31‏/12‏/2013

امبارح كان عمري


نهاية عام جديد
أشعر فيه بطعم النهاية لا البداية
أتساءل حرفيًا كم عمري .. فأجدني أحسبه على أصابعي كالأطفال الصغار
أنا حقًا ما عدتُ أكترث للأعمار
ولا أدري إن كنت في الخامسة والعشرين أم السادسة والعشرين إلا حين أحسبها كل مرة على أصابعي دون مبالغة
أنا لا أبالغ .. 
أنا حقًا ما عدت أحسب العمر بالتاريخ؛ لأن التاريخ حزين
وكثرة الأحزان في التاريخ تشوش على ذاكرتي المشوشة أصلاً
أحاول أن أتذكر بعض لحظات السعادة التي مرت بي .. أو مررتُ أنا بها ..
فيبدو لي أني أسلك طريقًا لا تمر عليه الأفراح إلا مراتٍ معدودة
كمرور الفرح على وطني الحزين
أو أن الأفراح هي التي خاصمتني لأني ما عدتُ أبالي بها أو أبحث عنها
أنا حتى لا أعرف إن كنت أبحث عن شيء ما أم لا
هل أنا أبحث عن اللاشيء؟!
أحيانًا يُهيأ لي أني أسير على غير هدى
أترك الزمن يفاجئني بما يخبئه لي
فأجده لا يخبئ لي سوى الأحزان
أتراني أفتش عن الأحزان؟!
أم تراني أسير في طريق العدم؟!
ما هو العدم؟! وكيف يكون؟!
ماذا هذا الهذيان الذي أهذي به؟
وما هذا الهراء الذي تخطه يداي؟!
هل هذا هو ما خرجتُ به من هذا العام؟!
أتراني أستكثر الفرحة أن أحسبها من عمري؟!
أم أن الفرحة أبتْ أن تدخل على قلبٍ نسجت الأحزان خيوطها حوله؟!
الآن لا أذكر سوى الموت .. ولا أخشاه
أذكره كصاحب مكان حللت عليه ضيفة منذ أن أدركت معنى الحياة غير المفهومة
أذكر البحر الهادئ الغاضب الذي أعيش فيه طيلة الوقت
أذكر البسمة المختلطة بالدموع حين أطالع ألبوم ذكرياتي
أشعر بأنني أعيش أفراح الماضي وأحزان الحاضر وتخوفات المستقبل المشوش
أعيش دموع الفرحة لا الفرحة نفسها
أعيش كآبة الحاضر لا حكمة الأحزان فيه
أعيش قلق المستقبل لا الأمل فيه
دموع وكآبة وقلق .. وصمت رهيب .. وكأني أحيا العدم
هل هناك من يحيا العدم؟!
وما هو العدم؟!
لا أدري

عصر الثلاثاء
31 يناير 2013

28 صفر 1435

03‏/12‏/2013

جيفارا عاش



مين اللي قال النجم مات؟!
أقطع دراعي من هنا
إن الكلام ده شائعات
وازاي يموت على أرضنا
نجم السما والأغنيات؟!
* * *
النجم عايش لم يموت
حتى اسألوا حضن البيوت
حتى اسألوا شوك الحروف
اللي طعن حلق الطاغوت
* * *
النجم دمه ف دمنا
عايش في طينة أرضنا ..
طيبته ف ملامح شعبنا ..
النيل يفيض على شط فكره
يطرح غناوي ف قلبنا

* * *
أحمد فؤاد يا نجمنا
لما السما تحجب نجومها عننا
ديك الأمل اللي صدح
من قبل طلعة فجرنا
يا صوت ضميرنا ف سجننا
آهة ألمنا وقهرنا
أنّة بُكانا ف جرحنا
زغروطة تملا فرحنا
صرخة غضب في وجه من يغدر بنا
حاجة ف ضميرنا كلنا
بحلونا .. بمرنا
بحبنا .. بكرهنا
بطهرنا ووحلنا
بكل حته مننا
يا كل حته منّنا
* * *
مين اللي قال النجم مات؟!
هي النجوم تعرف كفن؟!
النجم لم يِبرح سماه
النجم شِعر .. النجم فن
مين اللي قال جيفارا مات؟!
جيفارا عايش لم يموت
جيفارا عاش غنوة وطن
والغنوة .. لا يمكن تموت

ظهر الثلاثاء
3/12/2013
29/1/1435

19‏/11‏/2013

وعبثي



كل حقيقة في بلادنا غطاها الضباب
كل أمل في بلادنا يبدو كالسراب
ضباب ..
سراب ..
هباب ..
اكتئاب ..
هذا هو حال كل ثائر اليوم
آلامنا أضحت سلعة يتاجر بها كل وغد
وآمالنا تبخرت وتكثفت وتلوثت وتبعثرت
وتعسكرت وتأخونت وتمردت..
.
.
.
وأما بعد،،،
.
.
.
أما آن للجائع أن يشبع؟!
أما آن للمفجوع في أحبابه أن يأمنَ ولا يفجع؟!
أما آن للحق أن يظهر؟!
أما آن للثائر أن يثأر؟!
أم أن الثأر ليس من حق وطنٍ مسؤولوه يُحيون ذكرى الدماءِ بالدماء؟!  
أو بالرقص على الأشلاء؟!!!!
.
.
.
عبثٌ .. عبثٌ .. عبث
.
.
.
حياتنا أضحت عبثا ..
أحزاننا صارت عبثا ..
أفراحنا أمست عبثا
فالذي قتلنا بالأمس .. يقدم لنا تعازيه اليوم
والذي كان يرمينا بالبهتان بالأمس .. وضع نصباً تذكارياً لشهدائنا اليوم
والذي تاجر بدماء شهدائه بالأمس .. صار يتاجر بدماء شهدائنا اليوم
والذي باعنا بالأمس .. يدعي البطولة ويبكي قتلانا اليوم
ونحن عاجزون عن إحياء ذكرى من ناضلنا إلى جوارهم
عاجزون عن الأخذ بثأرهم..
عاجزون عن تحقيق ما ماتوا من أجله..
عاجزون حتى عن نسيانهم!!
.
.
.
عبثٌ .. عبثٌ .. عبث
.
.
.
إلى متى ؟!
إلى متى سنظل نروي أرضنا بالدماء؟!
متى تبدلُ الأرضُ ثيابها الحمراء؟!
متى الخلاص من دولة اليزيد؟!
متى سنثأر للشهيد؟!!


19 نوفمبر 2013م

14 محرم 1435هـ

02‏/07‏/2013

الجيش والشعب



الجيش والشعب ايد واحدة!!
يسقط يسقط حكم العسكر!!

بين هذا الهُتاف وذاك يتأرجح الشعب .. 
بين ثوار ذاقوا الأمرّين من حكم عسكري مستبد وبين شعب لم يتكبد عناء الشعور بمعاناة ثوارٍ أرادوا بلادهم حرة أبية..
بين هذا وذاك أجد نفسي في المنتصف .. لا أميلُ إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!

كنت ولا زلت أؤمن بأن الحكم العسكري هو الذي أوقعنا في فخ فاشية دينية استغلت كل شيء للوصول إلى الحكم.
كنت ولا زلت أؤمن بأنني على استعداد للموت في سبيل عدم "عسكرة" مصر
ولكن ومع الموقف الراهن للبلد لابد لنا من وقفة
وقفة نستجمع فيها شتات أمرنا وأفكارنا كي ندرك حقيقة الموقف برمّته.

