 6 ونص امام الكورنيش في سيدي جابر .. انا عن نفسي قرأتله سورة الفاتحة ويس والملك والواقعة .. واديت المصحف للي جنبي عشان هيا كمان تقرأ سورة يس وتهديها لخالد سعيد ..وفي عربية وقفت قدامنا كاتبة على ظهرها تقريبا: دمك يا خالد مش رخيص وكان مشغل اغنية : اخي جاوز الظالمون المدى .. وبعد نص الاغنية اتحركت العربية من قدامي .. وبعدين اتجمعنا كلنا قدام النفق اللي قدام "فندق الحرم" في الناحية المقابلة من منزل الشهيد خالد سعيد .. عدينا النفق ووقفنا تحت بيت خالد.. وشوفنا اخته ف البلكونة طلعت لما بدأنا هتافات: خالد خالد يا سعيد .. انت شاهد وشهيد / يا شهيد نام واتهنى واستنانا على باب الجنة/ يا شهيد نام وارتاح واحنا نكمل الكفاح/ هيا هيا زي م هيا.. الداخلية البلطجية .. وهتافات ضد السباعي والبعض هتف بتعيين نائب عام جديد .. وبعدين بدأعرض فيديو على شاشة بيضاء (والله الناس دول عجيبين جدا متعرفش منظمين ازاي ومزبطين نفسهم على كل حاجة.. حاجة تفرح . يا ريت لو كنا ف شغلنا كده) المهم بعد كده واثناء عرض الفيديو الذي يوثق قضية خالد سعيد من بدايتها لغاية آخر ما وصلت اليه القضية شفنا ساعتها مامة خالد واقفة ف البلكون .. بجد بكينا واحنا بنسمع الفيديو وبنشوفها .. الفيديو كان تحفة .. معمول بصور وفيديوهات مع خلفية موسيقية لايام السادات وجمعة الشوان .. وكمان الفيديو تضمن مسرحيات ساخرة بيتريقوا فيها على ما قامت به الداخلية مع الطب الشرعي من تلفيق تهمة لخالد كان اكتر اللي ضحكني وبكاني ف نفس الوقت هو مشهد لواحد بيحكي بسخرية بيقول.: خالد كان فعلا مدمن وكان واخد لفافة بانجو .. والاتنين اللي ضربوا دماغه ف الحيط كان هدفهم خير.. اصلهم كانوا عاوزين يخرجوا اللفافة من جوا حلقه عشان م يموتش!!!!
انا بقى في هذه الاثناء قمت طبعت مقال كنت كتبته في ذكرى وفاة خالد سعيد وصورت 100 نسخة منه .. غير 100 نسخة وزعتها على الكورنيش ساعة الوقفة .. وبعدين اذن المغرب..الدنيا كانت زحمة وفي مجموعة كبيرة صلوا جماعة بس انا معرفتشمن الزحمة .. وكنت عاوزة اطلع اسلم على مامة خالد واسلمها نسخة من المقال اللي كتبته عشان اقولها خالد بالنسبة لنا ايه .. بس كان عندها قناة 25 يناير بتصور + ناس بتسجل معاها + ضيوف كتير قالوا نستنى شوية.. دخلت مدخل العمارة بتاعتهم عشان اصلي المغرب.. صليت وبعد م خلصت صلاة لقيت واحدة ومعاها اتنين تانيين واقفين مستنيني اخلص صلاة .. بصيت لقيتها الفنانة تيسير فهمي. بصتلي وقالتلي: تقبل الله.. قلتلها بابتسامة: منا ومنكم وسلمت عليها .. وبعدين بعد شويتين طلعت انا ومجموعة فوق لشقة خالد سعيد وسلمت على اخته وعلى مامته .. سلمت اخته نسخة وكمان سلمت على خاله وقعدت اسمع منه ف قضية مهمة (قضية الطيارة المصرية اللي اسقطها الموساد بمعونة الامريكان) وكان بيقول انهم قدموا عريضة كاملة فيها التفاصيل وقال ان خيرة ضباط مصر كانوا ف الطيارة دي بس هوما اصلا مكنوش متجمعين سوا لما جوم.. الخباثة الصهيونية هيا اللي جمعتهم كلهم رغم انهم جوم كل مجموعة منهم لوحدها .. مخابرات على جيش .. جمعوهم كلهم وحطوهم مع الطيار "البطوطي" اللي اصلا هوا متعود كل م يركب طيارة يقول: بسم الله توكلت على الله.. طبعا هوما تعمدوا يكون هو قائد الطيارة عشان يلزقوها فيه ويقولوا قال ايه هوا بيقول كده عشان قرر يعمل عملية انتحارية!!! المهم بعد م خلص خال خالد سعيد الحكاية ادانا نمرة موبايله وقال عشان لو حد حب ابعتله صورة من البلاغ ده والقضية خطيرة وعشان كده في ناس بتحاول تشويه صورة خالد سعيد هوا واخوه ويقولوا انهم جواسيس وما الى ذلك
اديت خاله نسخة من مقالي وشكرني وشكرته وقلتله: النهاردة مش سنوية خالد.. النهاردة سنوية ميلاد الحرية .. صرخة الحرية
راح رد عليا وقال: انا م اديتش لخالد حاجة.. خالد هوا اللي ادالي
سلمت عليه ومشيت وكان لسه التجمع موجود .. بس انا كنت تعبت واتأخرت على البيت والساعة بقيت 8 ونص وانا صايمة ومفطرتش غير على مية وعلبة عصير.. رحت عديت النفق للناحية التانية لاني سمعت من اخته انهم عملوا شموع على الكورنيش حوالين صورة خالد سعيد وهيا كانت نزلت عشان تشوف.. رحت انا كمان .. وكانت صورة خالد هيا اللي منورة الشموع ..
ألقيت على المنظر البديع ده نظرة وبعدين مشيت وانا حاسه ان خالد فعلا خالد وانه سعيد ... بس لسه مش حتكمل سعادته ولا فرحته الا بعد م ياخد بتاره من اللي قتلوه
ده تلخيص حاولت اجمع فيه كل ما اتذكره عن اليوم الرائع ده . ذكرى ميلاد صرخة الحرية باستشهاد خالد سعيد

ملحوظة: اللي قلته عن اللي عملته مش من باب الرياء ولكن من باب التشجيع على الإيجابية

أميمة الشاذلي

05‏/06‏/2011

يونيو .. شهر الصحوة






أحاول دائماً قدر المستطاع أن أتأمل الأحداث من حولي بفكر أعمق مما تبدو عليه الأمور .. فمنذ ثلاث سنوات كتبت مقالاً عن الخامس من يونيو أسترجع فيه ذكرى ما حدث في هذا اليوم لأثبت من خلال تسلسل الأحداث أن هذا اليوم لم يكن هزيمة لنا .. بل صحوة حقيقية من غيبوبة مقيتة ، واليوم ومع توالي الأحداث أجدني أتأمل مرة أخرى الذكرى الأولى لاستشهاد خالد سعيد .. تلك الوردة التي اعتصرتها ومزقتها قبضة وحشية تأبى إلا أن تشوه كل جميل ، وتسكت كل صوت يصدع بالحق ، ولكن يشاء اللطيف الخبير أن تحتال الوردة إلى بركان يثور في وجه الطغاة .. بركان أخرج من باطنه المعدن الحقيقي للإنسان المصري .. معدن خلقه الله مكوناً أساسياً لبنية خير أجناد الأرض.. إلا أنه يحرق كل من طغى وتجبر وأراد تطويع هذا المعدن لإرادته طمعاً في الإبقاء على عرشه وسلطانه .
تلك اليد الغاشمة التي قتلت خالد سعيد أرادت أن يكون يوم السادس من يونيو هو يوم الخوف .. الخوف الذي أرادته أن يكبر بداخلنا أكثر فأكثر ..فيمح داخلنا بقايا التمرد ويجبرنا على الطاعة التامة فيحتال الحرعبداً ذليلاً . ذلك الخوف الذي سكن قلوبنا طويلاً طويلاً حتى ظن كل منا أن "خير أجناد الأرض" ما هي إلا وصفاً لماضٍ ولَّى ولن يعود .. وأن المارد العربي ما هو إلا أكذوبة كبرى من الأكاذيب التي استرقها الحاضر من ماضيه المجيد ليواري بها سوأة واقعه المرير، ولكن شاء مغير الأحوال أن يخيب ظننا ، وأن يحتال الخوف إلى بركان غضب ثار في وجه كل جبار على أرض الكنانة ، وامتد ليثور في وجه كل طاغية في أنحاء العالم العربي.
بالطبع لم يكن خالد سعيد رحمة الله عليه هو سبب الثورة ، ولكنه كان القشة التي قصمت ظهر البعير .. كان شعلة (أولومبياد) الحرية والكرامة ..كان ملهم ثورة التحرير.. كان شمعة أضاءت ظلمة الليل في قلوبنا ، وأذابت الخوف في نفوسنا . كان خالد سعيد هو اليد التي فركت مصباح (عماد الدين) فأخرجت منه المارد المصري ..
عفواً .. لم يخطىء قلمي في الكتابة حين قال (عماد الدين) ، فنحن خير أجناد الأرض الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم في رباط إلى يوم القيامة .. أولسنا عماد الدين بل وعلاءه أيضاً؟!!!
غداً هو يوم السادس من يونيو ذكرى استشهاد خالد سعيد .. واليوم هو الذكرى الرابعة والأربعون ليوم الخامس من يونيو 1967م .. وحين تأملت كلتاهما وجدت قاسماً مشتركاً بينهما .. ألا وهو شهر يونيو/ حزيران .. ووجدت أن هذا الشهر مع اختلاف الزمان كان شهر اليقظة والصحوة التي أعقبها نصر من الله وفتح قريب .. تماماً كصلح الحديبية الذي ظنه المسلمون شراً فكان فتحاً مبيناً..
