04‏/08‏/2009

العدو




في ظلمة الليل .. وحينما أكون بمفردي.. كثيراً ما تنتابني الهواجس ويسيطر علي خوف لا يمكنني من النوم حتى ولو كنت في آمن مكان في العالم..
وفي تلك الليلة بالذات .. شعرت بنفس هذا الإحساس حينما وجدت نفسي أدخل المنزل بمفردي في ساعة متأخرة من الليل..
كنت مضطرة للرجوع في هذا الوقت بعد أن قضيت اليوم كله اتنقل بين الأسواق اشتري ما يكفيني لمدة أسبوع حتى يعود والديّ واخوتي من السفر.. لكي لا أضطر إلى النزول يومياً بحثاً عما أريد..
تباً لتلك الامتحانات التي منعتني من الذهاب مع أسرتي وتركتني وحيدةَ أتحدث إلى نفسي كالمجنونة..
كان المنزل مظلماً.. وصمت قاتلُ يسكن جنباته..
دخلت برجلِ مرتعشة وأنا أتمتم ببعض الأدعية..
أضأت مصباح مدخل المنزل.. واستدرت لأغلق الباب.. و..
وفجأة..
وجدته أمامي..
إنه هو..
العدو الذي أحلم به كل ليلة..
نفس الهاجس الذي ينتابني كلما أسدل الليل ستائره وازداد المنزل ظلمة..
دخل في سرعة لم تمكنني من أن أغلق الباب قبل دخوله..
تراجعت للخلف أحمي نفسي منه. فاصطدمت بإحدى المقاعد خلفي
صرخت في خوف.. فلم أكن على استعداد لأن يلمسني أي شيء مهما كان..
نظرت إليه فوجدته ساكناً ولم يتقدم خطوة واحدة بعد مدخل الباب..كأنه يتعمد استفزازي و يترقب خطوتي القادمة..
ابتلعت ريقي في خوف.. وأخذت أتراجع..
وفجأة.. مر أماي في سرعة
صرخت خوفا من ان يقترب مني إلا أنه تخطاني إلى غرفة الاستقبال .. وكأنه لم يرني.. أو أنه يعرف هدفه جيداً..
حمدت الله في صمت وأنا أسارع بخطوات ثقيلة كي أصل إلى غرفتي.
أسرعت نحو سريري.. أمسكت بالسلاح الذي سيحميني منه
أخذ قلبي يدق وأنفاسي تتسارع وأنا أترقب دخوله إلى اللغرفة..
مضت نصف ساعة ولم أره أمامي.. وجسدي يتصبب عرقاً في ليل شتاء شديد البرودة..
أغمضت عيني في ألم.. لم أعد أستطيع التحمل أكثر من هذا..
تذكرت حينها المثل الشعبي القائل: " وقوع البلاء خير من انتظاره"
تقدمت نحو الباب في خطوات ثقيلة..
فتحت الباب..
أخرجت رأسي من خلف الباب في ترقب... ووجدته
وجدته يسير نحو الغرفة التي أقف فيها.
ابتلعت ريقي في صعوبة وأنا أصيح بصوت خرج على الرغم مني متقطعاً: تعال أيها الحقير! أنا لست خائفة منك..
نظرت إليه بعينين زائغنين.. فوجدته يقترب مني أكثر وأكثر.. حتى ما عاد يفصل بيني وبينه سوى بضع خطوات..
تراجعت للخلف في سرعة حتى اصطدمت بالنافذة خلفي..
تابعته وهو يدخل الغرفة في خطوات صامتة وكأنه يتعمد إثارة أعصابي..
أخذ يقترب ويقترب من النافذة..
كنت قد استنفذت كل رصيدي من الصبر..
استجمعت ما بقي فيَّ من الشجاعة
رفعت سلاحي وأنا أهتف: هيا.. اقترب أيها الجبان.. سأقتلك.. نعم سأقتلك..
أخذ يقرب مني أكثر وأكثر في تحد وترقب..
قلت لنفسي في محاولة لتشجيعها: "لابد وأن أقتله.. أنا لست جبانة لهاذا الحد الذي يشل حركتي أمام عدو مثله" ..
اقتربت منه خطوة.. ثم انهلت عليه بالسلاح وأوسعته ضرباً وأنا أفرغ كل عصبيتي فيه..
ثم توقفت..
كان العرق يغمرني تماماً وأنفاسي تتلاحق وكأني خرجت من معركة ضارية مع جيش بأكمله..
نظرت إليه..
غير معقول..
الله أكبر .. الله أكبر ..لقد قتلته..
نعم..
لقد تمكنت منه أخيراً..
أسرعت نحو المطبخ أحضر ما يمكنني من حمله إلى مثواه الأخير..
حملت جثته حتى وصلت إلى بالوعة الحمام ..
فتحتها ثم ألقيته فيها وأنا أقول في اشمئزاز: فلترجع من حيث أتيت أيها الحقير.. ولتكن عبرة لأمثالك من الصراصير..


أميمة الشاذلي
4/ 8/ 2009م

23‏/03‏/2009

اشتقت إليَّ





تكسرت أمواج شعري على شاطيء أحزاني..
عادت الكلمات صامتة إلى أعماق بحر وجداني
ابتلعتها غصة تزيد مرارة أشجاني..
ما استطاعت كلماتي الخروج إلى عالم يلقيها خلف قضبان..
ليس جبناً ولكن ما تحمله أمواج قلبي لا يحتمله لساني..
في الحقيقة هو ليس بموج..
بل إعصار..
إعصار يعصف بكياني..
إعصار قام فأخذ معه ما تبقى فيَّ من إنسان..
أراد أن يخرج.. فحال بينه وبين عالم الإفك لساني..
عقد لساني كأن شللاً قد أصابه
هاج البحر أكثر وأكثر..
امتزجت أمواجه برياح عاتية تعصف بجوانحي..
حاولت تهدئته..
قلت: أجِّل خروجك إعصاري.. فليس هذا بأوانك..
حاولت وحاربت وجاهدت
ولكن ..
لكل حرب ضحايا
وضحية حرب أعماقي كان إنساناً يقبع بداخلي..
شاعراً صغيراً
كان أول ما رأت عيناه دماً وسواداً..
وأول صوت سمعه الرصاص..
فكان أول ما نطق به هو صرخة ألم..
كان هو الضحية..
لم أقدر أبداً أن الحرب ستسفر عن فقداني إياه..
اشتعلت في داخلي حرب من نوع آخر..
إنها حرب الحيرة..
فبين ألم الفراق وأمل العودة بتُّ أحيا
ولكن..
كيف للزرع أن يحيا بلا مطر؟!!!
وكيف للقلب أن يعزف بلا وتر؟!!!
وإذا نضب الماء.. فكيف يكون البحر؟!!
عد إليَّ شاعري..
عد فأنت لي القدر..

أميمة الشاذلي
الاثنين 23/3/2009