
"أنا مش سيدة ولا امرأة .. أنا انسان .. أنا مواطن مصري"
هكذا كان رد الكاتبة (العظيمة) د/لميس جابر على سؤال الإعلامي معتز الدمرداش حول عدم تعاطفها (كامرأة) مع الفتاة "ست البنات" التي كشفت عن الوجه القبيح للمجلس العسكري وكلابه الذي لا يرقبون في مصري ولا مصرية إلاً ولا ذمة.
بكل تأكيد فإن دكتور لميس لست امرأة ولا سيدة وإنما هي إنسان ...... لكنها نسيت أن تكمل الفراغ .. إنها حقاً إنسان .. عديم الرحمة .. عديم النخوة.. عديم الإنسانية ..
يبدو لي أن د/ لميس كانت تتابع التلفزيون المصري أو شاهدت ذاك الفيديو الذي اقتطع جزءاً من المشهد المخزي ليبدو للمشاهد أن شخصاً مدنياً كان يشدها وهي شبه مشلولة فتحاول الشرطة العسكرية إنقاذها وإبعادها عنه وتغطيتها!!
يبدو أنها لا تعلم أن هذا الشخص (المحترم) كان هو من يحاول إبعادها عن عنف العسكر قبل أن يصلوا إليها إلا أن كلاب العسكر تكالبوا عليهما..
يبدو أن دكتور لميس لم تشاهد بقية المشهد وهم (يسحلونها) على الأرض وهي لا تحرك ساكناً ثم يضربها أحدهم بحذائه في صدرها ..
ويبدو أنها لم تكمل المشهد بذلك الوغد الذي تتبع الشاب الذي كان يحاول حمايتها ليقفز فوقه بكلتا قدميه وهو ملقى على الأرض..
ويبدو أنها لم تر مشهد بقية المتظاهرين الذي حين راعهم ما حدث لتلك الفتاة وحاولوا الإقتراب منها وإنقاذها من بين براثنهم فصوب أحد (الكلاب) مسدسه تجاههم ليمنعهم من الإقتراب منهم وكان يبدو عليهم أنهم أدركوا لحظتها فداحة ما فعلوه ولكن بعد فوات الأوان..
ويبدو أيضاً أن (المحترمة) لميس لم ترَ مشهد عزة "ذات الرداء الأحمر" والتي كانت تسير في الشارع لا بها ولا عليها وحين رأت ما حدث للفتاة سارعت ناحيتها فكان جزاؤها الضرب المبرح الذي كاد يصل إلى حد القتل..
يبدو أنها لم تشاهد ما حدث لعزة وهي في المستشفى ، ولم تسمع صراخها وأنينها من شدة الألم ولم تشاهد رأسها الذي خلا من الشعر نتيجة ما حدث للجمجمة إثر الضرب الوحشي الذي تعرضت له..
وهنا السؤال لل(محترمة) لميس:
لماذا لم تبحثي عن المشهد كاملاً حتى تتضح لك الصورة إن كنتِ حقاً "إنساناً ومواطنة مصرية"؟!! أم أنك خشيتِ من مواجهة الحقيقة حتى لا تضطري إلى التعاطف مع ثورة تري أنها قامت ضد شخص لا يمكنك التشكيك في وطنيته؟!!!!
أي إنسانية تتحدثين عنها؟!! هل هي تلك التي لم تجعلك تشاهدي الحقيقة؟ أم التي جعتلك شاهدتِ الحقيقة وأنكرتيها؟!! أم تلكم الإنسانية التي جعلتك تتحدثين عن كمين وهمي؟!!!
وكما قال الشاعر: إن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ * وإن كنتَ تدري فالمصيبة أعظمُ.
إنني وللأسف الشديد لا أجد وصفاً لما قلتِ أقل حدة من (الحقارة) ..
إن الجيش المصري (الجبار) قد تم تدريبه على أعلى مستوى مثلما نردد دوماً .. فكيف له أن يقع في كمين صبياني كهذا؟؟
هل لديك أية معلومات حول كيفية مواجهة كمين من هذه الشاكلة؟!!
