05‏/06‏/2011

إن مع العسر يسرا


في الذكرى الحادية والأربعين للخامس من يونيو
أو كما يسمونها.. النكسة
ذاك اليوم الذي أبيد فيه سلاح الطيران المصري
تلك السماء التي كانت تغطي جنودنا على أرض سيناء المباركة
أبيدت على حين غفلة منا جميعاً..
وانسحب ما تبقى من قواتنا إلى خارج ساحة المعركة..
فصارت هزيمة لنا.. نجتر في ذكراها كل عام آلامنا وأحزاننا
وصار النصر لأعدائنا..على حد قولهم..
يحتفلون بذكراه كل عام....
ومع احترامي لجميع الآراء السياسية والعسكرية.. إلا أنني أرى الأمر من زاوية أخرى
فيوم الخامس من يونيو لم يكن هزيمة لنا.. كما أنه لم يكن نصراً للآخرين..
الحقيقة – من وجهة نظري – أن ذاك اليوم كان لطمة قاسية وجهت لنا كي نفيق من سباتنا العميق
وكان لابد منها..
فقد وصل الحال بنا في هاتيك الأيام إلى درجة تجعل العاقل منا يشمئز مما كان يحدث..
فلا دين.. ولا أخلاق.. ولا حياء.. ولا وفاء..
نسينا ديننا أو تناسيناه أمام دنيانا اللعوب..
نسينا أخلاقنا التي عرفنا بها كعرب وكمصريين.. وكمسلمين..
ضاعت هويتنا .. وضاع أجمل ما فينا..
مصريتنا..
فهاهو الصديق يتخلى عن صديقه بحجة معاداته للثورة..
وهاهو الموظف والعامل والتاجر يبيع ذمته كسباً لرضا فئة من زبانية الدنيا ممن لا يخشون أحداً ولا يخافون على شيء أكثر من منصبهم..
ويسحقون من أجل ذلك كل من يقف أو لا يقف في طريقهم..
يكفيهم مجرد الشك.. أو الرغبة في الانتقام الشخصي الذي لا صلة له بالتهمة التي تلفق له..
وصل بنا الحد إلى انعدام الأمان والثقة حتى بين أفراد المنزل الواحد..
إلا من رحم ربي
وصار الأب يخاف ابنه.. والأخ يخاف شقيقه..
كل ذلك رغبة في إرضاء من يظنونهم أصحاب المقامات العليا..
أو خوفاً منهم..
إنه حقاً لسبب مقنع لكي ينسى الانسان صلة الدم ..ولكي يبيع أقرب الناس إليه....
أوبعد كل هذا ولا ننتظر الرد الإلهي؟!!!!!

لقد كانت النكسة أو الهزيمة أو كيفما نسميها.. نتيجة حتمية..جاءت لكي نفيق من الغيبوبة الكئيبة المخيفة التي كنا نحياها..
كانت صفعة مؤلمة لنا جميعا..
إلا أن تلك الصفعة أنجبت فيما بعد نصراً مؤكد..
لقد أسفر ذلك اليوم عن الكثير من الشهداء.. كانوا هم الجسر الذي عبرنا عليه إلى النصر..
لقد أسفر ذلك اليوم عن صحوة للإنسان المصري الذي قام ليخرج من استولوا على بيته وهو نائم..
لقد أيقظ ذلك اليوم المارد المصري..
أيقظ خير أجناد الأرض إلى يوم القيامة..
أيقظ الجندي الذي كنا قد افتقدناه زمناً طويلاً حتى نسيناه..
أيقظه ودفعه إلى تحطيم أسطورة العدو الذي لا يقهر.. وقطع ذراعه الطويلة..
ذاك العدو الذي ظن أن الفارس المصري قد تلاشى للأبد
ولكن هيهات..فالمصري لا يموت..
ربما ينام.. ويطول منامه حتى ننساه..
ثم إذا بنا في لحظة نسمع صهيل جواده وهو يدك صدور أعدائه بحوافره دكاً..
لقد علم العدو يومها أن يوم يونيو لم يكن إلا كما يسميه لاعبو كرة القدم (تسلل)..
لقد تسلل العدو إلى مرمانا في الوقت الذي انشغل فيه الحارس بالملعب ونسي مرماه..
ولكن تدارك الحارس ذاك الخطأ وعوضه بمجموعة أهداف ساحقة في المرمى المعادي..
وعلم العدو أن من يضحك أخيراً.. يضحك كثيراً..
إنني حقاً كلما أذكر هذا اليوم أحمد الله.. فلولاه لما أفقنا ولما تغيرنا ولما انتصرنا..
ولو نظر كل منا إلى أن وراء كل مصيبة حكمة ورحمة..لعلمنا أن هذا اليوم كان رحمة من الله تعالى..
وصدق الله العظيم إذ يقول : "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم "
فلولا الخامس من يونيو.. لما كان يوم السادس من أكتوبر..

الآن وقد طرحت رؤيتي لأمر لم يكن ليستوعبه الكثيرون..
أرى أنه علي أن أطرح أسئلة لا تزال تشغل حيز تفكيري..
هل وصلنا الآن إلى الحال التي كنا عليها يوم الخامس من يونيو؟!!
هل تتشابه الظروف الحالية بأي شكل من الأشكال مع ظروف ذلك اليوم؟!!
هل نستحق صفعة جديدة كي نفيق من غفلتنا؟!!!
هل لا يزال المصري موجوداً بين قائمة الأحياء؟!!!
أم أنه تاه وسط غابة الدنيا؟!!!!
سؤال أترك لكل واحد مننا الإجابة عليه..
ولكن..
وفي النهاية..
لنتذكر جميعاً أن وراء كل مكروه خيراً..
وبعد كل ليل.. نهار
وأن فرج الله قريب..
وأن مع العسر يسراً..

أميمة الشاذلي
4/6/2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق