23‏/05‏/2011

أين الثورة؟!!!


لا يزال عقلي المضطرب يدرس ويحاول تحليل ما يدور حوله من أحداث أقل ما يقال عليها أنها أحداث مجنونة .. لا يمكن أن تحدث في مكان واحد .. إلا أننا رأينا هذا الجنون بأنفسنا في مصر .. فها هي الثورة تقوم من أجل رفع الظلم عن المظلومين ومحاسبة كل ظالم وفاسد ، ومعاقبته بعقوبة تتناسب مع حجم جرمه وإفساده ..
و...
وسقط حكم مبارك
سقط بتنحيته من منصبه
بكينا جميعاً من شدة الفرح .. صفقنا ..
أنا عن نفسي كنت أدور في منزلي كمن يدور في قاعة احتفال .. وكنت أتمنى لو أستطيع تحطيم جدران المنزل .. حتى أني شعرت أن الجدران نفسها تبادلني الشعور ذاته وتتمنى لو كانت أرضاً في ميدان التحرير تقبل أقدام الثوار المناضلين الأحرار ..
وكنت أبكي من شدة فرحي وألمي .. فرحي بنصرٍ لم أتوقع قربه إلى هذا الحد .. وحزن على أني لم أحظ بالشهادة في هذه المعركة المجيدة .. معركة بين الحق والباطل..
خرجنا جميعاً إلى الميادين .. نتنسم هواء الحرية ..
ننظف كل أرض يرقد عليها كل ما أبى إلا أن يحتضن الأرض التي وقف عليها مصري حر ضحى بدمه أو نور عينينه أو عضو من أعضاء جسمه ..
خرج كل منا وكله حماس استعداداً للعمل من أجل مصر في أي شيء .. حتى أننا كنا نمسك ب(المقشة) فوق كوبري قصر النيل ونكنس الشارع أمام الناس جميعاً دون ذرة خجل ، ودون أن نرى نظرة احتقار من أي عابر ، بل على العكس كنا نسمع من كل عابر عبارات تشجيعية تبث فينا الحماس والفخار .
ومرت قرابة الأربعة أشهر .. أربعة أشهر لم نخرج فيها من بيوتنا لأعمال مماثلة .. لم نجد من يقوم بمبادرة واحدة لتشغيل الشباب العاطل من قبل قيام الثورة .. وفي تلك الأربعة أشهر حدث الكثير..
كنا نتوقع منذ اليوم التالي للحادي عشر من فبراير أن يصدر قرار بالقبض على كل رموز الرئاسة وكل ممثلي الحكومة .. شأننا شأن أي ثورة طبيعية .. إلا أن هذا لم يحدث .. بل على العكس .. قام المجلس العسكري الذي تولى شئوننا منذ الحظة الأولى لتنحية مبارك بالقيام ببعض الحركات البهلوانية في الحكومة الموجودة دون مراعاة لأي ثورة ، فشفيق ما زال هو رئيس الحكومة رغم أنه من الطبيعي إذا كانت الثورة حقاً قد نجحت أن تسقط معها الحكومة التي عينها رئيسها المخلوع بكل ما فيها ومن فيها ، وأخذت الأخبار تتوالى عن فضائح كل وزير.. ولا حراك
اضطررنا للقيام بمظاهرات وعمل الكثير من النداءات للمجلس العسكري أن يقوم بتغيير الحكومة كما لو كنا نستجدي صناع الثورة لا من قاموا فقط بحمايتها .. كنت أستغرب حقاً ما يحدث إلا وأننا في ذروة فرحتنا بما قام به المجلس العسكري من اعطاء الأوامر للجنود بحماية المتظاهرين ، كنا في ذروة هذا لا نشعر بخطورة ما يعنيه أن نظل نطالب بحقوق الثورة الشرعية من المجلس .. كنا نصفق له في كل عمل يقوم به دونما تحليل دقيق بعيد عن العواطف والانفعالات .