هل تعلمين أنه إذا أراد (كلاب) طنطاوي النجاة من كمين كهذا كان يمكنهم أن يتركوا الفتاة والرجل دون المساس بهما؟!!
ما هو ذلك الكمين الذي يبرر ما حدث لعزة وهي التي كانت تسير في أمان الله بعيداً عن المظاهرة والتي لم يدفعها إلى التدخل سوى أنها "إنسان" بمعنى الكلمة؟!!!
ما هو ذلك الكمين الذي يدفع جندياً وغداً إلى القفز فوق أحد المتظاهرين الملقى جسدهم على الأرض دون بادرة عنف؟!!!
ما هو ذلك الكمين الذي يدفع بجنديٍ أن يضرب فتاة ملقاة على الأرض بلا حراك بحذائه في صدرها بمنتهى العنف والوحشية؟!!
أي كمين هذا الذي دفعك للتفوه بتلك الحقارات والتفاهات حول أن كل هذا لأجل إلهائنا عن مشهد حريق المجمع العلمي؟!!!!
"إن شرف المرأة ليس بأكثر أهمية من الكتاب الذي علمنا ما معنى الشرف"!!!!!!!
ولنا هنا وقفة مع جملة عظيمة أخرى تفوهتِ بها جعلتني أصر على مهاجتمك في مقال أرى أنه متحفظ في الألفاظ ومحترم أكثر مما ينبغي .. فالمرء العادي سيدفعه ما تفوهتِ به إلى سبك بأقذع الشتائم ورميك بأقبح الألفاظ .. إلا أنني "كثائرة .. بل كإنسان مصري" أنأى بنفسي عن الانزلاق إلى هذا المستوى ..
يا د/ لميس .. من الذي كتب على الورق الذي تدعين بأنه هو الذي تعملنا من خلاله معنى الشرف؟! أوليس الإنسان؟!! وإذا أهين شرف هذا الإنسان فكيف له أن يعبر عن معنى الشرف؟!!! وإذا كان الكتاب أهم من شرف الإنسان فكيف للمرء أن يكتب عن الشرف مرة أخرى؟!!!!
يا د/ لميس قديماً احترقت مكتبة الاسكندرية ..
وقديماً ضاعت مكتبة بغداد حرقاً وغرقاً ..
هل حال كل هذا دون اسكمال مسيرة الحضارة؟!!!
هل لم نجد مصدراً آخر يحدثنا عن الاسكندرية وعن بغداد والحضارات آنذاك؟!!
أوليس الإنسان هو من سجل في الكتب تلك الوقائع ونقل ذلك للبشرية كلها؟!!!
أوليس الإنسان هو الذي يحفظ عقله وقلبه كل ما يحدث ليسجله في كتب تقرأها الأجيال من بعده؟!!
كيف تجرأتِ على التلفظ بتلك الجريمة؟!!!
كيف يكون الكاتب أقل أهمية من المكتوب؟!!
كيف يكون تطبيق الشرف أقل أهمية من الكلمات المخطوطة عنه؟!!!
كيف؟!!
إن من أكثر التعليقات على جملتك هذه والتي أشعرتني بالمرارة ، جملةٌ كتبتها فتاة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تقول فيها: "منك لله يا لميس من ساعة ما قولتي الكتاب أغلى من شرف المرأة وانا مش قادرة أواجه كتبي خالص ، ابص فى عيونهم أقولهم إيه؟ انا ارخص منكم؟؟!"
"ماذا تساوي المرأة الجاهلة .. يبقى عندها شرف منين حتى لو كانت متغظية من فوقيها تحتيها؟"!!!!!!!!!!!!!
إن النساء الجاهلات اللواتي تحدثتِ عنهن هن أشرف من كل من ينفي عنهن الشرف..
إن تلك النساء "الجاهلات" هن جداتنا .. هن من ربين أجيالاً وأجيالاً .. هن من ربين الجيل الذي حارب في أكتوبر ونتباهى به جميعاً ... هن من أنجبن الرجال الذين خطوا بأقلامهم كتباً بعضها وضع في المجمع العلمي الذي تبكين عليه ..