الثلاثون من يونيو .. يوم عرس الحرية ..
يوم سمع فيه العالم أجمع كلمة الشعب المصري الذي قرر أن يغادر "الكنبة" ليدلي بدلوه في قضية وطن شعر بأنه في طريقه إلى الهاوية ما لم يجد من يمد له يداً تنتشله مما هو فيه!
ولا يخفى علينا جميعاً أن الأعداد المشاركة في هذا اليوم فاقت كل التصورات في جميع محافظات مصر .. كما لا يخفى علينا جميعاً أن هناك من الشعب من يشارك لأول مرة في حياته في مظاهرة ضد الظلم والاستعباد..
ولأن الثورة هدفها الرئيس هو تحرير هذا الشعب .. كان لزاماً على الجميع أن يستمعوا إلى صوت الشعب حين خرج عن صمته ليقول كلمته..

لا شك في أننا لاحظنا جميعاً مدى فرحة وبهجة هذا الشعب في هذا اليوم عند مرور طائرات الهلوكبتر التابعة للجيش .. ولا يمكننا أبداً تجاهل التهليل وصيحات النصر التي دوت في أرجاء الاتحادية والتحرير حينذاك .. 
هنا تضاربت مشاعر شتى في نفوسنا ولم نجد أنفسنا إلا ونحن نهتف باسم شهداء مصر الذين راحوا ضحية الحكم العسكري .. نهتف باسم مينا دانيال والشيخ عماد عفت ومن قبلهما ومن بعدهما ومن بينهما .. في محاولة منا لتذكرة من حولنا بجرائم الحكم العسكري كي لا نستمع إلى ذاك الهتاف البغيض إلى نفوسنا "الجيش والشعب إيد واحدة" .. فهذا الهتاف يذكرنا بيد ما امتدت إلينا إلا لتقتلنا وتفتك بنا وتسحقنا تحت دبابتها كي تخرسنا للأبد .. فكيف نقبل بهذا الهتاف بعد كل ما تكبدناه من خسائر وأرواح؟!!
كيف نقبل على أنفسنا أن نصمت ونحن نستمع إلى من يهلل لقاتلينا؟!!!
وهنا توقفت بعض اللحظات .. وفكرت في الأمر ...
هل نحن حقاً نعادي الجيش أم أننا نعادي المجلس العسكري؟!!
بالتأكيد نحن نعادي المجلس العسكري ومن استخدمهم من أفراد الجيش لقمعنا وقتلنا والفتك بنا وليس الجيش بجميع أفراده.
حسناً .. ماذا لو أن المجلس العسكري الحديث قرر أن يغير سياسة المجلس الذي سبقه؟!
ماذا لو أن المجلس العسكري الحديث قرر أن يستخدم أفراد الجيش لحماية المتظاهرين بدلاً من سحقهم؟!!
هل عداوتنا لمواقف وأشخاص أم لمؤسسة؟!!
وماذا سنكسب إن ظللنا فترة طويلة على هذه المشاعر العدائية تجاه مؤسسة يستحق بعض من فيها هذا العداء؟!

لا شك في أن الثوار سيستقبلون الفكرة بالسخرية والاستنكار وسيتهمونني بالتهاون في حق الشهداء وربما ب(العَبَط) في تصديق من قتلنا .. لكن الحقيقة هي أنني لم أنس ثأرنا القديم ولن أنساه .. ولكنني أحاول إعادة دراسة الحالة التي وصلنا إليها والموقف الذي نحن بصدده..

مع البيان الأول للقوات المسلحة أجد تغيراً في موقف المجلس العسكري على الأقل بزاوية قدرها 90 درجة .. ولنترك التسعين درجة الباقية للأيام القادمة لتثبت لنا إذا ما كان التغيير حقيقياً أم أن البيان ما هو إلا مجرد كلمات جوفاء تضاف إلى البيانات القديمة .. في محاولة لاستعطاف الشعب للانقضاض على الثورة مرة أخرى ولكن هذه المرة برضا الشعب!