ثم ماذا؟؟
أنباء عن أن زكريا عزمي وعمر سليمان يمكثان في قصر الرئاسة فترة طويلة يفرمان فيهما كل ما يورط الرئيس ومن حوله .. شعرنا بالدماء تفور في عروقنا .. ثم خرج المجلس العسكري ليكذب هذه الأنباء ... وصدقناه .. صدقناه لأننا كنا نريد أن نصدق أن من حمانا لم يخن دماء الشهداء ولا إرادة المصريين .. ولكن من يثبت لنا أن ما حدث لم يكن حقيقياً؟؟ لا شيء . بل إن المنطق الآن يؤكد أن هذا ما حدث بدليل أن القضاء حتى الآن ما زال يبحث عن أوراق تثبت تورط هذا وذاك رغم أن الحقيقة أنه لو كان ما قاله المجلس العسكري صحيحاً لوجدنا كماً هائلاً من الأوراق تثبت تورط كل شخص في الرئاسة .. من المسئول عن هذا؟!! من نحاسب؟ المجلس العسكري أم النيابة العامة؟؟ النيابة العامة أم المجلس العسكري؟؟ حقيقة لا أدري.. كل ما أعرفه أن المجلس العسكري كما قال المخرج محمد دياب عقب الثورة (بيلعب معانا لعبة المستهبلة) ، كان يقولها تعليقاً على ما حدث وقتها من أخطاء من المجلس العسكري وبعض أفراد الجيش يتغاضى عنها الشعب ..
ثم .. وأخيراً .. تم تغيير شفيق ووضع أحد الثوار مكانه .. د/عصام شرف .. فرحنا وهللنا وطالبناه بالذهاب للتحرير وكلنا أمل أن من استمد شرعيته من الثورة لابد وأن يحميها وينفذ مطالبها .. ولا ننفي أبداً أن د/عصام حتى الآن يعمل في صمت من أجل الثورة .. ولكن الأمور خرجت عن إرادته فليس هو الحاكم الآمر في مصر حتى ينفذ كل ما تبتغيه الثورة..
نعود مرة أخرى إلى ما بعد تعيين الحكومة الجديدة .. فوجئنا على التو بحرق كل مباني أمن الدولة وفرم كل ما كان فيها من أدلة تدين كلاب السلطة وذئابها الذين نهشوا في أجساد المصريين زمناً طويلاً ... من المسئول عن هذا؟؟ لماذا لم نجد من يقبض عليهم عقب تنحية مبارك ويشمع هذه المباني بالشمع الأحمر حتى لا تعبث أيديهم بهذه الأدلة المهمة .. من المسئول؟؟؟ لا أعلم!!
وبعد أن هدأت ثورتنا من أمن الدولة وظننا أنه ذهب بلا عودة وصور لنا خيالنا الساذج أنهم سيلقون الجزاء العادل.. التفتنا مرة أخرى إلى أن المجرمين الكبار لا يزالون يعوثون في الأرض فساداً ..فصِحنا نستجدي المجلس العسكري مرة أخرى للقبض على المجرمين بدءاً من مبارك وانتهاء بأصغر عميل له في الوزارة أو الحزب الوطني أو مجلسي الشعب والشورى ، وأخيراً تم القبض بطيء الخُطا على كبار الفاسدين دون السماح بتصوير علني ، يقبض على السفاح حبيب العادلي وحتى هذه اللحظة لم نحظ بأي صورة له حين تم القبض عليه كما لو كان فوق القانون وفوق الصحافة !! هل لا يزال المجلس العسكري أو النيابة يعملان حساباً لهذا السفاح؟!!! نريد أن نفهم فنحن حتى الآن لا نفهم كيف يطبق القانون؟ وأي قانون هذا الذي يمنع الصحافة من أخذ بعض الصور للمجرمين الذين قتلوا أخوتنا وأخواتنا؟؟ كل هذا دونما القبض على مبارك أو أي من أفراد أسرته.. كما لو كان مبارك وعائلته فوق الثورة ..
ثم قمنا بعمل مليونية نطالب فيها بمحاكمة مبارك وأسرته ، نطالب المجلس الأعلى ألا يضع مبارك فوق القانون والثورة ، ثم وأخيراً يقرر النائب العام التحقيق مع مبارك عقب تسجيل كلمة له لا أعلم من المسئول الذي يجب أن نحاسبه على تسجيله؟ كيف دخلت أدوات التسجيل والاتصال إليه ؟ من المسئول عن تحديد إقامته؟ ومن سمح له بأن يحدث كل هذا تحت سمع وبصر المجلس العسكري الذي ادعى بمنتهى العنترية أن مبارك لن يكون فوق القانون كما لو كان المجلس بريئاً لا يعلم كيف حدث هذا التسجيل!!! ونحن صدقنا وصفقنا مرة أخرى للمجلس العسكري وللنيابة العامة حين تم نقل مبارك الى المستشفى (نظراً لحالته الصحية) وتم نقل أبنائه سراً إلى سجن مزرعة طره وفرحنا جميعاً وأخذنا نتحدث بمرح عن (شنبو) اللي (في المصيدة) وعن (بورتو طره) دون أن نعلم أن هذه الإجراءات كلها إجراءات شكلية لا تعني الحكم النهائي عليه بما يستحقه من عقاب على جرائمه وخياناته.