ولكم من ضالّ كانت هدايته صفعة أهداها إليه والده أو معلمه وقلبه يتمزق ألماً إلا أنه كان يعلم أن هذا هو الدواء الناجع الذي سيكون شفاء لسقمه ، ثم أتاه هذا الابن الضال ليشكره على صفعته التي كانت سبباً في تغيير حياته للأفضل .. أفلا يستحق شهر يونيو منا الاعتراف له بالجميل؟! إن اعترافنا بالجميل لا يكون باجترار أحزان الماضي وارتداء ثوبها الأسود، ولكن بابتسامة فرح كتلك التي يرسمها الطالب الناجح على محياه وهو يشاهد نتيجة امتحانه.
آن الأوان لكي يخلع حاضرنا ثوبه الأسود ، وأن يرتدي ثوباً لونه كلون شمس النصـر التي تشرق على مصـرنا من جديد ..
آن الأوان لكي نمحوا من قاموسنا كل مصطلحات السلبية التي مُنينا بها ..
آن الأوان لكي نغير حاضرنا بأيدينا..
في هذا الشهر كانت صفعة الخامس من يونيو .. والتي كانت سبباً في نصر السادس من أكتوبر..
وفي هذا الشهر كان استشهاد خالد سعيد .. والذي كان سبباً في نصر الخامس والعشرين من يناير..
فشكراً لخالد سعيد..
وشكراً لكل شهيد ..
وشكراً لشهر يونيو .. شهر اليقظة .. لا شهر الأحزان ..
والحمد لله .. رب الشهور.. وموقظ الضمائر ..
وواهب النصـر .. لكنانته مصر.

أميمة الشاذلي
الخامس من شهر يونيو 2011م
الثالث من شهر رجب 1432هـ

http://omaymahashathily.blogspot.com/

إن مع العسر يسرا


في الذكرى الحادية والأربعين للخامس من يونيو
أو كما يسمونها.. النكسة
ذاك اليوم الذي أبيد فيه سلاح الطيران المصري
تلك السماء التي كانت تغطي جنودنا على أرض سيناء المباركة
أبيدت على حين غفلة منا جميعاً..
وانسحب ما تبقى من قواتنا إلى خارج ساحة المعركة..
فصارت هزيمة لنا.. نجتر في ذكراها كل عام آلامنا وأحزاننا
وصار النصر لأعدائنا..على حد قولهم..
يحتفلون بذكراه كل عام....
ومع احترامي لجميع الآراء السياسية والعسكرية.. إلا أنني أرى الأمر من زاوية أخرى
فيوم الخامس من يونيو لم يكن هزيمة لنا.. كما أنه لم يكن نصراً للآخرين..
الحقيقة – من وجهة نظري – أن ذاك اليوم كان لطمة قاسية وجهت لنا كي نفيق من سباتنا العميق
وكان لابد منها..
فقد وصل الحال بنا في هاتيك الأيام إلى درجة تجعل العاقل منا يشمئز مما كان يحدث..
فلا دين.. ولا أخلاق.. ولا حياء.. ولا وفاء..
نسينا ديننا أو تناسيناه أمام دنيانا اللعوب..
نسينا أخلاقنا التي عرفنا بها كعرب وكمصريين.. وكمسلمين..
ضاعت هويتنا .. وضاع أجمل ما فينا..
مصريتنا..
فهاهو الصديق يتخلى عن صديقه بحجة معاداته للثورة..
وهاهو الموظف والعامل والتاجر يبيع ذمته كسباً لرضا فئة من زبانية الدنيا ممن لا يخشون أحداً ولا يخافون على شيء أكثر من منصبهم..
ويسحقون من أجل ذلك كل من يقف أو لا يقف في طريقهم..
يكفيهم مجرد الشك.. أو الرغبة في الانتقام الشخصي الذي لا صلة له بالتهمة التي تلفق له..
وصل بنا الحد إلى انعدام الأمان والثقة حتى بين أفراد المنزل الواحد..
إلا من رحم ربي
وصار الأب يخاف ابنه.. والأخ يخاف شقيقه..
كل ذلك رغبة في إرضاء من يظنونهم أصحاب المقامات العليا..
أو خوفاً منهم..
إنه حقاً لسبب مقنع لكي ينسى الانسان صلة الدم ..ولكي يبيع أقرب الناس إليه....
أوبعد كل هذا ولا ننتظر الرد الإلهي؟!!!!!