لكن المتأمل لبيان المجلس العسكري سيجد لهجة مختلفة تظهر من خلال صياغة مختلفة لهذا البيان الذي لا يمكن تجاهل الاستقبال الشعبي الحافل له.
البيان العسكري صيغ هذه المرة بطريقة أكثر حنكة ودهاء وسياسة .. 
امتزجت فيه اللهجة السياسية مع الأسلوب العسكري الحازم .. 
نلمس فيه صدقاً أكبر مما سبق – ولنا تجارب عديدة سابقة في البيانات التي استشعرنا منها عكس ذلك.
البيان هذه المرة لا يؤكد على حماية الشعب – كما اعتدنا في البيانات العسكرية- ولكنه يعطي فرصة متساوية لكل الأطراف للخروج من الأزمة الراهنة بدلاً من أن يتخذ المجلس العسكري قراره ويفرض إرادته التي لا ندري كنهها حتى الآن!

إلا أن البيان أكد في الوقت ذاته على أن المجلس العسكري لن يحاول السيطرة على الحكم ، وإن كنا نستشف من لهجة البيان الحازمة أن المجلس سيمسك بزمام الأمن حتى لو لم يستولِ على الحكم .. وهذا أمر لا يمكن البت بكونه حسناً أو سيئاً .. ففي الأحوال العادية يكون إمساك الجيش بزمام الأمن أمراً سلبياً لِما يمثل ذلك من تسلط دكتاتوري وأمنٍ مفروض على الشعب بقوة السلاح لا بقوة القانون.. لكن في بعض الأحوال الأخرى يكون إمساك الجيش بزمام الأمور "الأمنية" الداخلية أمراً إيجابياً؛ حين يكون الأمر على وشك انفجار حرب أهلية أو صراع دموي بين طرف وآخر بصرف النظر عن الحق والباطل ..

والمتأمل في الوضع العسكري للمنطقة العربية يجد أن المجلس العسكري من الصعب أن يحاول الاستيلاء على السلطة في ظل الظروف الراهنة ..وليس الأمر من قبيل الزهد في السلطة؛ لكن الأمر أخطر من أن يقحم المجلس العسكري نفسه في صراع جديد مع ثوار يرفضون حكمه مهما قل عددهم .. فهذا الأمر كفيل بزعزعة استتباب الأمن الذي يبحث عنه المجلس العسكري في الظروف الراهنة في المنطقة العربية التي تعج بالفوضى والصراعات مما يستلزم على الجيش المصري أخذ الحيطة والحذر والتأهب استعداداً لأي معركة قد يُفرض عليه خوضها لأي سبب من الأسباب.. 
ولا ننس أن الجيش السوري منشغلٌ في صراع داخلي مع المعارضة..
وإيران منشغلة في تأييد النظام السوري لتأمين حدودها..
والجيش العراقي لا وجود له منذ سقوط بغداد الأخير .. 
وبقية الدول العربية منشغلة في حل مشكلاتها وأزماتها الداخلية، كما أنها تعجز عن حماية نفسها إذا ما اعتدى عليها معتدٍ .. 
وأمريكا تبحث عن مصالحها السياسية والاقتصادية..
واسرائيل تتأمل المشهد كاملاً في انتظار الفرصة الحاسمة لتحقيق حلم يعربد في خيالها..
أمور كثيرة تجبر الجيش المصري على التركيز على الأمن الخارجي .. ولا أرى البيان العسكري الأخير إلا محاولة حثيثة لوضع حد للفوضى التي نعيشها منذ فترة كي يستطيع الجيش الالتفات إلى ما هو أخطر وأكبر دون أن يتشتت انتباهه في محاولة الفصل بين القوى الثورية والمعارضة والمؤيدة التي حال الصراع بينها دون تحقيق تنمية حقيقية داخلية بصرف النظر عن السبب ..
وعلينا ألا نُغفل أن فترة الحكم العسكري الذي عانينا فيها منذ سنة مضت قد أثّرت على المجلس العسكري كما أثرت على الثوار.. والمجلس العسكري ليس بالغباء الذي يجعله يتجاهل أثر دخوله المعترك السياسي الذي أفقده سمعته وهيبته ودفع جزءاً من الشعب لكراهيته بسبب ما أصابه من جرح أليم لم يندمل بعد.
كل هذا أجده كافياً لأن يدفع المجلس العسكري لمحاولة تحسين صورته التي شوهها هو بنفسه.. بصرف النظر عن المسوغات لما فعل..