إن تلك النساء "الجاهلات" التي تحدثت عنهن هُنَّ من أنجبن طه حسين ونجيب محفوظ وأحمد شوقي ومصطفى صادق الرافعي والزيات وحافظ إبراهيم وعائشة عبد الرحمن "بنت الشاطىء" وصفية زغلول وهدى شعراوي..
إن تلك النساء "الجاهلات" التي تحدثتِ عنهم هنَّ من أنجبن كل السياسي البارع والقائد الجرىء والجندي الشجاع والشيخ الجليل ..
هن من أنجبن وربين أحمد عرابي وسعد زغلول وطلعت حرب وإبراهيم الرفاعي ومصطفى كامل ومحمد فريد..
هن من أنجبن وربين الشيخ الشعراوي والشيخ الطهطاوي والشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط والشيخ محمد عبده والشيخ المنشاوي..
هنَّ من أتين بك إلى الدنيا لتتفوهي بحماقاتك عن شرفهن ..
فحسبنا الله ونعم الوكيل..
"في أمريكا أعتى دول الديمقراطية"!!!
كيف لك يا أستاذة لميس أن تصفي الدولة التي تعرفين جيداً الجرائم التي ارتكبتها في أفغانستان والعراق بالديمقراطية؟!!
كيف تقولين عن الدولة التي (تتبلطج) على كل الدول العربية دول العالم أجمع بأنها أعتى دول الديمقراطية؟!!!
ماذا تعرفين عن الديمقراطية؟!!
بل ماذا تعرفين عن أمريكا؟!!!
لا أدري ماذا أقول عن الكلام المتناقض الذي تتفوهين به .. ولكن يبدو أنك تستشهدين بها وقتما تشائين وتلعنينها وقتما تشائين ..
" جيشنا جيش وطني .. جيشنا ده الجيش اللي حارب "!!!
ما زلت أتسائل .. في أي عصر تعيشين؟!! إن الجندي المصري الذي حارب في 1973م ليس هو الجندي المصري الآن .. تماماً كما أن العربي الذي انتفض لنداء امرأة "وامعتصماه" ليس هو العربي الذي تهكم من سحل امرأة والاعتداء عليها..
يا د/لميس .. إذا كان الأدب في السبعينات ليس هو الأدب في عصرنا هذا .. وإذا كانت ثقافة السبعينيات ليس ثقافة اليوم .. وإذا كانت الشخصية المصرية اليوم ليست هي ذاتها في السبعينات فكيف نؤمن بتغير الأجيال في كل المجالات ثم نتوقف عند المجال العسكري لندعي أن هذا الجيش هو ذاته الجيش الذي حارب في السبعينيات؟!!!! أي جيش معمر هذا؟!! فإذا افترضنا جدلاً أن الجندي المصري الذي حارب في السبعينات كان عمره عشرين عاماً فهذا يعني أنه قد بلغ الآن ستين عاماً .. في حين أن الجندي الذي يضربنا ويدهسنا ويسحلنا ويعتقلنا لا يزيد في العمر عن الثلاثين .. فكيف لك أن تدعي أن هذا الجيش هو ذاته جيش السبعينات؟!!
لقد تُوفي القادة وتغير الجنود وتغيرت الأخلاق يا دكتور ..
جندي السبعينات لم نكن نشاهده يسب أخيه المصري بشتائم يشمئز منها كل ذي فطرة سلمية .. جندي السبعينات لم يكن يشير بإصبعه إشارات بذيئة..
جندي السبعينات لم يكن يخرج لنا عضوه ليلوح به أو ليتبول على أخيه المصري..
جندي السبعينات لم يكن يشد فتاة من شعرها ولا يخلع عن رأسها الحجاب ولا يخلع عنها النقاب ولا يسحلها ولا يكشف سترها..
جندي السبعينات لم يكن يصوب سلاحه ضد أخيه
جندي السبعينات لم يكن يضرب أخيه المصري ولا يقفز فوقه بالبيادة أو الحذاء..