ثم .... وها نحن نجني ثمار سذاجتنا وصمتنا على (لعبة المستهبلة) التي كان المجلس العسكري يلعبها معنا ... نرى كبار الفاسدين يخرجون بكفالات من أموال الشعب المنهوبة.. أي قانون هذا؟ وأي عدالة تلك؟ ثم نرى الكثير من الأنباء يسربها المجلس العسكري بشكل أو آخر ل(يجس نبض الشعب) ثم يخرج ليكذبها إذا ما وجد أن هذا القرار لو نفذ سيثير غضب الشعب .. تلاعب بالأعصاب .. ثم يقولون : سنحاسب كل جريدة تقول هذا دون مسئولية.. كذباً وبهتاناً!!! اخص عليهم صحيح!!
سؤال مهم: هل تعتقدون أن أي جريدة ستجازف باسمها وسمعتها ومصداقيتها لدى الجمهور بنشر خبر دون أن تكون قد أخذت هذا الخبر من مصدر رفيع المستوى؟!! لا أدري ولكن أترك الإجابة لكم..
كل هذا يتم وسط انشغال الناس بالفتنة الطائفية التي لا أحمل مسئوليتها لأحد سوى الشرطة .. نعم .. لا تتعجبوا!! إنها الشرطة التي ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر لا تزال (يا حرام) في حالة عدم اتزان .. فرجال الشرطة (البواسل) لا يزالون يعانون من رفض الشارع لهم!! كما لو كانت الشرطة تنتظر من الشعب أن يطرق باب كل شرطي ليعطي له (الشوكولاتة والمصاصة) ويبتسم له ابتسامة مشجعة ويقول له: عاوزين نشوفك في الشارع بقى يا بطل .. كلنا مستنيينك!!!
أي شرطة هشة تلك؟ هل هذه هي نفس الشرطة التي كانت تضرب في المتظاهرين وفي الشعب في الأقسام بكل البطش دون أن يذرف لهم دمع أو يرفَّ لهم جفن؟!! أليست هذه الشرطة هي التي يزيد عددها على عدد الجيش المصري الضعف ؟!! أليست هذه هي الشرطة التي تلقت أعلى تدريبات تجعلها في مصاف أكثر (البوليس) حزماً في العالم؟!! أين هذه الشرطة مما يحدث في الشارع المصري؟!! لقد سرت يوم أحد الانتفاضة الفلسطينية الثالثة أنا وكل المتظاهرين في الاسكندرية من مسجد القائد ابراهيم وحتى كفر عبده أكثر من 6 ساعات دون أن يظهر لنا شرطي مرور واحد في الشارع ينظم الطريق.. كنا نحن من نفسح الطرق للسيارات حتى تعبر دون أن نعطل سيرها.. أين الشرطة؟!! أين الشرطة من حرق الكنائس وتبادل التهم بين المسلمين والمسيحيين دون أن نعرف من المجرم الحقيقي.. الحقيقة أيها السادة الأفاضل أن جهاز الشرطة هو المجرم الحقيقي .. هو الذي لم يحمِ كنيسة ولمْ يوقف متطرفاً.. ما الذي دفع الجيش المصري إلى الذهاب إلى هناك والاشتباك مع هذا وذاك إذا كانت الشرطة متواجدة .. من الذي تم تدريبه على خوض حرب الشوراع ومطاردة المجرمين والحفاظ على الأمن في الشوارع والميادين.. الجيش أم الشرطة؟!!!! ثم وبعد كل هذا يقولون لنا في الإعلام: اطمن!!!!!!

هذا.. ونختتم هذه السلسلة من الأحداث المتناقضة المستفزة بحدث عظيم .. ألا وهو أحالة أوراق أحد أمناء الشرطة الذين تسببوا في مقتل 18 متظاهراً إلى فضية المفتي!!! الله أكبر!! طبعاً نريد أن نسمع التصفيق والتهليل لهذا الخبر .. ولكن لحظة .. أنا لا أحب إفساد اللحظة عليكم ولكن هل من المنطقي أن يتم أحالة أوراق أحد منفذي الأوامر بهذه(السرعة) إلى فضيلة المفتي في الوقت الذي كان يستحق أن يكون مكانه من أعطاه الأوامر؟؟ هل من المعقول أن الأدلة التي تدين هذا الشخص ونحن لا نعرفه أوضح وأكثر من الأدلة التي تدين أشخاصاً معروفين للجميع؟!!!؟ إن هذا الخبر ليس له سوى معنى واحد .. محاولة تهدئة للغاضبين ممن يطالبون بمحاكمة المجرمين المتسببين في مقتل الشهداء .. ولكنهم للأسف أخطأوا العنوان .. وأرادوا أن يرموا لنا فتات الأحكام حتى يسكتونا بها .. يتعاملون مع الشعب كما يتعاملون مع طفل صغير يسكتون بكاءه بحلوى يحبها .. ويا للمهزلة!!!