هذا ما دفعني لإعادة التفكير في الموقف الراهن .. فالأمر أكبر من مجرد هتافات وشعارات أو نكء جرح لم يندمل بعد .. كما أنه من الأنانية أن نصمّ آذاننا عن الاستماع إلى أغلبية شاركتنا موجة من موجات الثورة حتى لو كانت يوماً واحداً أو اثنين.. 
إذا كنا نريد أن نفرض إرادة الشعب فعلينا الاستماع للشعب حتى وإن لم يَرُق لنا كل ما يقول .. فنحن ما خرجنا لنثور منذ الخامس والعشرين من يناير إلا لنسترجع كرامة هذا الشعب ونسمع صوته من جديد ونلبي مطالبه .. فلا يمكن أن تدفعنا أنانيتنا لعدم الاكتراث لصوت شعب يصعب إقناعه بعدم ترديد الهتاف "الجيش والشعب ايد واحدة".

لست أدعو لعودة المجلس العسكري للحكم .. ولا لتجاهل دم لم نثأر له بعد .. ولكنني أدعو أصدقائي ورفاقي الثوار إلى التأني وعدم استفزاز قطاع كبير من الشعب في الوقت الراهن إلى أن تضح الصورة كاملة .. ما زال أمامنا يوم وبعض يوم للكشف عن نية المجلس العسكري .. 
دعونا نتوقف قليلاً وننتظر ما ستسفر عنه الأمور .. 
دعونا نتحلى ببعض الصبر .. ولننتظر .. فلو صدق المجلس العسكري فيما ذكره في بيانه فبها ونِعمتْ .. ولنحاول تضميد جراحنا بتحقيق أحلام شهدائنا الذين ضحوا بأرواحهم لا في سبيل بقاء عداوة مع طرف ما ولكن في سبيل التخلص من طغيان أطبق على صدر الوطن.. فإذا ما حققنا الحرية واستعدنا كرامة هذا الشعب كان هذا هو أكبر ثأر نأخذه من كل من أراد بنا السوء..
وإن لم يصدق البيان العسكري في قوله فسنستكمل معركتنا حتى يزول الظلم وينقشع الظلام .. 
وليكن شعارنا "وإن عدتم عدنا".

ليست كل الأمور تعالَج بالثورة.. والثورة إن لم تتحلَّ ببعض السياسة لن يكون لها مكانٌ على أرض الواقع .. ستخسر الكثير .. وسيشعر الثوار بأنهم كانوا ينحتون في الصخر .. 
علينا أن ننظر للأمور من مختلف الزوايا وندرس المواقف التي نتعرض لها جيداً كي نخرج بحلٍ يرضي جميع الأطراف دون أن ننسى آلام الوطن .. ودون أن نمنع أشعةَ أملٍ من أن تتسلل إلى قلوبنا وقلوب شعب يتوق إلى رؤية شمس الحرية..




صباح الثلاثاء
2 يوليو 2013 م
23 شعبان 1434هـ

31‏/05‏/2013

مسلسلُ الغباءِ السياسيّ


حين قام بعض من كانوا يشغلون أعلى المناصب في الدولة أيام الرئيس الراحل محمد أنور السادات "رحمة الله عليه" بتقديم استقالاتهم معتقدين أنهم بذلك سيحرجونه ويؤلبون الشارع ضده، ما كان من السادات إلا أن قبل استقالتَهم وأمر بالقبض عليهم قائلاً عبارته الشهيرة: (دول لازم يتحاكموا بتهمة الغباء السياسي)!
وكم من المسئولين لدينا من يستحق المحاكمة بنفس هذه التهمة!!