جندي السبعينات نصر الله فنصره الله ..تحلى بأنبل الأخلاق فاستحق أن يخلد في تاريخ البشرية ..
أما جندي اليوم فقد استطاع أن يجعلنا نتمنى أن نراه في مزبلة التاريخ كما رمى شهداءنا بجوار القمامة .. لقد خان الجندي المصري شرف مهنته وتحول من شريف إلى خبيث .. ومن مقاتل إلى قاتل .. ومن حامٍ إلى هاتك أعراض..
ولست أعمم وصفي على الجيش بأكلمه ولكني أتكلم عن القيادة ومن تبعهم في منهاجهم من الجنود قلت أعدادهم أو كثرت..
كرهنا جندي اليوم لأنه شوه الصورة الجميلة التي كنا نرسمها له طول حياتنا ..
كنا جميعاً نتباهى بأن الجندي المصري لا مثيل له ولا مثيل لأخلاقه..
وغالبيتنا هتف يوم الحادي عشر من فبراير "الجيش والشعب ايد واحدة" .. فلماذا لم تسألي نفسكِ ما الذي دفعنا إلى تغيير الشعار والكفر به؟!!! هل رغبة منا في استعداء طرف علينا؟!! إن الشخصية المصرية هي أكثر شخصية مسالمة مستكينة ترتاح إلى كل ما فيه نبذ للعنف والكراهية الذين يدفعان إلى التضحية .. فما الذي دفع الشخصية المصرية إلى الخروج من هذا الإطار والثورة عليه؟!!
ألم تسألي نفسكِ يوماً ما الذي يدفع آلافاً للاستعداد للموت في مواجهة العسكر؟!!! هل أرواحهم رخيصة إلى ذلك الحد؟!!! أم أنهم جميعاً ممولون من مؤسسات "أجنبية" تدفعنا للتضحية بأرواحنا؟!! وما هو الثمن الذي يعوض المرء عن روحه بعد فقدها؟!!
د/لميس .. لا تكابري واسألي نفسك وابحثي له عن إجابة مقنعة منطقية "بمنطق الفطرة"..
"كانت أسوأ لحظة في حياتي أيام ماسبيرو لما شفت ظابط بيتشد من بدلته العسكرية"
وقبل أن ترد عليك الأستاذة المحترمة جورجيت قليني تَبَادر إلى ذهني نفس التساؤل ..
ماذا يا د/ لميس عن مشهد المدرعات التي دهست متظاهري ماسبيرو؟!!
ماذا يا د/لميس عن مشهد الضابط – ببدلته العسكرية – وهو يصوب سلاحه تجاه المتظاهرين من فوق الدبابة التي يركبها؟!!!
ماذا عن مشهد جثث شهداء ماسبيرو في المشرحة ؟!! ألم تشاهدي مشهد ذلك الشاب الذي ضاعت معالم نصف جمجمته؟!!! ألم تشاهدي حرقة أهالي الشهداء؟!!!
ورداً على فكرة "شهداء الجيش في ماسبيرو" ... كلنا يعلم أنه لا يختبىء خبر في مصر أكثر من ساعة .. فهل شاهدت أماً واحدة من أمهات "شهداء" الجيش المزعومين والذين تدعي أنهم كانوا ضحايا أيضاً؟!! إذا صمتت الجهات الرسمية عن التصريح بأعداد شهداء الجيش فهل سيصمت الأهالي؟!!! لماذا لم نرَ أماً من الجيش تبكي ولدها هنا أو هناك؟!! لماذا لم نشاهد أي من أهالي "شهداء" الجيش المزعومين يجوبون الميادين أو حتى نسمع من جيرانهم عن حرقتهم على ما حدث لهم؟!!! ثم إن صمت المجلس العسكري عن "شهداءهم" المزعومين هو أكبر دليل على كذب هذه القصة واختلاقها لإلهاء الشعب عن الضحايا الحقيقيين..