نسيت أن أحدثكم عن مهزلة الاستفتاء وما حدث فيه.. هذا الاستفتاء الذي شغل الاعلام والشعب المصري طويلاً دون أن يعلم أن الفارق لم يفرق الكثير سواء بنعم أو لا.. وقد كتبت في هذا الموضوع مقالاً طويلاً يثقل قلمي عن تكرار ما قلت فيه .. ولمن أراد فليرجع إلى مقالي بعنوان (احنا اتلعب بينا يا جدعان)
http://omaymahashathily.blogspot.com/2011/03/blog-post_24.html

كما نسيت أن أقول لكم أن سيادة اللواء: ممدوح شاهين قال في حوار له مع قناة (اون تي في) أن الشعب قال "نعم" في الاستفتاء للمجلس العسكري ولشرعيته .. ولمن يريد التأكد فإليكم هذا الرابط
http://www.youtube.com/watch?v=AlezoNl7P3Q
لم أكن أعلم حقيقة أن الاستفتاء كان على المجلس العسكري لا على المواد الدستورية المقترحة!!!
نسيت أن أقول لكم أن معالي رئيس الوزراء د/عصام شرف قد وعد شباب الثورة في اجتماع سابق معهم عدم صياغة قوانين دون الرجوع للثوار ، ثم نجد المجلس العسكري يصدر قانوناً يخص الحقوق السياسية بعد كل هذا كما لو كان يضرب بشباب الثورة عرض الحائط.. ولمن يريد التأكد فليراجع هذا الرابط
http://www.youtube.com/watch?v=GRH2zvyrH3U&feature=player_embedde
نسيت أن أقول لكم كذلك أن إعلامنا ليس حراً كما نظن .. فلا ننسى أبداً أن هذا الإعلام هو الذي منع الإعلامي: عمرو الليثي من أن يعيد إذاعة حلقته التي كان ينتقد فيها شفيق .. من المسئول عن هذا المنع؟؟ علماً بأنه في ذلك الوقت كان مبنى ماسبيرو بأكمله تحت مسئولية أحد أفراد المجلس العسكري!!
ولن أحدثكم طبعاً عن التمييز بين المساجين في المعتقلات .. ولا عن توفير الرعاية الصحية 5 نجوم لمبارك وزوجه في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من المعتقلين السياسيين من أمراض مستعصية أخطر بكثير من حال مبارك ولا يزالون قيد السجن بلا مبرر!! كما لو كان قد كتب على مصر أن يظل فيها مبارك وآله نجوماً فوق كل قانون وفوق مصلحة مصر حتى في الإجرام .. وحتى آخر نفس .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
هذا ولا يزال الإعلام يتحدث عن العودة إلى العمل وعن الانهيار الاقتصادي في الوقت الذي لا أجد فيه شخصاً يتقاعس عن الذهاب إلى عمله أصلا .. فالناس جميعاً عادت إلى أعمالها ولم يتبقى سوى الشباب العاطل منذ قبل الثورة والذي لم يجد مبادرة واحدة تدفعه للعمل وكسب قوت يومه ..ولا أعتقد أن هناك قطاعاً تأثر من الأحداث أكثر من قطاع السياحة التي كان من الممكن ألا تتأذى وأن تعود بشكل طبيعي لو كان رجل الشرطة في مكانه الطبيعي.. فما يمنع السياح عن مصر إلا غياب الأمن . أي أن المسئول عن تدهور السياحة هو رجال الشرطة وليس شباب الثورة!!
خلاصة الأمر .. قرابة الأربعة أشهر تمر منذ تنحي مبارك ولا نجد سوى بعض التحسينات التي كان يمكن أن تقوم بها أي حكومة في ظل مبارك أو غيره .. إن ما نراه ليس نتاج ثورة مجيدة بذل فيها 1000 مصري روحه من أجل أن نعدل كفة الميزان لترجح كفة العدل على كفة الظلم والافتراء والفساد.
والآن أطرح لكم بعض الأسئلة أرجو أن أجد لها إجابة..
لماذا لم يتم القبض على كل العصابة منذ اليوم الثاني للتنحي؟؟!!