لا أدري حقاً من يُصدّر لنا في الإعلام وفي المشهد السياسي شخصياتٍ أقل ما يقال عنها إنها شخصياتٌ تتسم بالغباء السياسي. ولكن يبدو أن كل طاغية حكم هذا البلد على مر تاريخ مصر العريق كان هو أو من حوله أو جميعهم يعانون من الغباء السياسي بشكل أو بآخر .. ولن أتحدث هنا عن التاريخ البعيد، بل سأتحدث عن الماضي القريب .. فقد لمسنا جميعاً هذا الغباء السياسي منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، حين خرج علينا بعض المسئولين في الإعلام ليزيدوا الطين بلة بدلاً من تهدئة الموقف .. ونحن نشكرهم على غبائهم السياسي فلولاه لما تمكنا من خلع الرئيس السابق محمد حسني مبارك ..
هو نفس ذاك الغباء السياسي الذي جعل نائب الرئيس المخلوع/ عمر سليمان يقول في حوار مع إحدى القنوات الفضائية الغربية
: "Egyptians are not ready for democracy"، كما لو أن المصريين ليس فيهم من يستطيع فَهم اللغة الانجليزية والتحدث بها أفضل مما يتحدث سيادته بها، أو "ويكأن" المصريين لا يتابعون كل ما يتعلق بهم في إعلام الغرب!

ثم نعود لنشاهد صورة أخرى من الغباء السياسي "لا حرم الله مسئولينا منه" حين خرج علينا رئيس الوزراء السابق/ الفريق أحمد شفيق ليحدّث المتظاهرين المتواجدين في ساحة الميدان عن توزيع (البونبوني) في مشهد كان يستحق وجود شخصية مثل "اللمبي" للرد عليه، ثم يطل علينا مرة أخرى في صورة المرشح الرئاسي المحتمل - الذي من المفترض أن يسعى لكسب الجماهير ولو كذباً-  ليحدثَنا عن قمع كل من تسول له نفسه الخروج عليه وأن ما فعله المجلس العسكري في العباسية كان مجرد "بروفة"!!
ويتجلى لنا هذا الغباء السياسي في أبهى صوره في عهد أمير المؤمنين وزعيم الأمم من الإنس والجان محمد مرسي العياط! فمنذ بداية الانتخابات وقبل أن يكسب تلكم الجولة الرئاسية "المنيلة" نجده هو بذاته يخرج علينا ليتحدث عن طائر النهضة الذي له (رأسٌ وجناحان ومؤخرة!)، ولاشك في أننا جميعاً لمسنا في هذا التشبيه بلاغةً ما بعدها بلاغة .. أو بلاهة!

وبعد أن نُصِّب مرسي أميراً للمؤمنين نجده بدلاً من أن يحاول استقطاب المعارضة وكسبهم في صفه لنحاول معاً تجاهل تلك الغصة في حلوقنا نتيجة وصول طائر النهضة إلى سدة الحكم، نجده بدلاً من ذلك يفتح علينا بالوعة مقززة من كائنات شيطانية خرجت علينا لتدفع الناس دفعاً لا إلى كراهيته هو وجماعته وحسب، ولكن لكراهية كل من يتحدث باسم الدين، بل وصل الأمر لدى البعض إلى كراهية الدين نفسه!

وبعد استعداء الأزهر والقضاء والأمن والإعلام والثوريين ورجال السياسة والمعارضة على مرسي وجماعته .. نجد حكومته المُسَنْفرة (مشتقة من سنفور مفرد سنافر) تفاجىء المصريين بزيادة في الأسعار مع قطع الماء والكهرباء يومياً في نفس الوقت الذي يخرج علينا فيه رئيس وزراء السنافر هشام قنديل ليحدثنا عن لم شمل العائلة تحت شعار قطونيل لكل مواطن!
وحين أتحدث عن الغباء السياسي لا يمكن أن أنسى ذكر قضية غاية في الأهمية طرحها السنفور (قطونيل) ألا وهي قضية الرضاع وإسهال الرُضّع، بالإضافة إلى الاغتصاب الذي تتعرض له سيدات بني سويف حين يخرجن إلى الغيظان.. وكأن شرف الفقراء لا ثمن له في وجهة نظره أو وكأنه يظن أن رجال بني سويف "بقرون"!