تصدقين سيناريوهات خيالية لا يوجد ما يثبت صحتها ولا تصدقين التقارير والمشاهد الحقيقية الدموية التي ارتكبت بحق الثوار ثم تخرجين بعد كل هذا لتقولي: "أسوأ لحظة لما شفت ظابط بيتشد من بدلته العسكرية" ...
فلتحترق البدلة وليذهب ذلك الجندي إلى الجحيم إذا كانت بدلته وهيبته العسكرية أهم من دماء المواطن المصري ومن كرامته..
ثم ما هي وظيفة الجيش؟!! أليست حماية الوطن والمواطن ؟!!! فإذا وجدنا حامينا يقتلنا كيف لنا أن نستاء لهيبة بدلته؟! هو قد تحول من حامٍ إلى قاتل سفاح .. كان أولى بك أن تقولي: "أسوأ لحظة لما لقيت ضابط بيدهس مواطن .. بيسحل مواطن .. بيضرب مواطن .. بيشتم مواطن .. بيشير بإشارات بذيئة ويخرج عضوه للمواطن وهوا المفروض انه بيحمي الوطن والمواطن" هذا هو المشهد الذي كان يجب أن يبكيكِ دماً بدلاً من الدموع .. وليس مشهد بدلة يُجذَب منها جندي يشارك في قتل وقمع المواطنين" .. كان أولى بكِ أن تستائي ممن بث عبر القناة الأولى تصريح أحد العساكر الذين يتباكون أمام كاميرات التلفزيون ليقول "مسيحيين ولاد كلب" في أخبث وألعن تصريح عنصري وقح من منبر الإعلام المحلي ..
إنني حقاً أبكي الإنسان الذي مات فيكِ ..
"كلمة يسقط حكم العسكر كلمة مقرفة جداً"
تتحدثين عن القرف .. هل تعرفين ما هو القرف؟!!!
تريدين منا أن نُقتَل وتنتهك أعراضنا وتفقأ أعيننا ثم لا ننادي بإسقاط كل من قام بهذا؟!!!
هل تجدين في هذه الكلمة ما يدعو "للقرف" ولا تجدين في المجازر والجرائم التي ارتكبها المجلس العسكري من خلال جنوده ما يدعو للقرف والاشتمئزاز والغضب؟!!!
كم تمنيت لو أعرف بأي فطرة تعيشين؟!!! بأي منطق تتحدثين؟!!!
فطرتك شُوهت يا دكتور ومنطقك صار أعوجاً ..
الفطرة تقتضي أن "تقرفي" وتغضبي من دماء تسيل وأعراض تنتهك وحريات تعتقل وعيون تفقد النور ... لا أن تقرفي من مجرد هتاف نردده ولنا كل الحق في ترديده وسنظل نردده حتى نسقط حكم العسكر الغاشم.
(تقرفين) من كلمات ولا تقرفين ولا تغضبين من دماء وإهانات !!! يا للمنطق الأعوج والفطرة العرجاء!!
"لا أشكك في وطنية مبارك"
أريد أن أعرف ما هو تعريفك للوطنية بالتحديد؟!!!
إنك لو بحثت عن كل مفاهيم الوطنية في العالم لن تجدي منها ما ينطبق على حاكم فاسد كمبارك..
مبارك الذي في عصره تراجع ترتيب مصر في كل المجالات إلى الوراء..
في التعليم وفي الصحة وفي السياسة وفي الأدب والفن والفكر وفي الدين .. فمن هو ذلك الوطني الذي أفسد الحياة المصرية في كل المجالات ولا زلتِ تطلقين عليه وصف "وطني"؟!!
على هذا الأساس فالوطنية هي جزء لا يتجزأ وهي صفة ملازمة لكل مواطن لا تنفك عنه بخيانة ولا بفساد ولا باستبداد .. فاللص وطني والقاتل وطني وهاتك الأعراض وطني والخائن وطني .. وقد اجتمعت كل تلك الصفات في مبارك .. فلتسقط الوطنية إذا كان سيوصف بها مبارك وأعوانه..
"ايه اللي خلاك تصبر 30 سنة لما الفساد بهذا الشكل"؟!!!