من المسئول عن فرم أوراق قصر الرئاسة التي كان من الممكن أن تجعل مبارك وعصابته تحال أوراقهم إلى فضيلة المفتي منذ اليوم الأول للمحاكمة؟!!!
من المسئول عن حرق وفرم مستندات أمن الدولة؟!!
لماذا لم يتم الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين حتى الآن؟ (مع العلم أن أي رئيس جديد اعتدنا منه أن يقوم بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين في عصر الرئيس السابق له) فلماذا لم يحدث هذا حتى الآن؟!!
من المسئول عن التأخر على القبض على العصابة؟ النيابة أم المجلس العسكري؟
وسأعلق على السؤال الأخير هذا بالذات .. فالمجلس العسكري سيرمي الكرة في ملعب النيابة باعتبار أن المجلس لا علاقة له بتنفيذ العدالة وأن هذه هي مهمة القضاء.. وستخرج لنا النيابة لتقول أنها لا تستطيع القبض على أي شخص دون دليل أو بلاغ ضده يستلزم القبض عليه..
وأنا أقول من هنا: ألا يوجد قانون يسمى قانون الثورة؟؟ قانون لا يحمي الفساد ويتركهم يرتعون .. قانون يضرب بيد من حديد على كل فاسد حتى نتخلص من كل فاسد ثم نطبق بعدها قانون الأوراق والمستندات؟!!
كل هذا لا يؤدي بنا إلا إلى نتيجة واحدة .. أننا أمام مؤمرة داخلية .. تضاف إلى المؤامرات الخارجية على مصر .. مؤامرة داخلية هدفها حماية كل المجرمين وتطبيق أدنى عقوبة عليهم .. إذا لم تقم الثورة بالقضاء على الفاسدين والمجرمين فتباً لها .. ولنعلن ثورة جديدة تكون فوق كل هذا .. ولكن .. هل ستعيد هذه الثورة الجديدة الأوراق المفرومة والمستندات المحروقة؟؟!! قلبي وعقلي يتمزقان .. لا أدري بأي منطق كنا نسير عليه منذ ادعاء نجاح الثورة .. ولكني سأكون بكل كياني في ثورة السابع والعشرين من مايو ليس ثأراً من شخص بعينه ولكن انتصاراً للحق وحفاظاً على تضحيات الشهداء ..
كرهت كثيراً مقولة: "الحفاظ على مكتسبات الثورة" . فأنا يروق لي أن أسميها: تحسينات وتعديلات الثورة .. أما مكتسبات الثورة الحقيقية فهو أن نرى كل ما كنا نحلم به يوم خرجنا للميادين .. لم نكن نطالب بمحاكمة سريعة لمبارك وعصابته ولكن بالقبض السريع عليه هو وعصابته حتى لا يتسنى لهم تزييف الحقائق وتهريب الأموال وفرم الأوراق وووو
أعلم أني لم أخرج كل ما بجعبتي بعد .. ولكني قلت ما شعرت به وما كتمته في صدري طويلاً ومنعت نفسي من كتابته حتى لا أصدق ما كتبته فأصاب بالإحباط.
لا أعلم حقاً ما الذي يجب أن يسقط .. المجلس العسكري أم قانون المستندات والأوراق العاجز عن حمايتها أصلا .. أم الإعلام الذي لا يزال يمجد ويسبح بحمد المجلس العسكري ناسياً أو متناسياً أن من حمانا هم جنود جيشنا .. وأن هذا هو واجبهم أصلاً وليس منة أو فضلاً منهم .. لا أدري ما الذي يجب أن يسقط بالتحديد.. فمن وقف في وجه عدالة الثورة كثيرون يصعب احصاؤهم.
تباً لكل قانون يعجز عن تنفيذ العدل الكامل .. تباً لكل من يظن نفسه فوق مصر .. تباً لكل من تسول له نفسه أن يعبث بثورة مصر وأن يبدد دماء شهدائها .. تباً لكل من لا يضع مصر فوق مصلحته الشخصية .. تباً لكل أعداء مصر من الداخل والخارج.. ولتحيا مصر حرة أبية.
أشهدك ربي أني لم أثر ولم أغضب من أجل نفسي .. ولكن من أجل مصر التي خلقتنا على أرضها حراساً لنعمرها لا لنخربها .. لنحميها لا لأن نتركها فريسة ينهش فيها كل طامع ..
اللهم فاحفظ مصر واحفظ أهلها .. وأعننا على الحكم بعدلك على أرضك وأن ننهض بمصر حتى نصبح جديرين بأن نكون "خير أمة أخرجت للناس" .

أميمة الشاذلي
20/6/1432هـ
23/5/2011م