لقد كانت النكسة أو الهزيمة أو كيفما نسميها.. نتيجة حتمية..جاءت لكي نفيق من الغيبوبة الكئيبة المخيفة التي كنا نحياها..
كانت صفعة مؤلمة لنا جميعا..
إلا أن تلك الصفعة أنجبت فيما بعد نصراً مؤكد..
لقد أسفر ذلك اليوم عن الكثير من الشهداء.. كانوا هم الجسر الذي عبرنا عليه إلى النصر..
لقد أسفر ذلك اليوم عن صحوة للإنسان المصري الذي قام ليخرج من استولوا على بيته وهو نائم..
لقد أيقظ ذلك اليوم المارد المصري..
أيقظ خير أجناد الأرض إلى يوم القيامة..
أيقظ الجندي الذي كنا قد افتقدناه زمناً طويلاً حتى نسيناه..
أيقظه ودفعه إلى تحطيم أسطورة العدو الذي لا يقهر.. وقطع ذراعه الطويلة..
ذاك العدو الذي ظن أن الفارس المصري قد تلاشى للأبد
ولكن هيهات..فالمصري لا يموت..
ربما ينام.. ويطول منامه حتى ننساه..
ثم إذا بنا في لحظة نسمع صهيل جواده وهو يدك صدور أعدائه بحوافره دكاً..
لقد علم العدو يومها أن يوم يونيو لم يكن إلا كما يسميه لاعبو كرة القدم (تسلل)..
لقد تسلل العدو إلى مرمانا في الوقت الذي انشغل فيه الحارس بالملعب ونسي مرماه..
ولكن تدارك الحارس ذاك الخطأ وعوضه بمجموعة أهداف ساحقة في المرمى المعادي..
وعلم العدو أن من يضحك أخيراً.. يضحك كثيراً..
إنني حقاً كلما أذكر هذا اليوم أحمد الله.. فلولاه لما أفقنا ولما تغيرنا ولما انتصرنا..
ولو نظر كل منا إلى أن وراء كل مصيبة حكمة ورحمة..لعلمنا أن هذا اليوم كان رحمة من الله تعالى..
وصدق الله العظيم إذ يقول : "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم "
فلولا الخامس من يونيو.. لما كان يوم السادس من أكتوبر..

الآن وقد طرحت رؤيتي لأمر لم يكن ليستوعبه الكثيرون..
أرى أنه علي أن أطرح أسئلة لا تزال تشغل حيز تفكيري..
هل وصلنا الآن إلى الحال التي كنا عليها يوم الخامس من يونيو؟!!
هل تتشابه الظروف الحالية بأي شكل من الأشكال مع ظروف ذلك اليوم؟!!
هل نستحق صفعة جديدة كي نفيق من غفلتنا؟!!!
هل لا يزال المصري موجوداً بين قائمة الأحياء؟!!!
أم أنه تاه وسط غابة الدنيا؟!!!!
سؤال أترك لكل واحد مننا الإجابة عليه..
ولكن..
وفي النهاية..
لنتذكر جميعاً أن وراء كل مكروه خيراً..
وبعد كل ليل.. نهار
وأن فرج الله قريب..
وأن مع العسر يسراً..

أميمة الشاذلي
4/6/2008