فلتوجهي هذا السؤال لجيلك الذي استكان واستسلم للفساد الذي استشرى أكثر من 60 سنة ..
اسألي الجيل الذي ترك عبد الناصر يزج بالإخوان المسلمين وأصحاب الفكر المضاد له في المعتقلات..
اسألي الجيل الذي ترك اتفاقية كامب ديفيد تطبق حتى الآن رغم المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعوب العربية كلها بدءاُ من فلسطين ورغم انتهاك اسرائيل للاتفاقية بشتى الوسائل..
اسألي الجيل الذي صمت وصبر على السياسة "المباركية" التي تقدم لإسرائيل أكثر مما نصت عليه معاهدة في على طبق من ذهب..
اسألي الجيل الذي ترك السياسة المباركية تسمح للأمريكان بعبور قناة السويس بالأسلحة التي أسقطت دولة كانت من أقوى الدول العربية ذات يوم..
اسألي الجيل الذي ترك جندياً شريفاً أبياً مثل سليمان خاطر يغتال في سجنه بتهمة وطنيته وحفاظه على الحدود ولم يثر على الحاكم..
اسألي جيلك أنتِ لا جيلنا نحن.. فغالبيتنا في العشرينات والثلاثينات .. يوم أن بدأ فكرنا يتبلور قررنا الثورة على نظام أيقنا أنه لا سبيل للخلاص منه إلا بثورة عليه تهدم دولة الفساد وتسقطها تماماً حتى نستطيع البناء "على نظافة"..
"فين الفساد اللي انت دلوقتي لقيته؟! مش توريهولي؟!! مش تنستنى القضاء؟!!"
سبحان الله! أمرك عجيب يا كتور.. هل كنتِ تهاجمين فساداً (قبل الثورة) وتنادين في الوقت ذاته بالإبقاء على النظام الذي فتح الباب على مصراعيه لكل هذا الكم من الفساد؟!!!
سأخبرك أنا أين هو الفساد دون انتظار قضاء لم يأتِ لنا بحق الشهيد خالد سعيد ولم ينصف المظلوم منذ أكثر من ثلاثين عاماً..
* من الناحية الدينية والأخلاقية: تراجع دور الأزهر إلى حد الخذلان حتى صار بوقاً للحاكم يقول "آمين" لكل ما يقوله مبارك وحكومته في ظل عهد الشيخ محمد سيد طنطاوي ، وانتهجت الكنيسة المصرية النهج ذاته فصار عنوان الأزهر والكنيسة هو الآية التي كان يرددها شيخ القرية في فيلم (الزوجة الثانية): "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" .. هذا فضلاً عن انتشار الفكر الديني السعودي من خلال شرائط وفتاوى لشيوخ الوهابية الذين أدخلوا على مصر ما لم يكن فيها حين ضعف دور الأزهر.. حتى وصلنا اليوم إلى درجة أن وجدنا من يطالب بتغطية التماثيل وفرض الحجاب وينهى عن تهنئة المسيحيين بأعيادهم... وفي الوقت ذاته نجد أناساً تجردوا من كل ما له علاقة بالأديان وتحللوا أخلاقياً حتى صار السب بالدين هو الطبيعي عندهم وخرجت علينا من تتعرى دون خجل .. والعاريات والعارون في عصرنا هذا كثرسواء كان عراؤهم حسياً أم معنوياً.. إنه ليس ذنبهم بل ذنب تعليم ديني وأخلاقي لا وجود له في حياتهم بسبب نظام كامل أفسد الدنيا والدين..
باختصار لقد أفسد النظام المباركي الحياة الدينية حتى وصلت إلى حد التطرف في تطبيقه أو في عدم تطبيقه..
* من الناحية الاقتصادية : وصلت ديون مصر إلى الترليون!! ويكفيني هذا القدر من السرد فيما يتعلق باقتصادنا المنهار منذ أن حلت علينا بركات "مبارك"..
* من الناحية التجارية: وصل بنا الأمر إلى استيراد الفراولة وبعض المنتجات الأخرى من إسرائيل .. واستيراد مواد مسرطنة لتسميد الأراضي الزراعية!!