المزيد من الغباء السياسي نجده مع ذلك (العريان) حين لم يطاوعه قلبه (الرُّهَيّــف) كي يترك اليهود "الغلابة" مشردين في إسرائيل، ليطالبهم بالعودة إلى (بيتهم ومطرحهم) مصر! بل وعين نفسه محامياً عنهم مدعياً استحقاقهم تعويضات، وفي استكمال لهذه الحلقة من سلسلة الغباء السياسي نجد خرفان اللجان الإلكترونية – مع الاعتذار للخروف أبو صوف- تشرح لنا مدى عبقرية هذا التصريح وأن فيه الحل الجذري للقضية الفلسطينية!!!

ناهيكم عن خَطابات أمير المؤمنين الهمام التي يُتحفنا بها بين الحين والآخر "الحين ده اللي هوَّ كل يوم تقريباً" والتي يتحدث فيها بأسلوب وكلمات تستحق أن تستعين بها قنوات الكوميديا المصرية لبث البهجة في قلوب المشاهدين والمستمعين. ولا أدري في الحقيقة من ذلك العبقري الذي علمه أسلوب الحديث، أو من ذلك الخرافي الذي يكتب له خَطاباته. ولكني في النهاية أجد أن تصريحات أمير المؤمنين إلى جانب تصريحات من عيَّنهم أو من أطلقَهم علينا في وسائل الإعلام تنتمي إلى ذلك النوع من الغباء السياسي الذي يُعد صديقاً للبيئة .. فلولاهُ لما كان لحلقاتِ باسم يوسف طعمٌ أو لونٌ أو رائحة!

والحديث عن الغباء السياسي في عصر النهضة الإخوانية يطول، خاصة لو تحدثنا عن غباء أولئك الذين يمأمئون (من مااااء) رداً على كل تصريح لرئيسهم أو لأحد مسئوليهم ليشرحوا لنا مدى عبقرية كل قرار وكل تصريح غبي حتى لو كانت تلك التصريحات يناقض بعضها البعض.. المهم أن مسئوليهم لا يخطئون أبداً بل إن العناية الإلهية تبارك خطاهم .. كل ذلك (بما لا يخالف شرع الله) الذي لم يعرفوه حقاً كي يتحدثوا باسمه وباسم شريعته.. ولكنني لا أعيب على الصغار فغباؤهم السياسي مستمدٌ من غباء كبارهم.. وكما قال المثل العربي "الولد سر أبيه" .. وهذا لا يُنسينا الحكمة المصرية الشهيرة التي تقول: "متخافش من الهبلة بس خاف من خِلفتها".. مع التأكيد على أن أصحاب الحق لا يخافون لا من "الهبلة" ولا من "خِلفتها".