* من الناحية السياسية : وصل بنا الأمر إلى أن كان مبارك هو من غير نظام جامعة الدول العربية فيما يتعلق بدخول أمريكا للعراق في المرة الأولى .. فلقد شاهدناه في الفيديو الشهير له وهو يقود التصويت (بالأغلبية) بشأن التدخل الأمريكي في حرب العراق الأولى رغم أن لائحة جامعة الدول العربية تنص على وجوب الموافقة الجماعية في أي قرار يتخذ .. وهو نفسه الذي سمح للأسطول الأمريكي بعبور قناة السويس وهو يعلم أنها محملة بأسلحة ستضرب بها الشعب العراقي الشقيق ... إن هذا الموقف وحده يعد خيانة عظمى فما بالكِ بباقي المشهد السياسي؟!!
ألا يكفيكِ أن زوجه كانت تتحكم في كثير من شئون البلاد فيما لا يتعلق بالمجال الثقافي وحسب بل إنها كانت تأمر كبار الوزراء وتنهاهم!!!
ألا يكفيكِ أن مصر تحولت في العصر المباركي إلى عزبة يملكها من له نفوذ عند السادة الكبار؟!!
ألا يكفيكِ الموقف المخجل الذي اتخذته مصر بشأن حصار غزة؟!!
ألا يكفيكِ أن مرتبات الحرس الجمهوري المصري كانت على حساب دول عربية أخرى شقيقة؟!!
ألا يكفيكِ أن المصري صار مهاناً في كل أنحاء الوطن العربي وفي العالم أجمع بسبب مواقف مصر المهينة على كل المستويات؟!!
ألم تشاهدي القمع المباركي لكل من قال "كفاية" و "لا" لمبارك ونظامه؟!!
ألم تشاهدي قتل الثوار في الخامس والعشرين من يناير والذي ما زال مستمراً حتى الآن؟!!
ألم تسمعي عما يحدث في المعتقلات في العصر المباركي وعن اعتقال كل من تسول له نفسه قول كلمة الحق؟!! بل واعتقال من لا دخل لهم بالأمر لمجرد تواجدهم في المكان ذاته وحبسهم سنينَ طوال على سبيل الاحتياط؟!!!
إن الأمر ليطول شرحه فكل كلمة من كلامك استفزتني إلى الحد الذي حدا بي أن أكتب مقالاً بهذا الطول المليء بالانزعاج والدهشة والاشمئزاز من حديثك .. ولكنني سأكتفي بهذا القدر من الرد على سخافاتك .. فلقد مللت حقاً ..
كنت أريد الرد على مقالك "الحقير" الذي تحدثتِ فيه عن "فتاة الاستربتيز" والتي نسميها نحن "ست البنات" إلا أن الزميلة (سارة شامبونجو) قامت بهذا الواجب خير قيام..
وأخيراً أتمنى حقاً أن تستفيقي مما أنتِ فيه قبل أن يأتي الوقت لنحاكمك فيه على كل كلمة تفوهتِ بها في حق الثوار الذين ما ضحوا بأرواحهم ونور أعينهم وحريتهم إلا في سبيل حرية وطن رأوه مكبلاً بالقيود عشرات السنين .. فأرادوا أن يحرروه فضحوا في سبيل ذلك بكل ما هو ثمين ليجدوا في النهاية من يطعن في شرفهم ويستهين بأرواحهم وكرامتهم ويجعل من الباطل حقاً ومن الحق باطلاً .. ولكن أبشرك .. فقد قال لنا الله تعالى: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" .. ونحن قد آمنا بالله تعالى وعشقنا أرضه التي هي وطننا والتي أمرنا بأن نعمرها ونقيم العدل عليها .. ونحن على يقين أن الفرج قريب وأن النصر آتٍ ولو كره الظالمون ..
وأختم كلامي بالجملة التي "تقرفين" منها : "يسقط يسقط حكم العسكر"..
أميمة الشاذلي
19 صفر 1433هـ
13 يناير 2012م