وأخيراً وليس آخراً وفي أسمى آيات الغباء السياسي يخرج علينا أمير المؤمنين ليصرح بأن حصتنا في نهر النيل لن تَنقص إذا بُني سد النهضة الأثيوبي، في نفس الوقت الذي ينبري فيه آخرٌ بأن السد لن يؤثر على حصة مصر من المياه ولكنه ربما يؤثر على الطاقة "حوش الطاقة والكهربا اللي مغرقة البلد بأنوارها" ، في نفس الوقت الذي يخرج علينا قنديل مصر ليصرح بأننا في انتظار التقرير الفني الذى سيقدم من اللجنة الثلاثية من مصر والسودان وإثيوبيا، وأن هناك تنسيقًا كاملًا مع جمهورية السودان فى هذا الشأن ( وماذا عن إثيوبيا أصل المشكلة ومنبع النيل؟!).. وفي نفس ذات التصريح قال إن إجراءات إنشاء سد النهضة بدأت منذ فترة ولا تعني موافقة مصر على إنشاء السد... تصريحاتٌ كل منها "ينطح" الآخر .. ولا تخرج قبل أن تقول: سبحان الله!
وفي ظل هذه الأزمة التي تنذر بكارثة جديدة بيئية واجتماعية وأمنية مأساوية، يناقش مجلس الشورى "اللي مش إخوان أبداً" تحريم فن الباليه لأنه فنٌ عارٍ .. كما لو أن مشاكل مصر قد انتهت ليبحثوا قضية مهمة تؤثر في أخلاق الشعب المصري "البايظة" ألا وهي قضية فن الباليه الذي  لا يعرف عنه أغلب المصريين شيئاً سوى أنه فنٌ تقدمه الأوبرا، ولا يحضره إلا قليل من المثقفين لا يتعدى عددهم 5% من عموم الشعب المصري – هذا لو وصل العدد إلى هذه النسبة أصلاً.. متجاهلين في الوقت ذاته مئات المراقص التي تملأ البلاد والتي حصلت على تجديد لترخيصها لمدة ثلاثة أعوام في عصر النهضة بدلاً من عامين كما كان الوضع في عهد المخلوع!
ولا عجب حين نجد وزير الثقافة الإخواني خلال أيام قليلة فقط يقدم محضراً ضد إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا لإخراجها من الأوبرا كفنانة، هذا بالإضافة إلى ما تردد من أنباء حول إنهاء انتدابها كرئيس للأوبرا، في محاولة لأخونتها بشكل أو بآخر .. ولا أدري إذا تمت أخونة الأوبرا ماذا عسانا أن نشاهد فيها غير أوبرا (العريان) برعاية حملة (تجرد) التي دعا إليها بطل الإرهاب والسلام عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية والمتهم رقم 9 في قضية اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات رحمه الله . ويا زين ما اخترتم!!

كانت هذه بعض حلقاتٍ من مسلسل "الغباء السياسي" قدمناها لكم من قناة النهضة الإخوانية.
ويستمر المسلسل يومياً رغم الخطر الذي يحدق بهم من بركان أوشك أن ينفجر في وجوههم .. وما زالوا يـصرون على سياستهم التي تُذكي نار الثورة داخل شعب كان من الممكن تهدئته بعض الوقت .. الأمر الذي يجعلنا نتأكد أن "الغباء السياسي سرطانٌ يتسرب بين المسئولين .. 
ويتوغل ..
وينتشر ..
ويستمر ..
ويستمر ..
ويستمر
الجمعة: 31 -5 - 2013 م
21 - 7 - 1434 هـ

10‏/01‏/2013

الجنون الشتوي!



ما هو الجنون؟!!!

الجنون هو أن تخرج بمفردك وبمحض إرادتك إلى الشارع في العاشرة صباحاً دونما سبب ودون مظلة والمطر يهطل وأنت مصاب بزكام والتهاب في الحلق  ..  لتسير لمدة ساعتين في الطرقات المبللة ، وتدور وتدور فوق الأرصفة وأنت تستمع تارة إلى فيروز والحجار وأنغام ، وتارة إلى Celine Dion و Josh Groban ، وتارة أخرى إلى أمل دنقل وهو يتلو قصيدة "الكمان" ، ومحمود درويش وهو يعزف على أوتار القلب قصيدة "انتظرها"،  والناس تنطر إليك نظرتهم للمجنون ، وتتجاهل أنت كل هذا وتكمل سيرك وأنت تغني بابتسامة حالمة، ثم تتوقف لتشرب كوباً من عصير القصب يعقبه الآيس كريم بالشيكولاتة البيضاء ، ثم تعود للمنزل وأنت تكاد لا تشعر بيديك المتجمدتين .. لتشرب كوباً من الشاي الأخضر وتضع قدميك في ماء دافىء ثم تجففها لتضعها في "اللكلوك" وأنت تستمع إلى عبد الوهاب وهو يغني "خايف أقول اللي ف قلبي" وأسمهان وهي تبحث عمن يقول لها: "أهوى" .. ثم ترقد في سلام على سريرك وتسجل ما فعلتَ في مدونتك الخاصة!

ما أروع جنون الشتاء! ^_^ 


القاهرة
صباح الخميس 10 يناير 2013م 
الموافق 28 صفر 1434هـ